ضمت الحكومة الإسبانية المشكلة في 13 كانون الثاني الحالي وزيرين شيوعيين لاول مرة منذ عودة الديمقراطية إثر وفاة الدكتاتور الفاشي فرانكو (1975)، وكانت آخر حكومة ضمت وزراء شيوعيين، قد انتهت نتيجة لانتصار الفاشيين على الجمهوريين في الحرب الاهلية الاسبانية قبل 80 عاما. والوزيران الشيوعيان هما البرتو غارثون القيادي الشيوعي ومنسق اليسار الاسباني المتحد، البرتو غارثون، الذي تولى وزارة المستهلكين، ورفيقته ويولاندا دياث، وزيرة العمل والاقتصاد الاجتماعي.ومن المعروف ان الحكومة الجديدة تشكلت من تحالف حزب العمال الاشتراكي الاسباني بزعامة بيدرو شسانشيز، وقوى اليسار الجذري المكونة من حزب بودوموس اليسار، واليسار الاسباني المتحد، الذي يشكل الحزب الشيوعي الاسباني قوته الرئيسة

وُلد ألبرتو غارثون في مدينة لوغرونيو عاصمة إقليم "لاريوخا" في شمال اسبانيا في عام 1985، وانتمى إلى الشبيبة الشيوعية، وبعدها أنظم إلى صفوف الحزب الشيوعي الإسباني وأصبح   منسقا لليسار الاسباني المتحد، وهو نائب في مجلس الشيوخ الإسباني منذ عام 2011

 أما يولاندا دياث فقد ولدت في مدينة "لاكورونيا" الساحلية التابعة لإقليم غاليثيا في شمال غرب البلاد عام 1971. هي عضو اليسار الاسباني الموحد" وكذلك في الحزب الشيوعي في الإقليم.

 ويعود آخر تمثيل للشيوعيين في حكومة إسبانية إلى الحرب الأهلية (1936-1939) في حكومتي الاشتراكيين فرانثيسكو لارغو ثم خوان ليغرين واللتين ضمتا وزيرين هما فينثيتني أوريبي للزراعة وخيسوس إرنانديز توماس للتعليم العام والفنون الجميلة. انتهى المطاف بالوزيرين كما بأعداد كبيرة من القياديين الشيوعيين الإسبان إلى المنفى عقب انتصار قوات فرانكو الفاشية.

وتعليقا على المشاركة في الحكومة، وخلال اجتماع قيادة اليسار الاسباني المتحد في 11 كانون الثاني قال غارثون: "لأول مرة في تاريخ اليسار الاسباني المتحد الذي يبلغ 33 عامًا، سيكون لدينا وزير ووزيرة في الحكومة. ويعود الفضل في ذلك إلى اعضائنا، ويمثل خبرا سارا للعوائل العاملة في بلدنا".

وأضاف غارثون:" "هذه هي المرة الأولى منذ الجمهورية الثانية (قبل 80 عاما) تتشكل حكومة ائتلافية من الحزب الاشتراكي، وقوى تقف على يساره. من حقنا الاحتفال بهذا النصر، وخاصة نشطاءنا الذين عملوا بجد ولم يتوقفوا عن القناعة بسياسة اليسار الاسباني المتحد".

اليسار الاسباني المتحد يقر المشاركة في التحالف الحكومي

وفي 11 كانون الثاني الحالي ناقشت اللجنة التنفيذية لليسار الاسباني المتحد في العاصمة مدريد التحديات التي ستواجه التحالف الحكومي، وبشكل خاص اليسار الاسباني المتحد، وقد صوت لصالح التحالف 97 في المائة من الحضور، في حين اقر التقرير الذي قدمه غارثون بالاجماع.

وأشار غارثون الى ان التحالف الحكومي التزم ومنذ البداية بالعمل "من اجل السلام والحياة المشتركة، وتحسين الظروف المعاشية للعوائل العاملة". و"هذه البلاد لديها الشروط اللازمة لوضع الأمور في نصابها الصحيح، والعيش معاً، وتحسين الظروف المعيشية للطبقة العاملة. هذه الحكومة هي فرصة وآمل ان تقوم بذلك".

وكان غارثون قد تناول في مساهمة له في البرلمان مهام الحكومة الجديدة: زيادة الحد الادنى للأجور، الغاء الاصلاح الليبرالي الجديد لقوانين العمل، تنفيذ تدابير نسوية وبيئية، توفير مساكن معقولة التكلفة، ومكافحة أوكار القمار. وهاجم غارزون الأحزاب اليمينية التي "لا تريد التحدث عن هذه التدابير وتصور بأن الحياة اليومية للأسر العاملة تعتمد على أكل الأعلام والشعارات القومية".

ولكن غارثون اقر ان ذلك لن يكون سهلا، لوجود يمين متطرف يعتمد العنف وغير قادر على الاعتراف بهزيمته وانتصار خصومه. وهذا اليمين سيستخدم كل الوسائل لافشال عمل الحكومة.  وذكر غارثون ان البديل الآخر هو حكومة اليمين بنهجها الليبرالي الجديد، والصراعات التي تفتعلها لتقوية مواقعها. وذكر غارثون أن غضب فئات الشعب يتصاعد بسبب عولمة الليبرالية الجديدة، وهذا يخلق ارضية لنمو اليمين المحافظ والمتطرف في اوربا والولايات المتحدة وامريكا اللاتينية.

لقد اثبت كتلة اليسار ان العمل المشترك لقوى اليسار أجبر اليمين على التراجع: "لدى اليسار المتحد وزيران، ولكن كل وزراء كتلة اليسار وزراؤنا، وان مشروع الكتلة مشروعنا". وان" " اليسار الاسباني المتحد ركز على الوحدة والتكيف مع الأزمنة السياسية الجديدة. في حين أن منظمات أخرى اختفت من الخريطة، وبفضل الجهود المشتركة، مارس المقاومة، وأصبح بطل للحظة تاريخية"

وشدد غارثون على ضرورة فهم المجتمع، الذي تهدده الشركات متعددة الجنسية والقوى الرجعية والشعبوية. وان الوجود في الحكومة ليس كافيا، ومن الضروري تعزيز قوة المجتمع المدني، فبدون قوته لايمكن السير بمشروع اليسار قدما، ولهذا على اليسار ان يربط بين العمل في المؤسسات والشارع.

عرض مقالات: