مَن منا لم يسمع الاغنية الشهيرة “ خطار عدنا الفرح “ من كلمات الشاعر العراقي “ عزيز السماوي “ ويلاحظ صدى كلماتها الاخّاذ حتى انتشرت عربيًا ، ربما لا يعرف الجميع ان خلف هذا الابداع الكثير من قصص النضال والكفاح السياسي والاجتماعي ضد الزمر الظلامية والديكتاتورية تتوجت بخروجه من وطنه العراق الى المنفى ، حيث قاسى مرارة الغربة وويلات الالام والمطاردة المستمرة من المخابرات البعثية .
عزيز السماوي تجربة فريدة في شعر العامية العراقي ، اذ مثّل صرخة الاضطهاد المدوية بحداثة غير مسبوقة ، وتميز بلون فريد من بين كل رواد الشعر ضمن المدرسة “ النوابية “ واخذ على عاتقه الدفاع عن المظلومين والحقوق المسلوبة في القصائد بلغة بسيطة قريبة من الانسان العراقي ، تمتزج فيها أملاح الريف ولهجة الجنوب بلهجة المدن ، يضاف لها الصور الشعرية الموحية التي استخدم فيها عناصر الطبيعة بين الارض والماء والسماء بالاضافة الى توظيف الصور الشائعة بطريقة مختلفة تجسد اوسع افاق الحداثة الشعرية ممتزجة بالغموض والقولبة المتنوعة للمفردات خاصة وان تركيب الجملة الشعرية لديه يتصف بتدوير الجناس بإسلوب عذب وموسيقى جميلة تمر فيها الابيات على سمع المتلقي بإنسيابية عالية ونَفَس طويل ربما “ للإسترخاءالنوابي “ اثر بالغ فيه كان للسماوي طريقته في تمثيل النضال في قصائده بهيأة درامية كما في السرد الروائي بصياغة لغوية تتوهج فيها الرقة والاحساس والشفافية ، وهو لا يهتم للضبط التقليدي للاوزان بقدر التركيز على عذوبة المفردة ورقة التعبير وهو ما تتطلبه القصيدة الحديثة .
اننا لا نبالغ ايضًا اذا ما ابرزنا ريادة السماوي عزيز في الشعر الملحمي الشعبي العراقي والذي سطر فيه اروع الابيات بقصائد ملحمية طويلة محبوكة بفن حداثوي وتفرد يبرز في بعض معالمه هموم وجودية واستفهامات انسانية تظل مبهمة في رحلة البشر المليئة بالعذاب والمحن.
للسماوي ثلاثة دواوين: أغاني الدرويش (1973)،لون الثلج والورد بالليل (1980)،النهرالأعمى (1995)
وهو من مواليد 1948 الديوانية ، وقد توفي في لندن ودفن هناك.

عرض مقالات: