بعد قرابة أسبوع من الفوضى والقلق التي سببتها محاولات تخريب شبكة الطاقة الكهربائية وتوفير المياه الصالحة للشرب في جميع انحاء فنزويلا، عادت الحياة الطبيعية في البلاد. واستطاعت الجهود التي بذلتها المؤسسات الحكومية استعادة كامل الطاقة الكهربائية تقريبا، جاء ذلك في بيان حكومي أعلن الثلاثاء الفائت.
ومنذ ظهر السابع من اذار عاش ملايين الفنزويليين في ظلام دامس. لقد عاشت فنزويلا الانقطاع الأكبر للتيار الكهربائي في تاريخها، بسبب توقف محطة سيمون بوليفار عن توليد الطاقة الكهربائية، التي تدار الكترونيا، وتحمل المحطة التسلسل الثالث عالميا. وتوفر المحطة في الظروف الاعتيادية 80 في المائة من حاجة السكان من الطاقة الكهربائية. ونتيجة لذلك تعطلت شبكة الانترنيت في البلاد، فضلا عن جميع المنظومات الكهربائية والميكانيكية. وتم اللجوء الى استخدام المضخات اليدوية لتزويد الاحياء السكنية بالماء الصالح للاستعمال المنزلي. وطبيعيا ان تتعطل شبكات الهاتف النقال، وشبكة القطارات الكهربائية في العديد من المدن. وتعطل العمل في المطار، وكذلك تعطلت شبكة التعاملات المصرفية، التي عمقت مشكلة سيولة الأموال المتداولة، ولذلك تم اللجوء الى العملات الأجنبية في التداول خلال أيام الازمة. وساد شعور لدى الكثير من السكان ان عملية الانهيار قد بدأت. وخصوصا بعد انتشار اشاعات بشأن غزو عسكري امريكي وشيك الوقوع.
في ظل هذه الاجواء نظم اليمين المتطرف المعارض حركة احتجاجات، تهدف الى السيطرة على الشوارع، وممارسة اعمال النهب (حواسم). وقد برر زعيم المساعي الانقلابية ورئيس البرلمان خوان غوايدو، في تغريدة له على التويتر، عمليات السرقة التي تعرضت اليها بعض المراكز التجارية، مؤكدا عدم شرعية التجاوز على الممتلكات الخاصة، وكذلك لا يجوز اهمال حالة الياس التي يعيشها السكان، الذين يعيشون منذ أيام بلا ماء وكهرباء، ولا يستطيعون أيضا شراء ما يحتاجونه. ولكن المراقبين من داخل المدن الفنزويلية أشاروا الى ان عمليات السرقة ركزت على أجهزة التلفاز وأجهزة الكترونية أخرى، وكذلك المشروبات الكحولية.
وسبق لوكالات الطوارئ أن توقعت، ان الحكومة ستحتاج الى أكثر من أسبوعين لتجاوز ازمة بهذا الحجم، وكذلك توقعت هذه الوكالات حدوث انفجار اجتماعي. ولم تمنح الأيام مصداقية لهذه التوقعات، وعلى الرغم من ذلك، نشرت مؤسسات الإدارة الامريكية والصقور المحيطين بترامب اخبار الكارثة.
لقد فاجأت تدابير الحكومة الفنزويلية الجميع، فبعد مرور اقل من 48 ساعة على بدء الأزمة، عادت المحلات التجارية لتفتح أبوابها، مستخدمة المولدات الكهربائية الخاصة، وبدأت التعاملات التجارية. وفي يوم الاحد بدأ تجهيز جزء من البلاد بالطاقة لمدة 4 ساعات على الأقل، بعد ان ظلت بعض المدن لمدة 72 ساعة بلا كهرباء. ومن جانبها قررت الحكومة اعتبار أيام الازمة عطلة رسمية.
وفي يوم الثلاثاء أعلن وزير الاعلام الفنزويلي يورغ رودرغيوس، عودة التجهيز الكامل بالطاقة الكهربائية تقريبا. وان بعض الإشكالات ما زالت حينها قائمة في غرب فنزويلا. وحسب معطيات الجيش تمت استعادة الطاقة في مناطق الغرب في بعض المدن بنسبة 18 و40 في المائة على التوالي، في حين وصل التجهيز في العاصمة كراكاس الى 90 في المائة.
وفي الوقت الذي بدأ فيه الضوء يعود تدريجيا، دعا زعيم المحاولة الانقلابية أنصاره الى تنظيم تجمع احتجاجي "ضد الظلام". لقد حاول غوايدو اظهار وجود له في احياء الفقراء في العاصمة، ولكن المشاركة المحدودة جدا افشلت مساعيه، وبعد تجمعات صغيرة، أنهي مستشاروه المحاولة.

لجنة عليا للتحقيق

وبعد عودة الحياة الطبيعية الى حد بعيد، شكل الرئيس نيكولاوس مادورا لجنة رئاسية، للكشف عن الأسباب الحقيقية التي افتعلت الازمة، والمسؤولين عنها. وضمت اللجنة ممثلين عن وزارة الدفاع، والداخلية والعدل ومجموعة من المختصين، والمدعي العام. بالإضافة الى خبراء من روسيا والصين وكوبا وإيران، وقد أشار الرئيس ان "هذه البلدان لديها خبرة في مواجهة الهجمات الالكترونية". وقد أكد المتحدث في وزارة الخارجية الصينية تقديم بلاده كامل المساعدة التكنلوجية.
وكان الرئيس الفنزويلي قد أعلن الثلاثاء ان بلاده تعرضت الى هجوم الكتروني في ثلاث مراحل أدى الى قطع امدادات الكهرباء والماء لخمسة أيام. وأعلن الرئيس عن اعتقال شخصين مسؤولين عن القرصنة الالكترونية. وناشد الرئيس السلطة القضائية بالتحقيق مع هؤلاء الكتاب المثقفين، الذين سببوا اضرارا جسيمة للشعب. وحمل الرئيس مسؤولية هذا التخريب كلا من حكومة الولايات المتحدة الامريكية، وممثلي المعارضة اليمينة المتطرفة.

 

عرض مقالات: