في غرفة المكتبة، بالقرب من النافذة، خزانة كتب صغيرة، حين تتسلل من النافذة خيوط الشمس يرتسم على الأرض ظلها، وفي المساء مع انتشار ضوء المصباح المثبت على الجدار ينتقل إلى اليسار الظل..

 الظل..، يبتهج بصمت كلما يراها تدخل إلى غرفة المكتبة،

يراقبها وهي تقرأ بشغف تحت ضوء المصباح، يستمتع بدفء حضورها،

يشعر بنبض الحياة يتدفق منها ويلامس أطرافه الباردة،

يحفظ تفاصيل قامتها الممشوقة، انحناءة ظهرها حين تكتب، وتجعيدات أصابعها وهي تقلب صفحات الكتب.

في النهار يتبعها بحسه وهي تتنقل في الغرفة، يشاركها لحظاتها الصامتة أمام النافذة وهي تحدق في المدينة الصاخبة من بعيد.

يشعر بالغيرة من الأشياء التي تلمسها، من الهواء الذي تتنفسه، لكنه يعلم حدود عالمه.

لحظات المساء هي الأثمن بالنسبة له، حين تعود إلى الغرفة، وتجلس على الكرسي الموجود على يسار خزانة الكتب الصغيرة، يحتضنها بهدوء، يتمدد على جسدها كغطاء دافئ، يتسلق جانبيها كوشاح رقيق، يستمع إلى حوارها مع نفسها، إلى تنهيداتها..، يشعر بروحها المرهفة تبحث عن بعض السكون.

ذات صباح، استيقظت الغرفة على صمت غريب

لم يكن هناك صوت خطواتها المعتادة، ولا همساتها،

شعر الظل بشعور لم يعرفه من قبل.

الشمس تشرق من النافذة، وتلقي بأشعتها على الأثاث، لكن الضوء كان قاسيا ومزعجا بدون حضورها.

مع حركة الضوء، الظل يتمدد ويتقلص عبثا، ينتظر عودتها..

يستمع إلى اصوات الناس خارج الغرفة، يسمع وقع اقدام،

لكن أيا منها لم يكن خطواتها.

في صمت الغرفة الكئيب بقي الظل العاشق اسير ذكراها.