اعرب المقرر الخاص لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة إدريس الجزائري، عن "قلقه العميق" إزاء العقوبات الجديدة التي فرضتها الحكومة الأمريكية على كوبا وفنزويلا وإيران. وقال الجزائري إن فرض العقوبات لأغراض سياسية ينتهك حقوق الإنسان وقواعد السلوك الدولي، ويمكن أن يؤدي إلى "كوارث إنسانية ذات أبعاد غير مسبوقة".

وقال الخبير الأممي ان "تغيير النظام من خلال اجراءات اقتصادية يمكن أن يؤدي إلى تقليص حقوق الإنسان الأساسية والى المجاعة، ولا يمكن ان يكون ممارسة مقبولة في العلاقات الدولية ابدا". وكان قد تم تعيين الجزائري من قبل مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان كأول مقرر خاص معني بالنتائج السلبية للاجراءات القسرية الانفرادية. وفي أيار 2015 بدأ عمله وانتقد مراراً وتكراراً العقوبات الأمريكية ضد فنزويلا.

وحذر في تقرير اصدره اخيرا من "كوارث اقتصادية وإنسانية تجعل الناس العاديين قطع شطرنج ورهائن". وان ليس من المفيد حل الخلافات السياسية الخطيرة بين الحكومات بهذه الوسائل.

وقال الجزائري العمل بالمادة الثالثة من قانون "هيلمز بيرتون"، الذي يسمح لمواطني الولايات المتحدة بمقاضاة الشركات الكوبية والشركات الأجنبية، على الممتلكات التي تم الاستيلاء عليها واستخدامها بعد الثورة الكوبية في عام 1959، يتجاهل احتجاجات الاتحاد الأوروبي وكندا، ويهاجم بشكل مباشر الشركات الأوروبية والكندية في كوبا، التي تمثل المستثمرين الأجانب الرئيسيين في كوبا.

وفي نيسان الفائت منعت الولايات المتحدة البنك المركزي الفنزويلي من القيام بتعاملات تجارية بالدولار بعد 17 أيار الحالي. وتم تعليق جميع التعاملات المالية الخاصة في فنزويلا داخل الولايات المتحدة حتى آذار 2020.

ويقول الجزائري: "من الصعب فهم كيف ان الاجراءات التي تدمر اقتصاد فنزويلا، وتمنع الفنزويليين من ارسال الاموال الى وطنهم، ستساعد الشعب الفنزويلي، كما يدعي وزير المالية الأمريكي".

وفيما يتعلق بالعقوبات الأمريكية المفروضة على إيران، شدد الجزائري على أن تطبيق العقوبات بقرارات فردية خارج حدود الدول يتعارض بوضوح مع القانون الدولي. وان   "قلقاً عميقاً يساوره، فبدلا من استخدام دولة موقعها المالي المهيمن في العالم للايفاء بالتزاماتها تجاه الشعب الايراني، بموجب الاتفاقيات بشأن الملف النووي التي اعتمدتها الأمم المتحدة، تقوم بايذاء جميع الناس الذين يتعاملون معه في العالم". 

وطالب الجزائري البلدان الاعضاء في الأمم المتحدة بالاتحاد لمواجهة العقوبات "التي تتجاهل سيادة دولة وحقوق الانسان لشعبها وحقوق الدول الثالثة التي تتعامل مع دول تخضع للعقوبات، والتي تهدد السلام والأمن في العالم".

واختتم الجزائري حديثه بالقول انه يجب إجراء حوار بناء بين فنزويلا وكوبا وإيران والولايات المتحدة "لإيجاد حل سلمي يتماشى مع روح ميثاق الأمم المتحدة قبل أن يصبح الاستخدام التعسفي للمجاعة الاقتصادية الوضع الطبيعي الجديد".

تقرير أمريكي

واكد تقرير صدر اخيرا عن مركز واشنطن لبحوث الاقتصاد والسياسة، تصريحات المقرر الأممي. واشار الاقتصاديان مارك ويسبروت وجيفري ساكس في التقرير إلى أن العقوبات ضد فنزويلا ادت خلال العامين الاخيرين الى وفاة 40 ألف مواطن على الاقل. وأنها (العقوبات) تحرم ملايين الفنزويليين من الحصول على العلاج اللازم للبقاء على قيد الحياة، ومواجهة الامراض المميتة، كالعجز الكلوي، السرطان، السكري، وارتفاع ضغط الدم، والنقص المناعي. وان العقوبات تخرق القانون الامريكي والقانون الدولي.

وبعد اعتراف حكومة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب برئيس المساعي الانقلابية خوان غوايدو، ودخل العديد من العقوبات الجديدة حيز التنفيذ، تعمقت الآثار الكارثية على الاقتصاد والسكان، ووفقا للدراسة، ان هذا الواقع جعل توفير ثمن الادوية واساسيات الحياة الأخرى اشد صعوبة.

واضاف واضعو الدراسة، ان العقوبات اعاقت الانتعاش الاقتصادي في البلاد، وأنها تهدف إلى تدمير الاقتصاد الفنزويلي من أجل فرض تغيير الحكومة. وخلص جيفري ساكس إلى أن هذه "السياسة عقيمة، بلا قلب، غير شرعية وفاشلة تسبب أضرارا جسيمة للشعب الفنزويلي".

الخارجية الأمريكية تلغي قائمة نجاحات العقوبات

رفعت الخارجية الأمريكية قوائم رسمية حول "نجاح" العقوبات الواسعة المفروضة على الحكومة الفنزويلية والضرر الناتج عن ذلك على اقتصاد البلاد بعد وقت قصير على معظم المواقع الالكترونية الرسمية.

وتضمنت الوثيقة المرفوعة العقوبات الامريكية، والتأييد الدولي الذي حصل عليه رئيس المساعي الانقلابية خوان غوايدو، وكذلك "الإنجازات الرئيسية" لعام 2019. من بينها إعلان خوان غايدو المثير للجدل عن نفسه كرئيس مؤقت، وموقف العسكريين الفنزويليين الذين انتقلوا الى صف الانقلابيين، وتجميد 3.2 مليار دولار من أصول الدولة الفنزويلية في الخارج وهبوط في إنتاج النفط، الذي سبب خسارة فنزويلا قرابة 50 في المائة من دخلها القومي خلال العام الفائت.

ووصف ممثل فنزويلا لدى الأمم المتحدة صمويل مونكادا الوثيقة المسحوبة بأنها "قائمة اعترافات" بالنظر إلى كشفها مدى فخر الحكومة الأمريكية بإثارة انقلاب عسكري في فنزويلا، لتدمير النظام السياسي للبلاد، وجعل سكانها يعانون.

عرض مقالات: