بات من المتفــق عليه، وبالإجماع على ما نعتقد، بأن من اهم وأبرز ما يميّز الاصدارات الدورية هو اسماء كتابها، والناشرين فيها.. وهكذا نقيس الأمر على مجلة "البديـل" التي صدرت منبرا نابضا لـ "رابطة الكتاب والصحفيين والفنانين العراقيين الديمقراطيين" (الرابطة، لاحقا) التي عقدت مؤتمرها التأسيسي في بيروت أواخر كانون الثاني 1980 وضمت في صفوفها عشرات من المبدعيــن، من مختلف الاختصاصات والاهتمامات، الذين اضطرتهم اعتقالات وملاحقة السلطة البعثية الحاكمة في العراق، وارهابها للفرار – المؤقت على الاقل-  بسبب مواقفهم وآرائهم، ونشاطاتهم الهادفة للتنوير، والرافضة للقمع الممنهج، وامتهان الحقوق والحريات الانسانية في بلادهم (1)..

    استمر مركز "الرابطة" وتشيكلاتها بإصدار مجلة "البديل" التي راحت وعلى مدى سنوات 1980-1991 صوتاً ثقافيا تنويرياً هادفا، ليس عراقيا وحسب، بل وعربياً، كما سيتبيّن ذلك من الاستعراض اللاحق للأسماء اللامعة التي نشرت في لمجلة مساهمات متنوعة: مواقف سياسية، وكتابات فكرية، وبحوثاً ودراسات قصيرة، عنتْ بالعديد من الرواهن الملحة آنذاك..

    لقد جاءت اعداد "البديل" غنية متطلعة، مع التفاوت طبعا، بين محتويات الاعداد الاولى، والاخيرة، ليس في عدد الصفحات والمشاركات وحسب، ولكن ايضا في نوعيات المواد المنشورة، مما يؤشر – بهذا القدر او ذلك- لبعض تراجع في الحماسة لـ"البديل" وبدءا من اواخر الثمانينات، لأسباب موضوعية من بينها توزع الكتاب والفنانين والصحفيين العراقيين في المزيد من المنافي، واستمرار تعقّـد الاوضاع في البلاد، والتغيرات العالمية بعد انهيار الانظمة "الاشتراكية" في بلدان شرق اوربا، وانحسار فعاليات التضامن العربي والانساني.. اما الاسباب الذاتية فمن اهمها – كما نظن- اختلاف وارتباك الآراء والرؤى، والقنوط والتماحك والمناكدات والتشابكات في مواقف الاعضاء من هيكلية "الرابطة" عموما، ومن مسيرتها، والتجاذبات بشأنها..

   وفي عودة لثلاثة عشر عددا متوفر عندنا من مجلة "البديل" من اصل سبعة عشر(2) يمكن توثيق مساهمات سياسية وثقافية وابداعية لجمع كبير نسبيا من المبدعين والمثقفين، منهم العراقيون، بحسب حروف الهجاء، مع حفظ المكانات والمواقع: ابراهيم احمد، ابراهيم الحريري، برهان شاوي، ثابت المشاهدي، جبار ياسين، جمشيد الحيدري، جنان جاسم حلاوي، جواد بشارة، خالد بابان، زهير الجزائري، زهير ياسيـــن شلبية، سالمة صالح، سعدي المالح، سعود الناصري، سلام ابراهيم، سمير سالم داود، شاكر الانباري، شاكر لعيبي، شمران الياسري، صالح كاظم، صلاح الحمداني، ضياء مجيد، عادل العامل، عارف ولي، عامر بدر حسون، عرفان عبدي، على احمد محمود، على كامل، غائب طعمة فرمان، فاضل الربيعي، فاضل السلطاني، فاطمة المحسن، فاضل سوداني، فالح عبد الجبار، فيصل لعيبي، قاسم الساعدي، قاسم حول، كاظم حبيب، كامل شيــاع، كريم دحام، كريم عبد، مجيد الراضي، محمد حسين هيثم، محمود البياتي، محمود صبري، مصطفى عبود، مفيد الجزائري، ممتاز كريدي، منعم الفقير، موسى السيد، نائل الحيالي، نجم والي، هـــادي العلوي..

     اما الشعراء الذين نَشروا في اعداد مجلة "البديل" موضع هذا التوثيق فهم: أنور الغساني، حميد الخاقاني، حميد العقابي، جليل حيدر، سعدي يوسف، شوقي عبد الامير، شيركو بي كه س، صادق الصائغ، رعد مشتت، رفيق صابر، عبد الكريم كاصد، عواد ناصر، فائز الزبيدى، فائز العراقي، فاضل العزاوي، كامل الركابي، كريم عبــد، محمد سعيد الصكار، مخلص خليل، مصطفى عبد الله، مهدي محمد علي، نبيل ياسين، هاشم شفيق.

    كما كان هناك جمع كبير اخر من المبدعين والمثقفين العرب (او من البلدان العربية) الذين كتبوا، للبديل، وفيها، وهم، وايضا بحسب حروف الهجاء، مع حفظ الالقاب والمكانات:  ادونيس، اسماعيل حسن حسو، الياس خوري، براء الخطيب، حميد المازن، حيدر حيدر، حيان السمان، جورج ابراهيم،  خلدون زيبو، خيري الذهبي، زكريا شريفي، سعد الله ونوس، سعيد حوراني، شوقي بغدادي، صالح علماني، صبحي دسوقي، عبد الله طاهر، عبد الرحمن بسيسو، عبد الرحمن منيف، عبد المعين الملوحي، على الجندي، علي عبد العال، غالب هلسا، غالية قباني، غسان زقطان، فواز طرابلسي، فيصل دراج، محمد بنيس، محمد دكروب، محمد عزيز ظاظا، ممدوح عدوان مها بكر، نيروز مالك،  يمني العيد..

    لقد تنوعت المشاركات المنشورة في اعداد مجلة البديل، وتداخلت بين الشأن السياسي والثقافي، والمواضيع الفكرية، والتوثيقات التاريخية، والمقابلات، والنصوص والكتابات الابداعية، والتخطيطات التشكيلية، والترجمات  وسواها. (3)  الى جانب تغطية وتوثيق نشاطات الفروع في مختلف المدن والعواصم العربية والاوربية وغيرها، وحيثما كان هناك مبدعون ومثقفون وكتاب وفنانـــون وصحفيون عراقيون، ديمقراطيـــون، يقيمون او يعملون أو يــدرسون.. 

     ان التوقف عند اسماء المشاركين في الكتابة لمجلة "البديل" والنشر فيها، المشار لهم في ما سبق من سطور - وجمعٌ منهم له أكثر من مساهمة بل ومساهمات - نقول: ان لذلك التوقف والتوثيق أكثر من مؤشر ومغزى، ولا سيما حين يتبيّن التنوع، وما يحمله اصحابه من آراء ومواقف ومفاهيم مختلفة، وربما متقاطعة حتى، حول مهمات المثقفين، وادوارهم التنويرية والسياسية، والاطر التي يجب على منظماتهم تبنيها، وسبل متابعتها، وشفافيتها وما الى ذلك. وقد حملت بعض اعداد "البديل" مناقشات وتصورات جدية، وملموسة، حول تلكم الشؤون..   

    وبرغم الاعلان والتوجه والسعي بأن تكون "البديل" مجلة فصلية الصدور، الا ان واقع المنفى، وظروف التحرير، واسباب اخرى حالت عدة مرات دون التمكن من الالتزام بمواعيد صدورها، الفصلي كما هو مقرر.. وهكذا لم يصدر منها غير 15 عددا في 10 اعوام. مع تباعد الفترة الزمنية بين عدد وآخر لعدة شهور احيانا، برغم الجهود المبذولة..

   ان كل الحديث اعلاه عن "البديل" ليس باحتسابها مجلة فقط، بل انه يؤشر ويشير الى جملة محطات في تاريخ ومسيرة تلك "الرابطة" الثقافية العراقية في المنفى وبلدان الاغتراب الاضطراري، وغيره، والتي لعبت دورها المناسب والممكن في ما هدفت اليه (4).. ومن الطبيعي انه كان من الافضل لو جاءت هذه التأرخة بشمولية أكبر، وتفاصيل أكثر، مثل تبويب المواد المنشورة بحسب محاورها، وتسلسلها الزمني، واماكن اقامة الكتاب والمساهمين، بل وحتى فهرسة المواد المنشورة وتبوبيبها. وعسى ان يسمح الوقت، وتتوفر الظروف لا تمام ذلك في فترة قريبة قادمة، الا إذا سبقنا الأنشطون في ذلك المنحى، والمسعى..

   ختاما وبرغم التصور بأن موادا عديدة ضمتها صفحات "البديل" قد أعيد نشرها في العراق بعد سقوط النظام الدكتاتوري عام 2003 ولكن بقيّت هناك في ذات الوقت مساهمات وكتابات ذات اهمية تاريخية، وجدلية، من المهم ان تتصدى لإعادة نشرها مؤسسات معنية، ولربما أولها الاتحاد العام للأدباء والكتّاب في العراق، لأنه الاقرب واقعا للرابطة، ولمجلتها "البديل". ومع كل التقدير للانشغالات برواهن أخرى، غير ان في التراث - كما هو معروف- تجارب لا غنى عنها، وذلك ما يدفع للتأكيد على اهمية اعادة النشر، وعلى الاقل للمساهمات الأكثر تميزا، وما أكثرها في المجلة التي نعني: "البديل"..  

* هوامش واحالات: ----------------------------------------------------------------

1/ أطلقت الرابطة باسم” رابطة الكتاب والصحفيين والفنانين الديمقراطيين العراقيين" في مؤتمرها التأسيسي ببيروت عام 1980 وبعد عشرة اعوام، وفي المؤتمر العام الثالث للرابطة (برلين 1990) تم تغيير الاسم الى "رابطة المثقفين العراقيين الديمقراطيين"..

2/ ثمة عددان ناقصان في هذا الاستعراض، هما: السادس والحادي عشر. كما ان العدد الاخير جاء مزدوجا وحمل الرقمين (16- 17) وصدر عام 1991 دون تثبيت شهر الاصدار. اما العدد الرابع فهو عدد مفترض، كان جاهزا للصدور صيف عام 1982 وقد أحتسب شهيدا بعد احتراقه خلال الغزو الاسرائيلي للبنان في ذات الفترة..

3/ غالبية اعداد المجلة كانت بنحو 180 صفحة، من القطع المتوسط، وبحروف صغيرة في الاعداد الاولى خاصة، بينما صدرت اعداد اخرى بحدود 140 صفحة..

4/ وهنا دعوة اضافية للرواد والمؤسسين، خاصة، باتجاه السعي لتوثيق محطات عن مسيرة "الرابطة" ونشاطاتها، والادوار التي لعبتها في التأطير والتحريك، ونشر الثقافة الوطنية المضادة للـ ” ثقافة" البعثية..

 

عرض مقالات: