أفه..يا كاعنه الوكحة
صلاة الليل..واهل الليل..والنار بمرابعها
أفه.. يا كاعنه السحكتها
وانسحكت عليها جيوش يابو جيوش
او ما بدلت طبايعها..
انه صوت شاعر الحداثة الشفيفة وهديرها مظفر النواب المنتج ابداعا ادهاشيا مثيرا للتساؤلات بكل مشاربه الشعرية (فصيحها وشعبيها)..كونه يخوض مغامرة ليقدم ضربا من ضروب النشاط الانساني المديوف بالخيال.. الذي تنتجه الذاكرة الانسانية لتحقيق وجودها من جهة ومن جهة اخرى تحقيق المتعة الجمالية والمنفعة الفكرية للذات الجمعي الآخر المقترن بالذات المبدعة..وهذا ماكانت تصبوا اليه القصيدة الشعبية بتحولاتها البنيوية التي ظلت تلامس الوجع الانساني,,
ـ مظفرالنواب الاستثناء الشعري..الانسان..المغني للحياة بعوده وريشته المنغمسة بالوانها.. المترد..المنفي..المنتج ابداعا شعريا برغم انتقالاته التي لا تعرف السكون بسبب ملاحقة خفافيش الظلام له على ارض الله..والتي اضفت على شعريته الخطابية المنبرية تلقائية التفاعل مع مفرداته المنتفضة..الداعية الى الحرية والتحرر..فشكل ظاهرة متفردة بنصه النابض بالمغامرة والمتصف بالجرأة الحقة.. فكانت اشتغالاته الشعرية تحتضن الواقع بكل موجوداته الطبيعية (الهور/القصب/الطين/الطير/ الحزن/الوطن... )..وقد حولها بنسجه الشفيف الجاذب الى مصادر حسية ونفسية..
عساها تخضر التينه
اونمد ابفيها لسواليف راحة بال
وخبزة وستكين جاي يكفينه
ـ ان خصوصية القصيدة النوابية تكمن في حلولها داخل مسامات الوجود
المجتمعي وتفاعلها معه..حتى صارت جزء من مكونه الفكري والحياتي الخطابي..كونها تمتلك شروطها الفنية ومعاييرها واشتغالات منتجها التي تؤشر اسلوبية بنائها الجاذبة للمستهلك(المتلقي) لطراوة الفاظها وواقعية صورها..لانها نتاج مستل من البيئة التي يستأنس بها..والتي منحت نصه انتماء رؤيويا تجسد في خصائص شعر الحداثة بصورته الشعبية من خلال استحضار الذات الجمعي الآخر..وعلى اثر ذلك كانت لسان حال الطبيعة..والتزامها التفعيلة واختلاف طول اسطرها الشعرية محققة لمستويات الحياة وحركتها المعاصرة..اسوة بالقصيدة الفصيحة..فصارت مغازلة للنفوس..قريبة من مشاعر واحاسيس المستهلك(المتلقي) لانها تعكس صورته وتحمل همومه التي داعبت ذهنه ورسمت طموحاته حتى صارت جزء من كيانه..فتراقصت حروفها على الشفاه وتوزعت على اوتار العاشقين..
ياطعم ياليلة من ليل البنفسج
ياحلم يمامش بمامش طبع قلبي من اطباعك ذهب
ترخص واغليك واحبك
انا متعود عليك هواي ياسولة سكتي
ياطواريك من الظلمة تجيني
جانن ثيابي علي غربه قبل جيتك
ومستاحش من عيوني.. وآلمتني
وعلى المامش علمتني..
وقوله:
حن وانه حن.. وانحبس ونه ونمتحن
مرخوص بس كت الدمع.. شرط الدمع حد الجفن
*****
جفنك جنح فراشه غض.. وحجارة جفني اوما غمض
يلتمشي بيه ويه النبض.. روحي اعله روحك تنسحن .. حن وآنه احن
ـ فالمنهج النوابي في بناء نصه الشعبي يقوم على الرموز القابلة للتأويل باشغال فكر المستهلك(المتلقي) ونبش خزانته المعرفية..كونه يركز على الفكرة والصور الحسية المنطلقة من واقعها المتشظي..الذي يشكل صورا قائمة على الخطاب الحياتي والفني المختفي وراء رمزية شفيفة تخاطب الوجدان وفق معيار حداثي له التزاماته الموضوعية..
ـ من كل هذا نستطيع القول ان التجربة الشعرية النوابية صدرت عن رؤية تتجذر معطياتها في اعماق تاريخ المعارضات السياسية القائمة على مدى مراحله الزمنية...