بعد أيام سيحل موعد الاستفتاء بشأن التعديلات الدستورية المقترح إدخالها على بعض مواد دستور 2014، الذي وافق عليه الشعب بأغلبية كاسحة.

وقد سبق أن أعلن الحزبان الموقعان على هذا البيان رأيهما بشأن هذا الأمر المهم، والذي خَلُصَ إلى وجوب رفض هذه التعديلات، لأسباب منطقية ومبدئية عديدة، أهمها:

أولاً: إن هذا الدستور، في معظم مواده ، لم يخضع للاختبار الجاد، ولم يتم تطبيق نصوصه بإخلاص، بحيث يتم التأكد مما بها من قصور، والتثبُّت من مواده التي يستلزم تعديلها.

ثانياً: إن التعديلات المقترحة تضرب مبدأ تداول السلطة في الصميم، بفتح الباب أمام مد أجل بقاء رئيس الجمهورية في موقعه إلى عام 2030، أي لمدة 16 عاماً متصلة، وهو أمرٌ منافٍ لقيم الديمقراطية، وللالتزامات الُمعلنة منه تكراراً بأنه لن يبقى على مقعده ليومٍ واحدٍ بعد انتهاء فترة الولايتين الدستوريتين.

ثالثاً: إن التعديلات المقترحة تصب في تجميع العديد من الصلاحيات بيد رئيس الجمهورية، فهو الذى يُعَيِّن رؤساء الجهات والهيئات القضائية، ويرأس "المجلس الأعلى" لهذه الجهات والهيئات، ويُعَيِّن أمينه العام، كما أنه يُعَيِّن النائب العام، ويختار رئيس المحكمة الدستورية، و يُعَيِّن نواب رئيسها، ويُعَيِّن رئيس هيئة المفوَّضين، الأمر الذى يؤدى إلى تغوّل السلطة التنفيذية على السلطة القضائية، ويمثل عدواناً على مبدأ استقلال القضاء، ويتناقض مع مبدأ الفصل بين السلطات، ومع التطلُّعات الديمقراطية لشعبنا، التي عبَّرَ عنها بوضوح، في ثورتي 25 يناير 2011، و30 يونيو 2013، كما أنها تمثل، بشكلٍ عام، عدواناً على روح الدستور ومبادئه العامة، التي تصون الحرية وتحمى العدالة وتحقق المساواة.

رابعاً: ويرى الحزبان أن إنشاء مجلس جديد للشيوخ، بدون ضرورة حقيقية، ولا دور واضح.. يمثل إهداراً للمال العام وأمراً لا طائل من ورائه، في هذه الآونة بالذات، التي تعانى فيها البلاد من الأزمات الاقتصادية، ومن تفاقم الديون وفوائدها، ومن تردٍ ملحوظ في أغلب الخِدمات العامة الأساسيّة.

ويبقى ملاحظة أن إلزام الجماهير بالتصويت على التعديلات كحزمةٍ واحدةٍ، وفى ظل الحرص على احتوائها لموادٍ تغازل بعض فئات المجتمع بعينها، لا يستهدف قياساً حقيقياً لاتجاهات الرأي العام، بقدر ما يسعى إلى دفع هذه الفئات للتصويت بـ "نعم" على باقي مواد الاستفتاء، حتى لو كان على حساب المصلحة العُليا للبلاد.

ولا يجب أن ننسى أن طرح هذه التعديلات، يأتي مواكباً لتصاعد معاناة عشرات الملايين من الفقراء ومحدودي الدخل نتيجةً للسياسات الاقتصادية الجائرة، وفى ظل ضيق هامش حريات التعبير، وحصار المجال العام، ورغم ذلك فقد مارس الحزبان حقهما الدستوري في إبداء آرائهما في هذا الأمر المهم، بالطُرق السلميّة، وفى حدود ما هو متاح من هامشٍ للحركة.

ومع اقتراب موعد الاستفتاء على التعديلات الدستورية، فإننا نُعيد التأكيد على موقفنا الرافض لها، وندعو الجماهير المصرية، حرصاً على بناء حياة ديمقراطية حقيقية وسليمة، تسهم في حماية مصالحها، وتحسين أوضاعها الاقتصادية الصعبة، بأن تتجه إلى صناديق الاستفتاء لإعلان رفضها، وإبراز تمسُّكها بدستورها، وعدم موافقتها على هذه التعديلات لما تتضمنه من افتئاتٍ جديدٍ على حقوقها التي ناضلت من أجلها جيلاً بعد جيل.

القاهرة في : 18 أبريل 2019

الحزب الشيوعي المصري                    الحزب الاشتراكي المصري