لا يزال هناك الكثير من حيوية النضال في أكبر حزب يساري في أمريكا اللاتينية. هذا ما عكسته أجواء مؤتمره السابع، الذي استضافته مدينة ساو باولو للفترة 2 –24 تشرين الثاني الحالي في قاعة احتفالات قديمة بناها المهاجرون البرتغاليون عام 1938. وشارك في اعمال المؤتمر 800 مندوب، سعوا خلال أيام المؤتمر الى التوصل الى الأجوبة الممكنة على الهجوم الليبرالي الجديد، والزحف العقائدي لليمين واستبداد حكومة رئيس الجمهورية الفاشي يائير بولسونار، وحجم الدور القيادي الممكن لحزب العمل في معسكر اليسار. افتتح المؤتمر رئيس الجمهورية الأسبق، والشخصية الأبرز في الحزب لويس ايناسيو لولا دا سيلفا، الذي استعاد حريته قبل أسبوعين فقط، بعد ان قضى 580 يوما في السجن بدوافع سياسية وعلى أساس اتهامات مزعومة. وتحدث "لولا" عن حزب العمل باعتباره القطب المضاد لحكومة بولسونارو. وفي الوقت نفسه، يجب ان يكون الحزب قادرا على بناء تحالفات واسعة. وابلغ "لولا" المندوبين بانه لم يرشح لرئاسة البلاد، لبلوغه عامه  الـ77.

وبأغلبية واضحة، اعيد انتخاب عضو البرلمان والمناضلة النسوية غليسي هوفمان رئيسا للحزب. وكانت هوفمان قد تسلمت قيادة الحزب في عام 2017 وسط احداث سياسية عاصفة، بعد الانقلاب البرلماني ضد الرئيسة ديلما روسيف.  ومواجهة الحزب حملات مؤسسات الإعلام اليميني لسنوات. وأكدت هوفمان في المؤتمر انها تريد التمسك بسياسة التحالفات الواسعة "لتعزيز الشخصية الديمقراطية والشعبية للحزب".  وشددت على علاقة الحزب بالحركات الاجتماعية، وان على الحزب ان يكون مستعدًا لقيادة احتجاجات جماهيرية حاشدة في الشوارع.

وقال وزير التعليم الاسبق في حكومة "لولا"، والذي خسر جولة الانتخابات الثانية امام مرشح اليمين المتطرف فرناندو حداد، "بدون اخباره الكاذبة، ما كان ليفوز بالانتخابات وسأكون الرئيس المقبل".  وان "حزبنا له جذور عميقة في البرازيل ويحظى بدعم كبير في جميع أنحاء العالم".

ومعروف ان حزب العمل البرازيلي يتألف من تيارين رئيسين، أحدهما التيار الاجتماعي الديمقراطي ذو التوجهات اليسارية، والذي يشكل اغلبية الحزب، ويدعو الى تحالفات واسعة تتجاوز قوى اليسار، لمواجهة رئيس البلاد الفاشي. اما الجناح الثاني فيتبنى إقامة تحالفات يسارية خالصة، ويدعو الى تجذير الطابع الطبقي للحزب. وأكدت نتائج المؤتمر طبيعة التوازنات القائمة في الحزب قبل انعقاده.

وشارك في اعمال المؤتمر العديد من الضيوف، من بينهم القيادية الشيوعية المعروفة، والمرشحة السابقة لمنصب نائب الرئيس مانويلا ديفيلا، والممثل المعروف للحركة الاجتماعية الاوسع في البرازيل حركة "المعدمين" غويليرم بولس، الذي هنأ أعضاء حزب العمل على مقاومة "حملة اليمين " التي تستهدف اليسار بأكمله. وطالب بولس بوحدة قواعد اليسار. وان الاختلافات أصغر بكثير من التوحد: "ضد بولسونارو وضد اليمين وضد النخبة الاقتصادية في هذه البلاد". وشهد المؤتمر حضورا لافتا لممثلي قوى اليسار في أمريكا اللاتينية وقارات العالم الأخرى.

انشقاقات في معسكر اليمين الحاكم

تتصاعد الخلافات في المعسكر الحكومي، فالرئيس لم يعد "نجم" اليمين المتفرد، ويواجه منافسة حادة من قبل كل من وزيري الاقتصاد والعدل، والمنافسة الأخطر يشكلها نائبه هاملتون موراو. من جانب آخر استقال ستة جنرالات من العمل في حكومته، وحتى كتلته السياسية التي يعتمد عليها تعاني من انشقاقات عدة. ويعاني حزب الرئيس من صراعات حادة على المال والمناصب الحكومية، بالإضافة الى انكشاف فضائح التمويل غير الشرعي للحملة الانتخابية. ولهذا غادر الرئيس حزبه، واسس تنظيم جديد، على مقاسه ومقاسات أولاده يحمل تسمية "تحالف البرازيل".

واكد باولو بيمنتا، رئيس الكتلة البرلمانية لحزب العمل التوجه الفاشي الصريح لمنظمة الرئيس قيد التأسيس. وان اسمها مستوحى من "التحالف الوطني للتجديد"، الذي حكم البرازيل في سنوات الديكتاتورية العسكرية (1964-1985). وأشار النائب اليساري إلى العلاقات الوثيقة لعائلة بولسونارو الكبيرة بمليشيات الجريمة المنظمة في ريو دي جانيرو.

عرض مقالات: