المناضل بالكتابة الناقد المصري رجاء النقاش (1934- 8 شباط 2008) لفت نظري أن سنة ولادته هي سنة تأسيس الحزب الشيوعي العراقي ويوم رحيله بتوقيت الثامن من شباط 1963 يوم المجزرة التي تعرضت لها قوى الخير في العراق.

(*)

  قيل عن الناقد رجاء الناقد: ينتصف لخصمه من نفسه وقالوا أيضا: دائما هو الخصم الشريف، عف اللسان إن تكلم.. عف القلم إن كتب َ. ميدانيا هو يؤمن باثنتين الاشتراكية والثقافة. وإذا سأله سائل سيخبرهُ (لستُ من المؤمنين بأن الأدب متعة خالصة لا هدف لها إلاّ أن نستمتع بها، ولست من المؤمنين بأن الأدب يمكن أن نفرض عليه وجهة نظر يعبر عنها، فلا يرى الأديب غيرها ويظل ملتزما ً بحدودها الضيقة) وإذا سألته: بماذا تؤمن؟ ستكون رده: (إنني من المؤمنين بأن الفنان الموهوب هو الذي يجمع بين القيمة الفنية العميقة والقيمة الإنسانية الكبيرة/3، / أدب وعروبة وحرية) الناقد النقّاش يراهن على الأديب الذي بساهم في تغيير الحياة نحو الأجمل

(*)

حين تجاوز العشرين بأربع سنوات، أطلق رجاء النقّاش قمره النقدي الأول في سماء الثقافة المصرية (أزمة الثقافة المصرية) ولأهمية هذا الكتاب التنويري فقد أعيد طبعه قبل فترة قصيرة. وعنوان الكتاب يعيدنا إلى كتابة طه حسين (مستقبل الثقافة في مصر) ويعيدنا كذلك لكتاب (في الثقافة المصرية) من تأليف محمود أمين العالم وعبد العظيم رمضان وفي 1963 يصدر عن المكتبة العصرية في صيدا كتاب للمفكر المصري محي الدين محمد (ثورة على الفكر العربي المعاصر). الأولية كانت لكتاب طه حسين يليه كتاب العالم وعبد العظيم وبعدهما في 1959 كتاب رجاء النقاش. وعن كتاب الناقد رجاء النقاش، يقول الناقد غالي شكري (لقد كانت المادة الفنية التي عمل عليها جيلنا جنبا إلى جنب مع المادة النقدية، وكانت المادتان مدار البحث المنهجي في أعمال رجاء النقاش ولم يكن هذا المدار هو التصنيف الكمي والاستعراض الوصفي بل استيعاب حركة الأدب والنقد الأدبي الحديث ومحاولة استخلاص القوانين الضابطة لحركة تطور كل من الأدب والنقد. أن كتاب رجاء النقاش عن عباس محمود العقاد هو اعادة حرث اجتماعية وسياسية للتربة الادبية التي أثمرت العقاد ومحاولة اكتشاف المسار الخاص الذي جسده ُ في حياتنا/ 136/)

(*)

يقارن رجاء النقّاش بين رواية محمد حسين هيكل (زينب) وبين القصص التي يكتبها يوسف ادريس عن الريف ثم يخبرنا (أية قصة ليوسف ادريس ليس فيها تمجيد القرية بظروفها الراهنة المتخلفة عن الماضي بل فيها نقد وإضاءة للجوانب السيئة التي نسعى للتخلص منها. ليس فيها غناء للقرية كما فعل هيكل. بل فيها تصوير وتشخيص.. فيها وجدان اشتراكي يريد أن يغير الواقع ويخلصه مما هو فيه من سوء) برأيّ كقارئ أن الفرق بين هيكل وادريس هو الفرق بين الطبقة البرجوازية التي كانت تطرب على أغنية محمد عبد الوهاب (محلاها عيشة الفلاح) وبين العقيدة الشيوعية التي كان ملتزم بها يوسف ادريس قبل أن ينشر روايته (البيضاء) عن تجربته في الحزب الشيوعي المصري. وقد أثار نشر الرواية لغطا كبيراً.

(*)

رأيّ الشخصي أن فاعلية الأدب عليها الانشغال بالراهن فمن خلال الراهن ندافع عن المستقبل الثقافي للوطن العائلة وهذا الحلم يراود كل رهبان وراهبات الأدب وفي مقدمتهم الناقد الشجاع رجاء النقاش. وقدوة رجاء النقاش سنعرفه من خلال كلام النقاش التالي (منذ سنوات قرأت قصة (قارئ) مكسيم غوركي وقد ظلت هذه القصة حية نابضة في قلبي منذ قرأتها إلى اليوم، ذلك لأنها تعالج موضوعا هاما هو (هدف الأدب) بطريقة ناضجة تعكس المعنى الصحيح للأدب الاشتراكي. وبطل القصة (كاتب) وجد نفسه فجأة أمام شخص غريب يناقشه. ويسأله عن هدفه من الكتابة وعن موقفه من الحياة. وبشيء من التفكير ندرك أن هذا الشخص الغريب ليس إلا ضمير الكاتب الذي يحاسبه حسابا دقيقا عسيراً من خلال مكسيم غوركي تجلت أمام الناقد رجاء النقاش وظيفة الأدب: هي مساعدة الإنسان على معرفة نفسه ودعم اعتقاده في ذاته. ولم يخرج مسار الناقد رجاء النقّاش عن هذا السياق الذي رسمه مكسيم غوركي وهذا النقاش الأمهر يرسم لنا خارطة الطريق الثقافي فأن الخطوة الأولى لنجاح تجربة الأدب العربي أن يتم التفريق (بين الدعاية لقضية من القضايا والدعوة إلى هذه القضية) هنا يخشى الناقد رجاء النقاش على الأدب من الإعلام الذي يصنع مفرقعات ملونة من الاسماء الادبية المزوقة والمهرجانات المزيفة والمطبوعات الأنيقة فقط. ولأن الرجل مثقف ميداني وليس من نزلاء الابراج العاجية فهو يصرخ فينا (الثقافة العميقة وحدها لا تكفي... والصلة بالشعب وحدها لا تكفي. بل يجب أن يحمل الأديب ثقافته ويحاول أن يعيش تجارب عميقة واسعة في الحياة الجديدة..) والنقاش يرصد مناورات التخلف الفكري وأسلحته، فقد توقفت قوى الظلام عن حرق الكتب. وبادرت بتصنيع الوعي الزائف وتأسيس مؤسسات ثقافية تورط فيها المثقفين العرب كما فعلت مؤسسة فرنكلين مع المثقف الفلسطيني الكبير توفيق صايغ وغيره والرجل برئ من الأفك الذي لا حقه هو وسواه من المثقفين العرب وكذلك هناك دائرة معارف كولومبيا التي سعت لعمل معاجم عربية توجهها جهات أجنبية، ومن جانب آخر يتضح (أن دوائر المعارف الأساسية التي تصدر في بريطانيا تهتم بالألعاب الرياضية، وتاريخ الارستقراطية البريطانية. فالمغامر القرصان تقدمه فارس شجاع. والتاجر اللص تقدمه على أنه عصامي. ولم تقصر المعاجم ودوائر المعارف البريطانية على هذه الجوانب، بل أخذت تفسر الحركات الاستعمارية وتعطيها وجها علميا وحضاريا مقبولا) والسؤال الضروري: لماذا تهتم المؤسسات الأجنبية بوضع معاجم عربية كبرى؟ سيجيبنا رجاء النقاش (أن المعاجم ودوائر المعارف هي البحيرات الأساسية التي تخرج منها الروافد المختلفة للفكر الإنساني. انهم يستطيعون عن طريق المعاجم أن يضيفوا ما يشاءون من معلومات عن الاشخاص والدول والحركات السياسية.) وأين تكمن الخطورة في ذلك؟ (لن يكون كل هذا ظاهرا مكشوفا بل على العكس سيتسلل بين الصفحات ويأخذ ثوبا علميا يصعب كشفه وتمزيقه). الناقد النقّاش هنا يفكك نص الآخر المعرفي ويقوم بحفرياته ملتقطا النوايا المشبوهة من كل هذه الجهود المطلية ظاهرها بالمعرفي والتقارب بين الشعوب وهذه اللعبة تذكرنا بسنوات الحرب الباردة بين المعسكرين الاشتراكي والرأسمالي. في 1958 نال الروائي الروسي بوريس باسترناك جائزة نوبل للآداب على روايته (الدكتور جيفاكو) بهذا الخصوص كتب رجاء النقاش: (باسترناك يكتب ويؤلف منذ ثلاثين عاما، ولكن الجائزة كانت في الحقيقة ممنوحة للنقد الذي وجهه باسترناك لروسيا في روايته.. لقد كان هذا النقد يستحق في نظر اللجنة يستحق الجائزة وأكثر من الجائزة وبهذا أصبحت جائزة نوبل ظاهرة من ظواهر الحرب الباردة لا وسيلة من وسائل أطفاء هذه الحرب) الحرب الباردة على المستوى التجاري لا وجود لها (الغريب أن التبادل التجاري يتسع بين المعسكرين في حين أن التبادل الثقافي يضيق.. أن بضائع الصين الشعبية على نطاق واسع في أمريكا. برغم عدم اعتراف أمريكا بالصين/87/ رجاء النقاش)

 

(*)

صادقتُ الناقد رجاء النقاش من خلال كتبه، والبداية كانت مع كتابه (محمود درويش شاعر الأرض المحتلة) في نسخته الأولى وأنا في الثاني متوسط قطفتُ نسختي من مكتبة (دار الكتاب) لصاحبها الأستاذ ودود. (قبل سنوات حين قصدت بغداد ألتقيتُ الرفيق ودود في مقر حزبنا الشيوعي. وكان لقاءً ساخنا بيننا بعد غياب أكثر من ثلث قرن) قرأت كتاب النقاش عن محمود درويش أعني التهمتُ وكنت سعيدا جداً. لكنني شعرت بكثير من الأسى آنذاك وكان أساي لأسباب سياسية. أعني تنصل محمود درويش عن زهرة الرمان، قبل سنوات عدت للكتاب نفسه. لمست السرعة الصحفية تغلبت على الناقد رجاء النقاش في كتابة الكتاب. وفي 1972 قرأتُ (أدباء معاصرون) كتابه الصادر عن وزارة الإعلام العراقية يتناول فيها نخبة من الأدباء العرب: لطفي السيد. طه حسين. محمد مندور. الطيب صالح. محمود درويش. سميح القاسم. السياب. أحمد رامي.  نجيب محفوظ وكان حصة نجيب محفوظ من الكتاب من ص115 إلى 185 وعنوان الكتاب وجدته في مكتبة عائلتي

(أدباء معاصرون) (جمهورية الصمت) (الأدب الملتزم) ضمن الرف الذي يحتوي مؤلفات سارتر: الوجود والعدم. الغثيان. الحزن العميق. وقف التنفيذ البغي الفاضلة. ما هو الأدب. إلخ وسألت معلمي الأول شقيقي الأكبر حين انتهيت من قراءة كتاب رجاء النقاش: أين الجواهري في: أدباء معاصرون؟ قبل سنوات عدت للكتاب لاحظت السرعة الصحفية في التأليف.

(*)

 لا أدري كم مرة عدت لقراءة (تأملات في الإنسان) وجدت الناقد رجاء النقاش فيلسوفا بمرتبة شرف وهو يسطرّ تلك اللحظات في الحياة الإنسانية وكما أعلن النقّاش في إحدى كتبه أنه كتب هذا الكتاب حين كان يمر بأزمة خاصة. ولأنه من المبدعين الكبار فقد حوّل النقاش الخاص/ الذاتي إلى حجر كريم يشع فرحا ويدربنا على الاجنحة في اللانهائي الطبعة من الكتاب صدرت في 1963 ضمن سلسلة اقرأ في القاهرة وعنوان الكتاب (التماثيل المكسورة) ثم صدرت الطبعة الثانية عن دار القلم في بيروت بعنوان (الحب لا يتكلم كثيرا) وفي 1985 صدرت الطبعة الثالثة في الرياض/ المملكة العربية السعودية عن دار المريخ بعنوان (تأملات في الإنسان) ولا أدري لماذا هذه العناوين الثلاثة لكتاب واحد!! بالنسبة لي كقارئ متابع للناقد رجاء النقاش

كنت أتمنى لو واصل الكتابة أيضا ضمن سياق كتابه الجميل (تأملات في الإنسان) فهو هنا أكثر دفئا وعمقا في تحليلاته لما يكابده الإنسان العربي.

لو واصل نمط الكتابة الاجتماعية هذه لحصلنا على (سلامة موسى) ثان وبطبعة منقحة ومزيدة.

(*)

 في عام 1963 صدر في بيروت كتاب (ثورة على الفكر العربي المعاصر) للمفكر محمد محي الدين وهو من أهم الكتب لحد الآن في نظري وليس هناك طبعة ثانية لهذا الكتاب الجريء

(*)

في كتابه (العقاد بين اليمين واليسار) كان الناقد رجاء النقاش يحفر بصبر الحكماء في المكتبة التي ألفها الرجل العصامي عباس محمود العقاد. شخصيا أنا معجب بكتاب العقاد عن (خوان خيمنيز) وكذلك مؤلفاته عن شخصيات مثل (أبو نؤاس) و(ابن الرومي) و(ساعات بين الكتب) لكنني أستغرب من سعارهِ ضد الفكر الماركسي فقد كانت كتبه محض شتائم شوارع.  هذه الأمور وغيرها يتناولها رجاء النقاش بشفافية وخصوبة تأويل وبأمانة نقدية..

(*)

 في كتابه (لغز أم كلثوم) كان النقاش على رأس الوفد الذي ذهب مع أم كلثوم لأحياء حفلاتها بدعوة موجهة من وزارة الثقافة السودانية. يتعجب النقاش من حب الشعب السوداني لشعر عباس محمود العقاد ويعتبر هذا التعلق ظاهرة تستحق التعليق!! والسبب كما يرى رجاء النقاش أن (الرأي العام الأدبي في أغلبه يعتبر العقاد كاتباً أولا وقبل كل شيء ويعتبر شعره عملا ثانوياً أقل بكثير من نتاجه الفكري والثقافي/ 48)

(*)

(قصة روايتين) يتناول اللغط الذي تعالي حول الروايتين (وليمة لأعشاب البحر) للروائي السوري حيدر حيدر و(ذاكرة الجسد) للروائية الجزائرية أحلام مستغانمي. دراسته عن الروايتين تشكلان القسم الأول من الكتاب

أما القسم الثاني من الكتاب: (بحث عن أثر الحزبية السياسية في الأدب)

في هذا القسم من الكتاب يؤكد الناقد رجاء النقاش أن الحزبية الأدبية ظهرت في القرن العشرين بتوقيت المذاهب السياسية الكبرى وهي: الشيوعية والفاشية والنازية والديمقراطية وقد استطاعت هذه المذاهب الكبرى أن تنشئ لنفسها أحزاباً قوية تسنمت السلطة وأن يكون لكل مذهب أدبا يلتزم بها، لكن الناقد رجاء النقاش في نفس الوقت يعلن (من الأمانة النظرية هنا أن نسارع فنقول إن الشيوعية من الناحية التاريخية والإنسانية لا يمكن وضعها في مستوى واحد مع النازية والفاشية. فقد كانت الشيوعية في البلاد التي أخذت بها وعلى رأسها الاتحاد السوفيتي أطول عمراً وأكثراً تأثيراً وأعمق جذوراً وأوضح في أهدافها الإنسانية التي تتلخص في الانحياز إلى الفقراء والدفاع عنهم ضد الظلم والاستغلال فالشيوعية ولا شك في أي مقياس علمي وإنساني أمين ودقيق هي أرقى وأرفع.../   100)

(*)

في كتابه المطبوع بعد وفاته  ضمن سلسلة مجلة دبي الثقافية  بعنوان (مقالات رجاء النقاش) ط1/ شباط / 2008 نقتطف هذه المعلومة من الناقد النقاش وهو يتوقف عند (نبوءة طه حسين)  ليخبرنا أن طه حسين من كبار أصحاب الأفكار التي تسندها عاطفة قوية وأفكاره ليست باردة ولا مترددة ولا هادئة وعندما يقتنع طه حسين بشيء فهو يدافع عنه بحرارة وقوة وانفعال، وقد صاح طه حسين صيحتين قويتين كبيرتين عندما ألتقى لأول مرة بموهبتين عظيمتين من مواهب الأدب العربي المعاصر(الصيحة الأولى فكانت في سنة 1933 عندما قرأت مسرحية (أهل الكهف) وهي المسرحية الأولى التي نشرها توفيق الحكيم وفي ذلك الوقت لم تكن الحياة الأدبية تعرف شيئا عن توفيق الحكيم وعندما صاح طه حسين صيحته العالية بالإعجاب والحماسة لتوفيق الحكيم ومسرحيته، أصبح توفيق الحكيم نجما من نجوم الأدب وانتقل بين يوم وليلة بفضل صيحة طه حسين من المجهول إلى عالم الضوء الساطع/ 203) والصيحة الثانية بعد أن قرأ طه حسين الجزء الأول من ثلاثية نجيب محفوظ(بين القصرين) وكان  أمام هذه الرواية يقف طه حسين سعيداً ومفتونا بالرواية وكاتبها النابغ، والذي كان قد أصبح معروفا في الاوساط الأدبية

(هذه قصة رائعة للأستاذ نجيب محفوظ، فقد أتيح له في هذه القصة البارعة نجاح ما أرى أنه أتيح مثله لأحد من المصريين، فلأقدم تهنئتي إذا كأصدق وأعمق ما تكون التهنئة ولأقدمها إليه بلا تحفظ ولا تحرج فهو جدير بها حقا)

وفي السياق نفسه ونقلا عن نجيب محفوظ نفسه في حوار معهم أجرته الصحف العربية أكد أن المفكر الإسلامي سيد قطب آنذاك وبعد قراءته للثلاثية قد بشرّ نجيب محفوظ أن روايته هذه تستحق جائزة نوبل.

(*)

في الثلث الثالث من القرن العشرين، تحديداً أوائل السبعينات، يشارك الناقد رجاء النقاش في أمسية أدبية في القاهرة، يدير الأمسية الروائي يوسف السباعي. فجأة يصرخ السباعي في وجه الناقد رجاء النقّاش: أنت تريد تقتلني

مندهشا وربما اعتورت النقاش أشياء تفوق الدهشة، لكنه خاطب المسؤول الكبير في الحكومة الروائي يوسف السباعي: أعوذ بالله. أنا إنسان مسالم، أكره العنف حتى لو كان هذا العنف في سبيل الحق والعدل. أنا لا أستطع قتل بعوضة أو نملة، لماذا تتهمني بهذا الاتهام الفظيع؟

السباعي والغضب مازال يسيطر عليه: أنت لا تكف عن الكتابة حول نجيب محفوظ وأدبه، بينما تتجاهلني تماما، أليس هذا محاولة لقتلي واصراراً منك على هذه المحاولة؟ يجيبه رجاء النقّاش: أنك رجل مسئول وصاحب نفوذ واسع وخطير فإذا مدحك ناقد قيل عنه أنه ينافق ويجاملك وإذا هاجمك ناقد فأنه يحس في أعماقه بالاضطراب والخوف. هذه المحاورة المحتدمة بين النقّاش والسباعي، اقتطفتُها أنا كاتب السطور من كتاب للناقد رجاء النقاش (في حب نجيب محفوظ) ولديه كتاب آخر (صفحات من حياة نجيب محفوظ)

وهذا الكتاب استغرق سنة كاملة من التحاور بين محفوظ والنقاش وكان التحاور ثلاثة أيام في الأسبوع وكل يوم ثلاث ساعات. وصوتيا بسعة خمسين ساعة. وبمساعدة فريق عمل..

(*)

نعود (للمشاجرة) التي لم تكن مرتجلة من قبل الروائي يوسف السباعي. يظهر أنه كان يرصد انشغالات النقاش بكل ما يكتبه نجيب محفوظ. وكان السباعي يستفزه هذا التكريس من ناقد مثل رجاء النقاش الذي كان من النقاد البارزين.. الروائي يوسف السباعي لماذا يصرخ بوجه رجاء النقاش وأمام الأدباء: أنت تريد أن تقتلني؟ لماذا استعمل (تقتلني) وليس فعلا آخر؟ هل لأنه السباعي من الضباط الكبار؟ أعني مفردة القتل ضمن قاموس العسكر؟ أو كان الأمر غلطة لسان، فيها يكمن فعل القتل إذ بعد قرابة عقدين من السنوات سوف يقتل الروائي العسكري لأسباب سياسية. القتل نفسه كاد ينوش نجيب محفوظ بعد ثلث قرن من نشر روايته (أولاد حارتنا)

المصادر

مؤلفات رجاء النقاش

  • مقالات رجاء النقاش/ تقديم ناصر عراق/ كتاب دبي الثقافي/ ع16/ ط1/ 2008
  • لغز أم كلثوم/ الهيئة المصرية العامة للكتاب/ ط1/ القاهرة/ 2009
  • في حب نجيب محفوظ/ دار الشروق/ القاهرة/ ط1/ 1995
  • صفحات من مذكرات نجيب محفوظ/ دار الشروق/ القاهرة/ بلا تاريخ
  • تأملات في الإنسان/ دار المريخ/ الرياض/ ط3/ 1985
  • أدباء معاصرون/ وزارة الإعلام/ ط1/ بغداد
  • الدكتور غالي شكري/ سوسيولوجيا النقد العربي الحديث/ دار الطليعة للطباعة والنشر/ بيروت/ ط1/ 1981

 

عرض مقالات: