جاء التعديل الوزاري اليوم الذي طال أربعة وزراء ليثبت مدى التخبط الحكومي نتيجة انعدام وجود أرضية سياسية حقيقية تجمع الفريق الحكومي غير المنسجم، فالحكومة التي لم يمر على تشكيلها الأخير أكثر من عام تشكلت وفق سياسة الترضيات والمحاصصة، فاستمرت في نهجها المعتاد دون وجود رؤية حقيقية وبرنامج عمل فعلي، لتكون النتيجة كالعادة إما استقالة الحكومة أو تغيير وجوه بعض الوزراء.

إن التعديل الوزاري بحد ذاته ليس حلًا جذريًا، فعشرات الحكومات المتعاقبة لم ترض طموح المواطن والسبب هو النهج، فنحن في الحركة التقدمية الكويتية يعنينا تغيير النهج الحكومي الذي لايزال على ما هو عليه منذ الأزمة السياسية التي خيمت على البلاد منذ عام 2010، خاصة فيما يتعلق بعدم حلحلة الوضع الناجم عن الهجمة القمعية في عام 2014، والتعطيل المتعمد لعودة الجناسي المسحوبة وإصدار قانون عفو شامل ينهي حالة الاحتقان السياسي في البلد، وكذلك مواصلة سياسية التضييق على الحريات الشخصية منها والعامة عبر ترسانة القوانين غير الديمقراطية، والانحياز الطبقي الواضح والفاضح اقتصاديًا، حيث تبنت سياسيات اقتصادية اجتماعية متعارضة مع مصالح الطبقة العاملة والفئات الشعبية ومنحازة لمصالح الرأسماليين، وكذلك تدني كفاءتها وسوء إدارتها لشؤون البلاد وغياب الشفافية الإدارية وعدم وجود أي خطة جدية لمكافحة الفساد؛ بل حمايته والمشاركة به أيضًا، مما أدى إلى انهيار المنظومة التعليمية والصحية والتنموية في الكويت وانحدار ترتيبها في جميع المؤشرات والدراسات بشكل مخزٍ.

وبما أن هذا النهج الحكومي مازال حاضرًا ومتبعًا فإن التعديل الوزاري يظهر وكأنه عمل روتيني دوري لا يغير من الواقع شيئاً، بل يزرع الوهم والأمل الكاذب لدى المواطنين.

وترى الحركة التقدمية الكويتية أنه ما لم تكن هناك خطوات جدية نحو تغيير النهج الحكومي وتبني نهج ينطلق من الدستور وصون الحريات العامة والخاصة وتحقيق انفراجه سياسية تتمثل بالعفو الشامل وتبني سياسيات اقتصادية تصب في مصلحة أوسع الفئات الشعبية، وحل قضية الكويتيين البدون حلًا إنسانيًا شاملًا، ومكافحة الفساد، وإصلاح طريقة إدارة شؤون الدولة، ووضع خطط شاملة لحل قضايا السكن والغلاء والبطالة، وحل المشكلات المتجذرة في الدولة، فإنه لن يكون لهذا التعديل الوزاري أي قيمة حقيقية تذكر.

الكويت في يوم الاثنين 24 ديسمبر2018