بمناسبة يوم المسرح العالمي بودي الحديث عن تجربتنا المتميزة في مجال الفن المسرحي، وأن أهم ما يميز هذه التجربة بالمهرجان الدولي للمسرح في الصحراء، هو تنقله كقافلة مسرحية، وهذا التجوال الدائم بين القرى والعشائر والقبائل لفك العزلة الثقافية عنهم، ويحدث أحيانا أن نلتقي ببعض المسؤولين المحليين المدعين للمعرفة السيوثقافية، و الغير هاضمين للمحتوى المختلف المقترح من طرفنا عما عرفوه سابقا، إنهم لا يدركون أننا "محترفون" في مجالنا، و أننا لا نؤمن بالوساطة أو الوصاية مع أهالي كل قرية نزورها، لأنهم في حل مما يدعون من معرفة او مسؤولية، فالمهرجان فرصة لهم للدربة و التعلم في طرق التسيير و البرمجة و الادارة و حتى التنفيذ، و سبل الاعداد اللوجستي و منافذ الدعم و الأرشفة و التعاقد و الدعاية و العلاقة مع الصحافة، و الالتزام بضوابط المعاملات الإدارية و المالية و احترام القانون و الآجال و العمل مبكرا و الانفتاح نحو الآخر و احتواء كل مبدع محلي، و دعم المرأة المقصيّة ابداعيا و ثقافيا، مع المساهمة في التنمية الاقتصادية و الأخذ بيد من يستحق المساعدة خاصة بقطاع السياحة الذي يشكو عجزا منذ الثورة ثم الكوفيد.
للمهرجان شراكات وداعمين يعتز بها، من منظمات وهياكل عمومية وطنية آمنت برسالته وأهدافه، ووقوفهم بجانبه ضمان كبير لاستمراريته وبالتالي ريادته.
المهرجان لن يكون منتجعا لمن أراد السياحة من المسرحيين وطنيا أو دوليا، فلن يُستدعى اليه ولن يكون مشاركا او مكرّما فيه إلا من استحق ذلك، خاصة لكل من ساهم في إحداث فارق ثقافي بمحيطه.
المهرجان وإدارته لم ولن يكون له علاقة بالساسة والسياسة ما عدا الأطر القانونية والإدارية في التعامل والتي تحدد ذلك، فهو يحلق خارج أطر المعهود والمجتر ويقترح رؤى ثقافية وفرجوية جديدة جديرة بالدراسة الانتربولوجية.
المهرجان يتخطى الحدود الجغرافية لولاية قبلي، فهو يطل على سبع ولايات من الجنوب التونسي ويحاول الابتعاد بنشاطه التكويني عن مركزها الإداري ويذهب إلى الهامش، أين الشباب يشكو نقصا في الرعاية الثقافية والمسرحية خصوصا، ولهذا نجد للمهرجان قاعدة شبابية ضخمة من المتابعين والمعجبين بوسائل التواصل الافتراضي وحتى بالتواجد بكثافة في المخيمات أثناء الفعاليات.
بالأخير المهرجان فرصة لمن أراد التعلم والتأقلم والاستفادة، وأما من ظل على التلة، فله ذلك ولينعم بسكينة أمثولة أهل الكهف الافلاطونية عن الحقيقة الموهومة.