ـ الكتابة الساخرة.. هي كتابة شعبية تتصل بالهموم الاجتماعية داخل اطر متعددة تشكل آخر المــلاذات المنقذة لكينــونة الانسان من الموت البـطىء..لانها (انفعال مركب) على حد تعبير أدلر..
ـ الكتابة الساخرة.. الكوميديا السوداء التي تعتري الزيف وتكشف عن الخطيئة وتحد من الفساد بطريقة ادبية خلاقة بابتعادها عن التهريج..كونها السخرية الواعية التي تحمل في طياتها عمق المعنى بسخريتها القائمة على المفارقة في سير الحدث....لذا فهي تترجم حاجة انسانية وتشكل انعكاسا تصويريا لحالات استثنائية..وقد عرف ديوان الشعر العربي القصيدة الساخرة ابتداء من الحطيئة الذي يعد رائدها ومرورا بالفرزدق وجرير والاخطل وابي نواس وبشار بن برد ..وانتهاء بشمران الياسري واحمد مطر واحمد فؤاد نجم وعبود غفلة والحاج زاير الدويج وعبدالحسين ابو شبع وعبود الكرخي وحسين قسام الذي تفرد بولعه بالادب العامي وابداعه الهزلي الساخر منذ طفولته نتيجة تردده على المجالس الحسينية والنوادي الاجتماعية ليستمع الى اقوال الخطباء والشعراء وحواراتهم الادبية الفكهة..مما اضفى على ذهنيته عمق التفكير ودقة التصوير والتركيب الجملي الساخر والناقد مجتمعيا بحكم تأثيره ببعض الافكار الماركسية التي اخذت مداها في النجف فكان هناك حسين مروه ومحمد شراره..لذا يقول الشاعر معترفا بانه اغترف من افكار حسين مروه المنطلقة من الواقع الاجتماعي الواعي المتكىء على المقولة الماركسية التي تقول(الواقع الاجتماعي يولد الوعي الاجتماعي)..ومن هذا كان وعي الشاعر حسين قسام الذي يصور حالة اناه التي تعكس الانا الجمعي الآخر...


وحك عزتك يربي استفلست انه
مثل اكميل من كابل الحنانه
وحك عزتك يربي مخربطة احوالي
وخاف وياي يبكه الفكر للتالي
لازكلي على عباتي وعله نعالي
ويضربني الوكت دانه بأثر دانه
فالسخرية عند الشاعر تترجم حاجة روحية وهي تعبر عن قيمة انسانيةتتسم بسمة فنية وتتفرد بموهبة استثنائية بتصويرها الواقع الاجتماعي ونقده خارج المألوف حتى وصف اسلوبه الشعري بانه(عبقرية عجيبة) لما يملكه من قوة الشخصية والابتكار المرتجل ويقظة الذهن وسرعة البديهية..على حد تعبير المفكر الماركسي حسين مروة..الذي يضيف الى ذلك قوله (جسمه وروحه كتلة متماسكة متحركة..مخلوقة لابداع النكتة..)
ـ حسين قسام من الشعراء القلائل الذين رفضو الهبات وانتهجوا الشعر الفكاهي بطريقة ساخرة..هادفة..متزلفة للفقراء ومناصرة لهم ولطموحاتهم.. بعيدة عن رجالات السلطة..
ـ حسين القسام في مجاميعه الشعرية(قبطان الكلام)و(سنجاف الكلام) و(محراث الكلام)..كتب اضافة الى القصيدة..الابوذية والزهيري والهوسه والشكوى من العوز والفقر..باسلوب متفرد حقا..
الجزر غثني وجرح كلبي ولكطين
السبزي خربط احوالي ولكطين
حته البصل ما ضكته ولكطين
الفجل والثوم يتعيقل عليه
وله:مفلس وفلاسي مأذيني
أثول خلاني او عاميني
شمسوي اوياه وباليني
دهري ولا حكني بتوثيه..
ـ حسين قسام..الذي اثبت وجوده الشعري من خلال قصائده الناقدة وسخريته اللاذعة.. اضافة الى نوادره ومقالبه التي اضفت على شعريته روح المفارقة الهزلية منها انه(دخل مرة على مقهى..وعندما ساله صاحب المقهى:ماذا تأمر..فقال: عندك شاي تازة..قال نعم..ثم سأله هل هو جديد لم يبق على النار طويلا..فرد عليه نعم..عندها سأله:هل وضعت عليه الهيل..فقال نعم..فرد عليه(بروح ابوك جيبلي حامض)..
ـ وعند توليه سدنة مقام النبيين هود وصالح خلفا لابيه جاء ذات يوم بعض الهنود لزيارة المقام وكان حسين يرتدي العمامة فطلبوا منه ان يقرأ الدعاء المخصوص ..فوقف امامهم وتوجه نحو المقام واخذ يقرأ الدعاء وهم لا يفقهون كلامه وكان دعاؤه:
السلام على الحنانه
والسلام على المنانه
والعن ابوكم لابو الجابكم مناك لهنانه
وقد وصلت بقسام السخرية حتى من الميت والكشف عن البخل..
بطلوا من البواجي لا تفزعونه
ميتك فطس ومبحلك عيونه
وصه اجبير وشمخي على التنور
وكاللهم بعد عندي عجل مكسور
وكاللهم بعد عندي هويشه وثور
للخطار ثوري لا تذبحونه
ـ حسين قسام النجفي..شاعر شعب يتفرد باسلوبه الساخر التهكمي.. مع قدرة فائقة على ايجاد تراكيب صورية غير مألوفة..

عرض مقالات: