الى صديقي الحميم القاص والروائي : محمد عبد حسن

 أحاول ُ أن أتقدم ولو نصف خطوة ضمن مشغلي في القراءة المنتجة،من خلال تنضيد أنسجة السرد في(حارس الموتى) للروائي اللبناني جورج يرق، وقد أستهوتني مهارة يرق السردية وسأطلق على الأنسجة تسميات وحدي أتحمل مسؤوليتها ، وبعدها أتوقف عند كل نمط سردي حسب قدراتي :

*السرد المتزامن

*السرد المحتمل

*سرد المستقبل

*سرد الشفرة الطبية

*مرآوية السرد الصوتي

*تدوير سرد الذهب

*سرد الصمت

*الإستقواء بالسرد

(*)

مَن يسرد المصادفة في حياتنا..؟! والأصح مَن يخطط ويدسها/ يقحمها كضرورة في روزناماتنا..؟!ألا تعتبر المصادفات أفخاخاً لنا، تلهو بها الضرورة، لتنفض الضجر عن رتابتها؟!

وحين نقشر المصادفة، ستكون نواتها جبراً مطلقاً  لافكاك منه، وبشهادة عابر ذلك الصياد المسالم / السارد المحوري في (حارس الموتى) للروائي جورج يرق: (كُتِب عليّ العيش قلِقا منذ حادثة الأستاذ، وقررت المواجهة. لم يكن في اليد حيلة/ 297) ومثلما خطفوا الاستاذ في ضيعة لبنانية في الصفحات الأولى من الرواية، وتركوه مدّمى الوجه، فبعد مرور سنة تقريبا سيخطف آخرون في بيروت عابراً، ويفرغون في جسده ثلاث طلقات ويتركونه، مقيد الأطراف والفم ..تحت جسر، على ضفة نهر يمر بمنطقة صناعية، مغموراً بالماء حتى الخاصرة وهذا الجسر، مطمر صحي للجثث:(التي يذهب أصحابها ضحايا السرقات وتهريب المخدرات وتصفية الحسابات الشخصية) وآخر ما يخبرنا به عابر الصياد هو (بين الحياة والموت، رحت أنادي بعينيّ المرتجفتين ظلال العابرين على الجسر/ 304) كأن عابراً وهو خريج قسم الفلسفة، يتلقى الدرس الأخير من كهف إفلاطون ؟! وبالمصادفة !! وهكذا تنغلق دائرة الرواية بالخطف الذي ابتدأت به . والزمن الروائي يتأفق بسنة واحدة، بشهادة عابر نفسه في ساعاته الأخيرة(في مثل هذه الأيام من السنة الماضية، عشتُ متشردا.../289)..

(*)

في هذه الرواية الماتعة (حراس الموتى) رغم استعمالها لضمير المتكلم المشارك، لكنها تحتوي شبكة سرديات متنوعة توزعت بدقة متناهية، مما جعل أسباب التشويق تعانق إستجابة المتلقي حتى الصفحة الأخيرة من الرواية..تحاول قراءتي المنتجة الاشتغال على تنضيد تنويعات السرد

(*)

مايجري في الرواية هو الممكن والمتوقع وكل شيء ممكن ومتوقع في الحرب والسلم

 هل هذا هو القدر المصنّع أيدلوجيا، أم هو القدر الهابط علينا كسردية جبرية ؟ وهل نحن ضحايا؟ أم ممثلون في هذه المسرحية الفكاهية الدامعة العينين من الألم ..؟

(المصادفة وحدها مسؤولة عما أعانيه الآن/ 7) من هذه الوحدة السردية الصغرى، يتشكل السطر الأول من الصفحة الأولى في الرواية. ومن المصادفة ينبجس أنين مجهول ، ومن الأنين ينهض وجه مدّمى ، والدم يسرد غموضا وينتج شفرة ملتبسة لوجه الرجل الضحية في مكب النفايات على جانب شارع ريفي . والنداء الوحيد الذي يطلقه صاحب الوجه المدّمى وهو يحاول الهجوم على الصياد السارد ينتج إلتباسا لديه (ما إن استدرتُ حتى سمعت ُ حركة، وإذا برجل وجهه مغطّى بالدم يهجم عليّ وفي يده قضيب.أهرب .يلحق بي غاضبا : هادا إنت يا ابن الشرموطة../9)..هنا سيشعر السارد العائد من رحلة صيد بخطر وحيرة ومحنة، وبشهادته

(لم يسبق لي أن مررتُ في مثل هذه التجربة) وهذه المصادفة الدمائية ستنتج أسئلتها لدى الصيّاد السارد وهو يهرول مبتعدا وأهمها (من هو هذا الرجل الذي على مايبدو، يعرفني شخصيا، وإلاّ فما المقصود من قوله،، هادا أنت...؟،،/ 10) ومن هذا السؤال يتدفق سؤال الصيّاد :(وفي قوله هذا أتهام لي باقتراف سوء لستُ أعرف ماهو..) وهنا سيخبرنا السارد بمحنته (مايشغل بالي هو قوله،،هادا إنت ..،، إنه يعرفني/ 11) ومن (يعرفني) تنبجس أسئلة ..(هل يعرفني من كاراج الحدادة والبويا الذي يملكه ابن خالي، وأعمل فيه خلال عطلة الصيف ؟ هل رآني في محل البليارد والفليبيرز حيث أتسلى أحيانا؟ هل رآني أقرأ الجريدة في المقهى الذي يتحول ناديا للقمار في الليل ؟/ 11).. المشكلة، أن عوامل متحالفة، تسببت في عدم معرفة الضحية

أولها اللامتوقع، ثانيها : الدم الذي سردَ قناعا دمائيا للوجه، ثالثها : المفاجأة والخوف ،، منعاني من التحديق فيه،، وهناك مؤثرية الطبيعة (كذلك أبهرتني أشعة الشمس التي أوشكت أن تغيب، فجعلت الرؤية صعبة../11) ثم تتهاطل الهواجس المرعبة على الصياد..تلك الليلة والصياد في فراش النوم في غرفته العائلية،تأرق جدا وهو يسترجع نداء الضحية،، هادا إنت..،،

(*)

 الضرورة في الفصل الثاني، هي مفتاح مصادفة الفصل الأول، وإذاكان الصيّاد هو سارد الفصل الأول، فسارد الفصل الثاني هو المشارك بالجريمة، وبشهاد الصيّاد/ السارد الأول (هذا كله أسّر لي به، البحّار في اليوم التالي، بعدما استحلفني الاحتفاظ بالسر /22)

 

(*)

 كقارىء أرى أن المعلم لم يتعلم من الدرس الأول حين(فصل الى مدرسة الضيعة لقربها من ضيعته، بعد وساطة مرجع عال في السلطة /17)..وهاهو يؤذي نفسه بيديّ خصومه،فهو (يشتم حزب السيادة على مسامع تلاميذه في الصف وزملائه في قاعة الاجتماعات، ويتّهمه بالتخلف والتعصب وضيق الأفق ويصف زعيمه بالعميل /17)

 

(*)

ما يهمنا هو التزامن السردي بين لحظة الصيد ولحظة خطف المعلم ، وسيقوم الصيّاد بتصنيع التزامن السردي :(ربط كل فصل من فصول عملية الخطف. بما كنت أفعله أنا في الوقت نفسه تقريبا خلال وجودي في السهل/ 22) وما سيقوم به الصيّاد هو منتجة السردين سينمائيا :

*(عندما رأيتُ الأستاذ أو بالأحرى عندما رآني هو وحاول الانقضاض عليّ، كان البحار يشرب القهوة عند بيت عمتّه، حيث كانت عملية الخطف حديث المجتمعين/ 22)

بعدها سيتقمص السارد الصيّاد، دور السارد العليم، وهذا الدور ناله الصياد، من خلال مسردة البحار لماجرى في بيت عمته، فالبحار كما يخبر أخاه بالرضاعة الصيّاد (لم يشارك البحّار في الحديث إلاّ قليلاً. فضّل الاستماع /23) وكانت مؤثرية التلقي في صالحه( كان بينه وبين نفسه يتباهى متى روى أحدهم شيئا عن العملية، مضفيّا على الحكاية بعض البطولة) هنا سنحصل على سرد ثان لعملية الخطف وهو سرد جمعي من خلال الحاضرين في بيت عمة البّحار

*(لاحظ أن الحاضرين استنتجوا أنّ الفاعلين من الضيعة، وليسوا غرباء، وراح بعضهم يخمّن أسماء المشاركين في الخطف، بالاستناد الى قاماتهم وحركاتهم وأحجام رؤوسهم ) هذا السرد تشخيصه العام لايجانب الصواب، لكن تشخيصه الخاص لم يدخل الكرة في المرمى، لذا (سُرّ البحار أنّ قائمة الأسماء لم تتضمن اسمه واسمّي شريكيه،وهذا دليل على أنهم أجادوا التنكر، وعلى نجاح العملية)..سرور البحّار مغلّق عليه..هذا ما يخبرنا به سرد المونتاج حين تنتقل كاميرا المونتاج الى منزل رئيس البلدية، ويكون ذلك بحسب توفيق الصيّاد(في الوقت الذي كنتُ أراقب ليلا البورة حيث سقط الأستاذ، التقى الثلاثة في مقرّ الحزب، / والثلاثة هم القتلة الذين اختطفوا المعلم مع خروجه من المدرسة عصرا، بعد انتهاء الدوام المدرسي) ثم ينتقل سرد المونتاج الى المناوئين،ويمزج المونتاج بينهم وبين رفاق حزب السيادة، وهكذا تكون الشاشة مشطورة أفقيا الى شطرين :(وفيما كان يستمعون الى تعليقات الرفاق على العملية، كان منزل رئيس البلدية يغصّ بالمستنكرين الذين أبدوا خشيتهم من النتائج التي ستخلفها عملية الخطف، خصوصا بعد أن وجهت أصابع الأتهام الى عناصر حزبية متطرفة، وقد ورد اسم البحّار دون الأسمين الآخيرين،على بعض الألسنة، لكن ليس ثمة إثبات واحد يؤكد اشتراكه في العملية / 24)..

(*)

بعد أنخراط السارد/ الصيّاد في أحدى المليشيات في بيروت، سيقدم سردا تفصيلا الى رفيق له بالسلاح (منذ ظهور الرجل الغارق في دمه بمكب النفايات الى لحظة مجيئي الى الثكنة/ 62)..وقبل هذه المسردة التفصيلية، كان السارد/ الصياد قد سرد على والده في مقهى الضيعة كلما جرى له بخصوص الرجل الغارق في دمه (جاء أبي مسرعا. أخبرته بكل شيء. ارتأى هو أيضا ألا أنام في البيت.قال إن الأستاذ الذي خُطف هو زميله في التعليم،لم يمض على نقله الى مدرسة الضيعة سوى قرابة الشهر../ 28).. في كلتا الحالتين لدينا وجيز السرد المدور

 (*)

السرد المحتمل يبدأ مع عودة الصيّاد في اليوم الثاني الى مكان المصادفة، في مكب النفايات، فهو الآن يبحث عن مصيرالرجل المعتدى عليه، وفي بحثه يتعالى قلقه الذي يقوم بإنتاج سرد محتمل ويبدأ السرد المحتمل مع السؤال التالي (تُرى متى غادر البورة ؟ / ص23) وبعد أربعة أسطر ميدانيا، يستأنف السرد المحتمل في قوله(افتراضا، وصل الى الطريق، فما من سائق سيجرؤ على التوقف لرجل جريح، ثيابه مشبعة بالدم) تعقبها وحدة سردية سردية تبدأ في قوله (محتمل أن ينتصب الأستاذ في وسط الطريق مجبرا السيارة العابرة على التوقف) ثم يستدرك السارد الصيّاد(لكن ذلك خطر جدا.فالطريق غير مضاءة، والعتمة كثيفة، ونور السيّارة قد لايرصده من بعد،فتصدمه) ثم يضع احتمالية الذهاب مشيا الى بيته في الضيعة وهي تبعد سبعة كيلومترات، ثم يشطب السارد هذه الاحتمالية ويثبّت ذهابه للعلاج في مستشفى تبعد خمسة كيلو. ثم يزداد قلق السارد حول معرفة المخطوف به من خلال قوله (هادا أنت ابن الشرموطة..؟) فيجزم السارد ان المعتدى عليه خبّر عنه وان الشرطة تبحث ..من جراء كل ذلك يقررالسارد / الصيّاد عدم المبيت في البيت

(*)

مع مغادرة للضيعة بمساعدة من أبيه يبدأ السرد المتخيل في المدينة (خفت أن يأذوا أبي إن لم يجدوني. تخيلتُ أنهم خطفوه وهددوا بقتله إذا لم أسلّم نفسي/ 34) وهو يتجول في المدينة  يتأمل صورة المقاتلين بعين مخيلته فينتج سردا تخيليا صوريا (صورُ المقاتلين المنشورة في الجريدة، تلفتني.أتأملها. أنظر إليها بعينيّ البحّار المولّع بالسلاح،فأراه بينهم يحمل الكلاشنيكوف أو ال،،أم سكستين،، رابطا مثلهم عُصابة سوداء على جبينه ومتخذا وضعا قتاليا من أجل الصورة. مرّات أتخيلني أنا أيضا بينهم،/ 35)..ثم سرعان ما يتدارك ذلك (ولكن سرعان ما أنسحب من المشهد مفضلا التفرج على السلاح لاحمله) عند نقطة السيطرة بين سوريا وبيروت، مع تأخر الجندي الذي أخذ هوية السارد ودخل بها ، ينتعش السرد المتخيل (40       )

(*)

مسردة التهجير الفردي، والذل في المكان الغريب لقروي لايعرف غير ضيعته، قروي بسيط مسالم، الذي فضّل (التفرج على السلاح لا حمله ..منذ البدء قرّرت أن أكون متفرجا، في الضيعة، لم أشارك في التدريب على استعمال السلاح، كذلك رفضت الحراسة. قلت لهم أحرس لكن بلا بندقية. سخروا مني.ولو لم يكن أبي معلم معظمهم في المدرسة لنبذوني ../35)..وهو في الوقت يقتل الطيور كصياد!! هنا مسردة الجوع والأمتهان في بيروت ستعيد صياغة المسالم بإنزياح شرس وبشهادته أيضا( الالتحاق بإحدى الميليشيات هو الخيار الوحيد. في الأقل يوفّر لي ذلك فرشة ً وطعاماً. وفي المقابل،أنفّذ المهمات المطلوبة من حراسة ومشاركة في المعارك وأعمال أخرى../ 56)..سنتوقف عند مؤثرية مفردة (فرشة) وكيفية التلقي حين تتجسد لديه ويراها أمامه وتكون في حيازته، بعد إنتسابه لأحدى ميلشيات بيروت (أعجز عن وصف الشعور الذي ساورني حين قال : ،،هيدا تختك ،، شعرتُ كأنّي امتلكت نصف الدنيا. وسرعان ما وجدتني أجلس عليه وأتفحّص الفراش . كان عرشا لا سريرا../ 61)..وبعد أيام سيقول(أحمد الله لأنه منحني أكثر مما أستحق. منحني سريرا أنام فيه، وبطانيتين تدفئانني وسقفا أقيم تحته/ 64 ترى قراءتي الخاصة، أن ماحصل عليه الصيّاد، كان بفضل انخراطه بالمليشيا، لكن قبلها فالعناية الإلهية رعته ولكن بقدر موزون .وبعد مدة قصيرة وأثناء عودته من نزهة قصيرة، يعلن السارد/ الصيّاد الذي صيرّه الجوع مليشاويا (بات لي مكان أعود إليه، جميل هذا الإحساس الذي أشعرني بالطمأنينة../ 63) والمسكوت عنه هنا أن الصيّاد أنتقل من التشرد الانفرادي الى إحتفائية التجمع من خلال توصيفه لأحدى الغرف التي تحتوي تلفزيون وشبان يتفرجون على مباراة، وهناك من يراجعون محاضراتهم الجامعية

(*)

ثمة مسكوت عنه أعظم وهو نهاية حياة (عزيزي) حيث أدعت قيادة الميلشيا أنه أنتحر، لكن إطلاع صديقه عابر وهو الصياد/ المشارك،على الجثة يؤكد غير ذلك، وكذلك نبرة المليشياوي حنكليس حين يخبر عابر عن الحادث، ويتعمق الشك أكثر، حين يكتشف عابر إختفاء دفتر مذكرات عزيزي، فيستعيد عابر ذكرى تلك الصفحة وهنا، نكون أمام سرد التذكار / 132

(*)

في المسردة الصغرى التالية،نكون مع نمط آخر من أنسجة السرد سأطلق عليه سرد المستقبل

(لم أكن أعلم أنّ أبنة خالي ماهرة في الطهو وست بيت ممتازة، إلاّ بعدما تركت بيت الطبيب وسافرت الى سورية، ومنها الى مدينة نيس، جنوبي فرنسا،هناك تزوجت وانجبت وفتحت مطعماً يقدّم أطباقاً لبنانية ً. وبعد ذيوع صيت لقمتها الطيّبة أصبح للمطعم فرع ٌ ثان ٍ في مدينة كان / 139)

(*)

هناك سرد خاص، يتسم بشفرة خاصة لايمتلك مفتاحها، إلاّ شبكة معينة وسأطلق على هذا النسيج السردي :السرد الطبي  (لا أستطيع وصف فرحي حين أعطتني ورقة صغيرة تضم كلمتين : الأخت كريستين. كان الأسم مكتوبا بالفرنسية. فلو لم تلفظه هي لتعذرعليّ معرفته)

نلاحظ هنا أن التعرف جاء بالتلاسن وليس بقراءة المكتوب المقفل. وسيكون تعليق السارد على الشفرة بوظيفة ذرائعية (غريب هو خط ّ الأطباء الذين يكتبون كأنّهم لا يريدون أن يفهم أحدٌ عليهم سوى زملائهم والعامل في الصيدلية /145)

(*)

أثناء حلاقة عابر لذقن الرجل الميت سيحدث تراسل صوتي، ومنه أشتق مرآوية السرد الصوتي         (وكلما سمعت ُالصوت الذي تحدثه الشفرة لدى مرورها على الذقن قارنته بالصوت الذي أسمعه عندما أحلق ذقني في الصباح.الصوت هو نفسه تقريباً مع أنّي أستعين بمعجون أرغيه بعض الوقت كي أنزع في يسر الشُعيرات القاسية ../267)

(*)

أستوقفني سردٌ الذهب، ويمر سرد الذهب بمرحلتين الأولى سأطلق عليها المسردة الجوانية، تجسدها الأسنان المذهبة، أما المرحلة الثانية فهي تتمثل بإنتزاع  الذهب أسنان من فم المتوفى ثم بيعها الى صائغ معين كان يتعامل معه عابر، وسيقوم الصائغ بتحوير سرد الذهب من الجواني الى البراني على صيغة أقراط وأساور وقلادات وخواتم :(تخيلت الموقف الوجداني الذي قد تتخذه سيّدة أو شابة عندما تعرف أن القلادة التي تزيّن بها عنقها أو الأيقونة التي تتدلى على صدرها، مصدرها أفواه الموتى /284) مؤثرية مابين المرحلتين وهي مرحلة إنتزاع  ذهب أسنان الموتى

(*)

سرد الصمت يتم تأثيل بالقوة وينصب كما تنصخب الفخاخ وبشهادة السارد المشارك عابر :

(أزالوا اللاصق كي أستطيع الكلام. راهنوا أنيّ سأتكلم مادامو هم صامتين وهكذا تفلت مني كلمة تكون هي الكلمة التي ينتظرون سماعها فيطبقون عليّ أسنان الفخ. صمت أنا أيضا /99)

(*)

وحين يستنفذ الصمت سرديته، سينتقل السارد الى الإستقواء بالسرد( مضيت أحكي عن أمور شخصيّة متفرقة. أحكي كي أطرد الخوف الذي يخلفه الصمت فيّ.كان صوتي يؤنسني. وأتسلى بالحكايات التي أسردها. يبدو أنهم اكتشفوا ذلك فأسكتنوني حتى أظل سجين الوحشة /301)

(*)

بهذه الأنسجة السردية، المتراكبة، أكتملت الرواية الماتعة( حارس الموتى) للروائي اللبناني جورج يرق

*جورج يرق/ حارس الموتى/ منشورات ضفاف – منشورات الاختلاف/ بيروت/ ط1/ 2016

عرض مقالات: