طريق الشعب

تظاهر مئات الآلاف من الجزائريين، يوم الجمعة، في العاصمة والولايات احتجاجاً على "مواصلة بقايا النظام بقائهم في المناصب المهمة بالسلطة". كما ردد متظاهرون دعوات إزاحة "الباءات الثلاث"، مطالبين بمحاكمة الوزراء المتورطين بقضايا الفساد.

ودعا المحتجون إلى تغيير جذري، في حين أفادت تقارير بإقالة مدير المخابرات في علامة أخرى على حدة الاضطرابات عقب استقالة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة.

وكان مدير المخابرات اللواء المتقاعد عثمان طرطاق حليفاً وثيقاً لبوتفليقة الذي تنحى يوم الثلاثاء تحت ضغط من المحتجين. وبثت قناة النهار التلفزيونية الخاصة خبر إقالة طرطاق وقالت إن منصبه الذي يتبع الرئاسة حالياً سيعود ليصبح تحت إِشراف وزارة الدفاع.

في وقت تتحدث فيه تقارير إعلامية غير رسمية عن وضع بعض أقرباء الرئيس الجزائري السابق عبد العزيز بوتفليقة تحت إقامة شبه جبرية، تشير تقارير أخرى إلى وجود "صفقة" لخروجهم من البلاد، فماذا سيكون مصير عائلة بوتفليقة؟

وبعد يوم من تقديم استقالته، وجه الرئيس عبد العزيز بوتفليقة رسالة إلى الجزائريين، ذكر فيها بما قام به خلال السنوات العشرين التي تولى فيها رئاسة الدولة، طالبا "الـمسامحة والـمعذرة والصفح عن كل تقصير" ارتكبه في حقهم.

واحتشدت أعداد ضخمة من المتظاهرين وسط العاصمة الجزائرية وفي أنحاء عدّة من البلاد في أول يوم جمعة بعد استقالة الرئيس بوتفليقة، وردد المتظاهرون شعارات ترفض تولي المقربين السابقين من الرئيس المستقيل إدارة المرحلة الانتقالية، بحسب صحافيي فرانس برس.

"جمعة إزاحة الباءات الثلاث"

ورفع المحتجون في الجمعة السابعة الشعارات المطالبة برحيل النظام وبناء "جمهورية جديدة" بسواعد الشباب. وتباينت الشعارات بين ساخرة وصريحة وشديدة اللهجة، حملها المحتجون لتصب جميعها في مطلب رحيل الوزير الأول، نور الدين بدوي، ورئيس مجلس الأمة، عبد القادر بن صالح، ورئيس المجلس الدستوري، الطيب بلعيز. وطالب المحتجون بمحاكمة الوزراء المتورطين بقضايا الفساد، ورجال الأعمال المقربين من السلطة. وكانت دعوات ترددت منذ الثلاثاء عبر وسائل التواصل الاجتماعي للتظاهر مجدداً الجمعة بغية إزاحة "الباءات الثلاث".

وطالب المحتجون رئيس أركان الجيش قايد صالح بعدم التدخل في القضايا السياسية أكثر من ذلك، وتشكيل هيئة مستقلة لتنظيم الانتخابات ومراقبتها، بينما رفعوا شعار" فليرحل الجميع" وأجمعوا على "وحدة الجيش والشعب".

ويصعب تحديد أعداد المتظاهرين في وسط العاصمة في غياب إحصاءات رسمية، لكن هذه الأعداد بلغت ذروتها مع انتهاء صلاة الجمعة، وباتت تساوي على الأقل عدد المشاركين في التظاهرات الحاشدة جداً أيام الجمعة الماضية.

وعرض التلفزيون الجزائري الحكومي مشاهد مباشرة لتظاهرات مماثلة في وهران وقسنطينة، ثاني وثالث أهم مدن البلاد وكذلك في باتنة (300 كلم جنوب شرقي الجزائر). وتحدث الموقع الإخباري "كل شيء عن الجزائر" عن تظاهرات أيضاً في تيزي وزو وبجاية والبويرة، أهم مدن منطقة القبائل شرقي الجزائر. كما تحدث موقع صحيفة الخبر عن آلاف المتظاهرين في كل من الشلف وتلمسان (غرب) والوادي والمسيلة (جنوب) وسطيف(شرق).

وردّد المتظاهرون شعارات مثل "سئمنا من هذا النظام"، و"لن نسامح لن نسامح" رداً على اعتذار الرئيس المستقيل عبد العزيز بوتفليقة وطلبه الصفح عن "كل تقصير ارتكبته في حقكم بكلمة أو بفعل".

وعلى غير العادة غابت شاحنات الشرطة التي كانت تتمركز في المحاور القريبة لساحة البريد المركزي، بينما عزّزت قواتها في الشوارع المؤدية إلى مقر رئاسة الجمهورية ومبنى الإذاعة والتلفزيون في حي المرادية وكذلك شارع الدكتور سعدان حيث مقر الحكومة، بحسب مراسل فرانس برس. وجاء أغلب المتظاهرين من الولايات المجاورة للعاصمة وهي تيزي وزو وبومرداس (شرق) والبليدة (جنوب) وتيبازة (غرب).

وتدير حكومة تصريف أعمال أمور البلاد الآن وستبقى هذه الحكومة حتى إجراء انتخابات خلال ثلاثة أشهر. ولم يظهر خليفة واضح لبوتفليقة. وأوضح المتظاهرون أنهم سيرفضون أي مرشح له صلات بالحرس القديم.