طرق الشعب/ لندن
في مساء يوم 23 من أيار وفي قاعة الاحتفالات في المركز الثقافي البولوني في غرب لندن، تم الاحتفاء بالشاعر المبدع عبد الكريم كاصد من قبل منظمة الحزب الشيوعي العراقي، حيث قدمه الفنان التشكيلي فيصل لعيبي صاحي لجمهور الحاضرين بالترحيب به وبالحضور الكريم مع مداخلة قصيرة عن سيرته الثقافية ونتاجه الادبي والشهادات التي حصل عليها خلال مسيرته الطويلة في عالم الأدب والشعر والكتابة من ترجمات ونقد ودراسات وبحوث تتعلق بمسار الحركة الأدبية والشعرية في عالمنا العربي عموما والعراقي خصوصا. كما عدد المواقع التي تقلدها خلال هذه المسيرة من مدرس في معهد المعلمين في محافظة البصرة لمادة الفلسفة وعلم النفس ومن ثم هروبه على جمل بعد أن اشتد إرهاب النظام السابق ضد الشيوعيين والديمقراطيين في منتصف السبعينيات من القرن الماضي، فوصل اليمن وشارك في الحراك الثقافي هناك من خلال صحافتها، ثم انتقل إلى بيروت بعد تدهور الأوضاع في اليمن، مساهما في صحافة المقاومة الفلسطينية والصحافة اليسارية والشيوعية هناك، حتى تقلد سكرتارية تحرير الثقافة الجديدة فترة من الزمن بعد ان انتقل الى دمشق، مع بداية الحرب الأهلية في لبنان ومن هناك ارتحل إلى بريطانيا مثل غيره من العراقيين الذين ضاقت بهم الأرض على اتساعها .اذا أصدر خلال هذه الفترة عشرات الكتب والدواوين الشعرية والدراسات النقدية والترجمة وكتب المسرحيات ودخل ضمن الموسوعة الأدبية للشعر العربي المعاصر في المهجر، بعد أن كان من ضمن موسوعة الدكتورة سلمى خضراء الجيوسي التي اهتمت بشعراء الوطن العربي المعاصرين.
كانت الفترة البريطانية من أخصب الفترات في حياة هذا الشاعر وأكثرها تنوعا، وأصبح واحدا من شعراء الهايكو البارزين على المستوى الدولي وحضر المؤتمرات المختلفة مساهما ومنشطا ومترجما لنصوص هذه الحركة التي اجتاحت العالم العربي والاوربي منذ بداية القرن الماضي.
بعدها جاء دور الشاعر فوجه كلامه معبرا عن شكره لهذه الالتفاتة وعن امتنانه لرفاقه الذين شاركوه الأيام الحلوة والأيام المرة. دون ان ينسى دوره في جعل الشعر أداة لرصد الأحداث وما يدور داخل مجتمعه والعالم كذلك. فبدا بقصيدة (ساراباد) وهي قصيدة رمزية يبحث فيها الناس عن مدينتهم المجهولة وما مر بها وكيف الوصول إليها وهل وصلوها أم أنها أمست خلفهم، عاكسا لوعة الترحال والتغرب والضياع، فلاقت القصيدة الترحاب والإعجاب والتصفيق من الحضور، وهذا سرى على مجمل القصائد التي تلاها، مثل قصيدة (عراقيون)، قصيدة قطار الموت المسماة باسم (القطار) أما قصيدة (مرثية إلى سلام عادل) فكانت عالية النبرة وشديدة الحزن رغم صمود بطلها الأسطوري فنالت حقها من التصفيق مع التأثير الذي بدا على العديد من الحاضرين. بعدها قرأ قصيدة (المسلة الحجرية) عن الأنصار ومعاناتهم، تبعتها قصيدة عن فنانتنا الكبيرة الراحلة زينب (صورة سيدة) وقد أدهش الحضور أيضا بزهيرياته البليغة ثم قرا قصيدة (الغرف) وما يحدث داخلها في مناطق المهمشين والغرباء وناس المدن المعزولة وأخرى عن صديق فرنسي عاش معه ايام التدريس في الجزائر وما جرى له وهي قصيدة بعنوان (رحيل مسيو كومان). وفي ختام الأمسية قرا قصيدة (الموكب) وقصيدة (أهالي صبخة العرب) وهما عن مدينته البصرة أين كان بيتهم وقتها يصف فيها أحوال الناس وأسلوب حياتهم ومعتقداتهم وظروفهم الصعبة.
وفي ختام القراءة، فتح باب الأسئلة والنقاش حيث تداخل كل من الكاتب والصحفي المعروف الاستاذ منعم الأعسم، معبرا عن سروره وإعجابه بنتاج شاعرنا المحتفى به وتمنى له المزيد من التألق والنشاط مشيرا إلى أنه فتح له كوة على جراح لاتزال تنز وأوجاع ما برحت تتردد وأماني ذهبت مع الريح. وكذلك كانت مداخلة الشاعر اليماني عمار النجار، التي تركزت على أهمية الشاعر عبد الكريم كاصد وتأثيره القوي وحتى هذه اللحظة على الشعراء اليمنيين الشباب، لما لعبه من دور عندما كان يعيش بين ظهرانيهم. وفي ختام الأمسية قدمت للشاعر باقة ورد من المنظمة ومن خلال الرفيق شوكت الأسدي وأخرى من الرفيق حميد ياسين حمدان
. فشكرهم الشاعر عليها وعبر عن امتنانه.
![]() |
![]() |
![]() |