طالبت الأمم المتحدة فرنسا بالتحقيق في ملف العنف الفرط المستخدم منذ شهور ضد ناشطي حركة "السترات الصفر"، التي تطالب بتحسين الأوضاع الاقتصادية وتحقيق العدالة، وترفض عبر احتجاج متواصل سياسات هدم المكتسبات الاجتماعية التي تمارسها حكومة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، مستندة الى الأكثرية اليمينية التي تتمتع بها داخل الجمعية الوطنية الفرنسية.
طالبت المفوضة السامية لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة، ورئيسة جمهورية تشيلي السابقة ميشال باشليت، الأربعاء الفائت، خلال عرضها لتقرير أوضاع حقوق الانسان الحكومة الفرنسية بالتحقيق في المعلومات المتوفرة بشأن استخدام العنف المفرط ضد المحتجين، داعية الى اشراك أوسع الفئات الاجتماعية في حوار جدي لتجاوز الازمة المستمرة منذ قرابة 4 شهور.
وذكّرت باشليت الرئيس الفرنسي، الذي قدم نفسه في اليوم السابق في 28 صحيفة أوروبية كمدافع صارم عن "الحريات الديمقراطية"، يحق مواطنيه في التظاهر. وقد تضمن التقرير حصيلة عنف الشرطة الفرنسية، منذ اندلاع الحركة الاحتجاجية، في مواجهة المتظاهرين: إصابة متظاهر بجروح خطيرة، الاعتداء بالضرب على أحد نواب اليسار في البرلمان الفرنسي، محاكم طوارئ في باريس، واعتقال أكثر من 9 آلاف متظاهر.
ومن جنيف حيث مقر عملها، خاطبت باشليت، التي عينت في منصبها الحالي في أيلول الفائت، الرئيس الفرنسي ووزير داخليته كريستوف كاستانير، مؤكدة ان "السترات الصفر" يحتجون ضد ما يعتبرونه حرمانا من الحقوق الاقتصادية، والمشاركة في شؤون الدولة. وجاء في البيان الذي تلته المسؤولة الأممية: "نحن نشجع الحكومة على مواصلة الحوار (مع السترات الصفر-المحرر) لان "عدم المساواة"، التي سببت الاحتجاجات طيلة شهور في فرنسا، تؤثر "على جميع البلدان، وحتى في البلدان المزدهرة يشعر الناس أنهم مستبعدون من مزايا التنمية الاقتصادية ومحرومون من حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية".
وتناولت السياسية التشيلية في عرضها الى جانب عنف الحكومة في فرنسا القمع الذي تمارسه السلطة في السودان، زنبابوي، وهاييتي، ووفق رؤيتها، ان المتظاهرين لا يطالبون بشيء آخر سوى "حوار محترم وإصلاحات حقيقية". ومع ذلك يجري تجاوز حقوقهم ويواجهون "العنف المفرط والاحتجاز التعسفي والتعذيب، ووفقاً لبعض المعلومات-تلقي العقوبات خارج المحاكم".
ان ما يفهمه وزير الداخلية الفرنسي عن الناس الذين يحتجون منذ اشهر ضد سياسات الليبرالية الجديدة الضريبية والاجتماعية، وهو ما عرفه الفرنسيون خلال الأيام الأخيرة: يوجد بين المتظاهرين "حيوانات" يجب "احتجازها فورا". الاربعاء الفائت كتب على موقعه في التويتر، ان قائمة باشليت ضمت بلاده "الى جانب هايتي وفنزويلا – هل هذا معقول"؟
وبشأن ما تعرض له عضو البرلمان اليساري لويك برودهيوم من كتلة "فرنسا الابية"، الذي تعرض السبت اثناء مغادرته التظاهرة في بوردو، الى ضرب من قبل القوات الخاصة، وبدم بارد: "التواجد في تظاهرة غير مرخصة، ليس مكانا مناسبا لعضو البرلمان. استفزاز الشرطة – لا يتصرف برلماني على هذه الشاكلة".
وفي شهر شباط الفائت، شعرت مجموعة من خبراء الأمم المتحدة بالفزع من "ارتفاع عدد الاعتقالات وحجز الشرطة للمحتجين، والتفتيش الجسدي، ومصادرة الممتلكات الشخصية، والإصابات الخطيرة الناجمة عن الاستخدام غير المتناسب للأسلحة التي يزعم انها "غير مميتة". ان الدولة الفرنسية "مطالبة بمراجعة سياستها الأمنية وضمان ممارسة الحريات". وماذا حدث؟ لقد وافق مجلس الشيوخ الفرنسي على مشروع قرار يوم الأربعاء لتشديد "قانون مكافحة الإرهاب" – سبق للأكثرية اليمينية اقراره في الجمعية الوطنية الفرنسية.
وكان البرلمان الأوروبي قد ادان في شباط الفائت، استخدام الشرطة الفرنسية للرصاص المطاطي خلال تفريق المتظاهرين، مما أدى الى سقوط عدد كبير من الجرحى في صفوفهم.

عرض مقالات: