ظهرت عام 1789 اخر كتابات ايمانويل كانط المطبوعة بعنوان "صراع الكليات" عن دار نشر فريدريك نيكولوفيوس في كونشبيرغ. يُذكر في هذه الكتابات أن لإيمانويل كانط خبرة خمسين عاماً في مجال الإدارة في الجامعات في المانيا البروستانتية. كان كانط على تماس مباشر ايامها مع الروتين اليومي. لذا كان ينقسم وظيفياً فكان تدريسياً ومن ثم أصبح عميداً لكلية الآداب ولمرتين رئيساً لجامعة البرتوس في كونشبيرغ. في الغالب فُرِضَ عليه التعايش بإشكال التواصل مع الكليات بشكل تنظيمي تقني وليس مع المناصب داخل الجامعة.
وكانت لدى كانط في مجال العلم خبرة في طبيعة الدولة والجودة العلمية المرتبطة بالكليات العليا كاللاهوت والقانون والطب. ويرى ايمانويل كانط في اللاهوتي، انه لا يأتي تعلمه من العقل وانما من الكتاب المقدس ومعلم الحقوق لا يأتي من قانون الطبيعة وانما من قانون البلد ومن يُعلم الطب لا يأتي بنظريات فيزياء جسد الانسان وانما من النظام الطبي.
كما هو وجود اللاهوتي والحقوقي والطبيب في المجتمع ذلك ان الثقافة اليومية والعقل السليم كانا في انحياز الى الكليات العليا. لذلك يريد المرء معرفة "كيف يعيش بلا سبب وبعدها ينجح في اللحظة الاخيرة وتفتح له ابواب السماء، وكيف يكون غير عادل ويربح قضيته، وكيف يكون استخدامه لقوته البدنية بصورة خاطئة ويطمئن الى القلب.. استطيع ان ابقى بصحة بدنية جيدة واعيش لمدةٍ اطول.
ان الفلسفة بحسب كانط "مستقلة عن تعاليم الحكومة من حيث التعليم، ولا تتلقى الاوامر منها، لكن ذلك يعتمد على مفهوم الحرية". ويشير كانط الى سوء التعامل التواصلي بين كلية الفلسفة والعاملين في اي من الكليات العليا الاخرى على حد قوله باعتبارها " اداة " بيد أية حكومة، لأن كلا منهما لديه مواقف مغايرة جدًا في موضوعة الحقيقة. ويصف كانط النزاع المتنامي بين الكليات بالنزاع المشروع.
كما يعتقد بفكرة الجامعة ويتوقف عند رأي فالتر بنيامين "ملاحظة الوسطية الصارمة بين مدير المدرسة والمسؤول السياسي". من الضروري تغيير التسلسل الهرمي التقليدي للكليات "واخضاع كل ما يتعلق بالقوانين لتشريع العقل". وهذا تماماً ما يحدث عندما تُعيد الهيئة التدريسية تنظيمها جمهورياً. يتم كتابة تعليمات هيئة التدريس بالشروط البرلمانية. كما تدافع فئة الكليات العليا التي تمثل اليمين في برلمان التعليم عن قوانين الحكومة، ومع ذلك يجب أن يُعطى الحق في الدستور الحر للحزب المعارض (اليسار) الذي هو هيئة التدريس في كلية الفلسفة، حيث يكون الدستور كما يجب ان تكون الحقيقة، لأنه من دون تدقيق صارم واعتراض لن تكون الحكومة على علم كافٍ بما هو نافع او ضار.
وعلى الضد من خطاب عدم الهيمنة، فقد بَيَنَ كانط أن النزاع يجب أن لا تتم تسويته عن طريق الاتفاق السلمي وانما لخيال الحكمة النافذة القاضي بالعقل الحق. إذن هذه هي الكلمة المنطقية الاخيرة للثورة الناقدة في طريقة التفكير و وصايا كانط الفلسفية العلمية لا توجد فيها منطقة وسطى والحقيقة لا بد من وجودها مهما كانت الظروف، في هذا البرنامج الواضح للجامعة لم يرغب كانط في خلق مؤسسة علمية خيالية او إجراء عملية استنساخ تاريخي للجامعة، ولكن القيام بإنشاء فكرة الجامعة ومن خلالها يمكن التعرف من جديد على الجامعات والتي من الممكن ويجب أن تكون مناسبة. هذا ما كان يجري في المانيا.
ان نظرية كانط فيما يخص الجامعة غير فاعلة كما إن افكار كانط غريبة هي مجرد تعبير عن محاولة سيطرة الفلسفة النقدية الجديدة في الجامعات الالمانية. أيضاً تم تجاهل افكار كانط بإنشاء جامعة برلين عام 1810 عن طريق اشخاص امثال فون همبولت و فيتش و ستيفنز شلايرماخر.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصادر:
صراع الكليات، ايمانويل كانط، لايبزش، 1992.
الالمان، ف، بنيامين، اصدار ك، ب، نوك، لايبزش، فايمر، 1979