ابراهيم الخياط سفيرا للثقافة بالمجان

الشاعر زهير بردى/ عضو المكتب التنفيذي لاتحاد الادباء والكتاب في العراق، رسالة من مؤسسة الثقافة بالمجان في بيروت جاء فيها:
يرجى ابلاغ أسرة راحلنا الكبير الشاعر إبراهيم الخياط، واتحاد الأدباء والكتاب في العراق، كم أن غيابه المفاجئ قد أثر فينا، لا سيما وأننا عرفناه في مؤسستنا في لبنان في إثر زيارة خاطفة، وكنا ننوي تعميق معرفتنا به خلال زيارتنا المقبلة للعراق، وجعله سفيرا للثقافة بالمجان.
تغمد الله فقيدنا، وأفسح له أوسع ما في جنته.
ناجي نعمان
رئيس مؤسسة الثقافة بالمجان – لبنان
************
نصان / عمار المسعودي

الدموع أسهل المراثي
لو لم تكتب آخر الأغاني
وآخر الحِكَم ..لو لم تحمل الناس
على رأسك النبي من فوق
لو لم تجلس في آخرة المقاعد
وانت َ في اولها .
لو لم ترسل لنا صباحا
أمانيك لوصولنا سالمين
رغم أنك الوحيد بيننا الذي لم تصل ْ
رغم أنك الواصل الوحيد.
لو تمهلت َ أبا حيدر عائدا من الطرقات التي دائما ما تعود بك
في ذهابك إلى الأصدقاء؛ لقد خانتك هذه المرة كما كل مرة
مع الأحبة تخون.
لو اخبرتني عن السواد الذي لم اعتده،
لكان هذا اللون القاتم خطأ مائلا على صورتك اسهل .
لو لم أعرفك
لو لم احبك
أبا حيدر : الدموع أسهل المراثي

خارج الرثاء

نبقى بعض الوقت لنرمم َ بعض َ الأشياء
التي تستمر في إدانة غيابنا ، ربما لمسات
تفاوت ٍ في الخروج من باب ؛ ما يسبب
كل َّ هذا الأنهمار النبيل الذي يكون محطة
عذاب ٍ مضافة ٍ ، ربما مصافحة أخيرة لاتعلن
عن كل هذا الغياب ، أو أنك تقول لي نحن
أثمار البساتين في هذه البلاد ونحن نصلح
على طول وجودنا مادة ً جيدة ً للعزاء أو
حتى مجدا مضافا في غرض الرثاء وهو الذي
يكون من غيرنا نهرا يابسا في تاريخ من
العطش. واقبل ذلك وأدعوك في لحظة أن
نتشارك في حفظ الأغاني التي تعرف جيدا
أسباب نزولها مثل َ دمع . أو تحاول أن تعيدني
إلى الصباح ذاك الذي قد نسيته من شدة سوادي
وأرضى واقبل وما كنت اعرف انك ستصل بي إلى
الدمع. ماكنت َ تبكي وأعرف سرَّ كل ذلك من أنك ينبوع
هذا الدمع وسرُّه في رحلة الجري على خدين لعينين
لم توفقا في الإقتراب من بسمتك. ربما أدعوك وحدك في رحلة لا تنتهي تغيب فيها وتحضر حدَّ اني أتيقن من حضورك
واتيقن من غيابك ؛ يحصل كل هذا من دون أن تدري: إننا في
الهيام نذهب معا إلى حلقة وجد تقطع المصائر اوصالنا ونبقى ندور نُنذَر لأولياء صالحين ولثوار كبار كنا معا في محاولة جادة لتقليد أفعالهم وما رُسِمت ْ من صور لنهاياتهم؛ كان يحصل كل ُّ هذا من دون أن ندري. منشغل بأخذ الصور وهذا
أول شعور ٍ باقتراب النهايات. مفتتن بأصدقائك حتى الفناء
وهذا شعور يؤدي بك إلى الخلود ومن غير أن تدري او ربما
كنت َ تدري أما كنت َ قد رأيت كل شيء ، أما تسببت َ في كل
هذه الدموع لسبب واحد كونك كنت َ سببا بكل ذلك الفرح.
إذهب صديقي فأنا قادر على إعادتك إلينا باسما وخالدا وحاضرا وغائبا...اعتذر صديقي من صورتك المعلقة أعلى القلب كوني قد نزفت أكثرها مع الدموع.
**********
الى ابراهيم الخياط تحديداً / عدنان الفضلي

مثلك تماماً
أتهجى المسير بلغة الحبال
حين أروم الذهاب الى الضفة اليسرى
مثلك تماماً
أخاف الشفاه التي ..
تترنم بشخير الفريسة
مثلك تماماً
لم أصدّق النهاريّين
يتشدقون بوقت يخادع الظل
مثلك تماماً
لم أتعطر بلغة ..
خالية من مفردة مطرزة
على قمصان الشهداء
مثلك تماماً
لا أحب ..
السحب التي تعشق أثداء النساء
وتحيلها لمشانق لسان نزق
مثلك تماماً
أكره ..
حكايا الخيانات الغابرات
التي بقيت مخزّنة
في متحف الرايات الصبورة
مثلك تماماً
أكره الموسيقى التي ..
لا تتضمن معزوفة سعال السجناء
مثلك تماماً
لا أجيد الإمساك ..
بالسكين التي تقسّم كعكة الأفكار
مثلك تماماً
أتظاهر ضد الذين ..
يطيّنون الصرائف
ليمنعوا بريق القصب
مثلك تماماً
لا أكترث بالحوار الأزلي
بين المضي والتلفّت
مثلك تماماً
أرجّ بيديّ نهد المدينة
بحثاً عن نشوة أطفالها
مثلك تماماً
أزوّج الحقول لبعضها
لأتأكد من خصوبة أرحامها
مثلك تماماً
لم ألتفت الى النباح
نباح الكلاب التي كانت تراقب ثمالتنا
حين ربطوها بنوافذ الحانات
مثلك تماماً
أصفق للقرى التي ..
لفرط خصوبتها
كانت تنجب الجنود والشعراء
مثلك تماماً
ألبست النوافذ الضريرة
عدسات شعر فصارت قصائد
مثلك تماماً
أؤثث للأنقياء غرف ثمالة
يلحنون على مناضدها أغاني لـ (الوطن والناس(
مثلك تماماً
أكتم أسرار العراة
الذين قتلوا شهوتهم في ريعان شبابها
مثلك تماماً
لا أصلح أن أكون بندولاً ..
يتأرجح بين البياض وندّه
مثلك تماماً
خاويت بين خريسان والغراف
حتى لا يتلبّس الماء بوحشة المسار
مثلك تماماً
فقد تدربت على الجنون
لأكون مواطناً ..
في جمهورية برتقالك الأحمر
*********
تحديت موتا / قيس مجيد علي

إلى الراحل العزيز أبراهيم الخياط

تحديت موتا غريب الحيل
فأدميت دمعا بكل المقل
ستبقى لكل القلوب نديما
لطيب وسحر رقيق الجمل
عجيب لموت أراد الفناء
فأعطاك خلدا خلود المثل
*********
مرثية البرتقال / حسن النواب

في اللحظة التي توقَّفتْ خفقات قلبكَ المضيء، اهتزَّتْ أركان مبنى اتحاد الأدباء، وانطفأ سراجهُ المنير، بساتين البرتقال راحتْ تذرفُ دمعاً بلونِ دمكَ الزكي، ومقعدك الأثير في غرفتك الدافئة، غزتهُ غَمامة سوداء، اختنقتْ تغريدة الأربعاء بشهقاتك الأخيرة، وصمتتْ أغنيات فيروز، وخمدَ الضوء في نبلة القلم، وشحب وجه القصيدة، وتلعْثمَ المؤذِّن في ترديد نداء الأذان، وخلع الجواهري طاقيته ليكفكف بها دمعه المنهمر، ونكست الراية الحمراء فوق مقر الحزب الشيوعي، وغزا الحزن وجه بغداد، ولطمتْ على وجهها بعقوبة، وارتبكَتِ الحياة، آهٍ لو كنتُ أعرف أنَّ الردى سيطعنُ برتقالة صدركَ، وأنتَ في ريعان الألق، لما عزَّزتُ صداقتي معكَ، كنتُ التقيتكَ لأول مرَّة أواخر الثمانينيات، حين دخلتَ بدشداشةٍ بيضاء، مثل نورس ظمآن، لتنضم إلى مائدتنا في حانةٍ هناك على ضفة نهر خُريسان، لفتتْ نظري ابتسامتكَ الجذلى، كُنَّا في حينها قد عقدنا العزم على الفرار باتجاه الشمال، وحين غادرت المائدة، أخبرني صلاح زنكنه هامساً: إبراهيم الخيَّاط شيوعي من طراز خاص، بعد عشرات السنين، وفي ليلة باردة دخلتَ إلى نادي الأدباء لتجلسَ الى جواري، كنتَ وجلِاً وقلقاً من بعض الحاضرين، كأنَّ هناك من كانَ يلاحقكَ لينال منك، وحين غادرت النادي، لم أدعكَ وحدكَ، خرجتُ برفقتكَ لأطمئنَ عليك، وقفنا في ركن الشارع قرب فندق صحارى، بانتظار مركبة تأخذك إلى الباب الشرقي، وإذا بعجلةٍ تقف فجأةً، هبط منها رجلان بملابس زيتونية، يتطاير الشرر من عيونهم، طلب أحدهما هويتكَ، فنظرت نحوي مستنجداً، كنتُ حينها أعمل مصححاً في جريدة العراق، سارعتُ لأضع هوية الجريدة بيد رجل الأمن، وأخبرته أنك زميلي في الجريدة وقد نسيت هويتك، حين انصرفا، عانقتني بلهفةٍ وكنت تردِّد، "لقد أنقذتني، لنْ أنسى موقفك الشجاع"، وفي آخر لقاء معكَ قبل شهرين، ذكَّرتني بهذه الواقعة بنبرةٍ تقطرُ وفاءً وخجلاً، فملأتَ قلبي عشقاً إليك، أجلْ يا إبراهيم أحببتكَ على سجيتي، وتكاثف هذا العشق في ضميري، وأنت ترسل لي بين يوم وآخر أغنية لفيروز، كأنَّكَ كنت ترى عزلتي، وتسعى أنْ تزيح وحشة قاسية عن كاهلي في غربة قاتلة، آخر حوار كان بيننا، قبل فجيعتكَ بساعات، حين كتبت إليكَ رفقاً بالعليل،، فكتبت سلامتك من الآه أستاذ حسن الحبيب.. ولكن ها هي الآهات تغزو كياني بقسوة، وامتلأ صدري بقطيع من الخفافيش على غيابك الدامي، أتعرف يوم أمس، غرستُ شجيرة برتقال في حديقة الدار، وأطلقتُ اسمكَ عليها، حتى لا أنسى حضورك البهي من ذاكرتي ذات يوم في مهجري البعيد، شجيرة برتقال مزدحمة أغصانها بأزاهير القدَّاح وثمرة برتقال وحيدة حانية وحزينة، كأني أرى وجهكَ الملائكي فيها، أبا حيدر، من لا يحبُّكَ ليسَ بإنسان، ومن لا يتحمَّل نقاءك لا يحبُّكَ أيضاً، لم تكنْ أنتَ في داخل النعش، إنَّما كنتُ أرى بستان برتقال في التابوت، لكن في قلوبنا وضمائرنا لا يذبلُ أبداً ولا يموت، أمّا مقعدكَ الموحش الذي توشَّح بالسواد، من الصعب أنْ يجلس عليه سواك، فالملائكة عندما تغيب، تبقى أمكنتها شاغرة، هل تعرف أنَّ حبيبكَ وتوأم روحكَ عمر السراي، تغلَّبَ على مواجعهِ المريرة، وجاء إلى مأتم عزائك، أجل كان مُنكسراً مُهشَّماً قانطاً واجماً، لكنهُ بحضوره الوديع، أشعل شمعةً في قبركَ وفي صدورنا أورقتْ أزاهير الأمل. أبا حيدر لقد أقبل عاشوراء، وموكب عزاء العباسية يترقَّب حضورك في مثل كل عام، حتى تشاركهم حزنهم الحُسيني وبالهتاف ضدَّ الفساد، فلا تخذلهم، وكنْ معهم يا حبيبي في كربلاء، سأروي شجيرة البرتقال بعبراتي، وأسمع معها صباح كل يوم، الأغنية الأخيرة التي كتبت كلماتها على صفحتك، أغنية فيروز" ياريت"، ليتني كنتُ معكَ في القبر، لكنت استرحت من عذاباتي الآن، أعرف أنَّكَ قرأت تعليقي على الأغنية، لقد كتبت: تسمعُ الأغنية مع كأس نبيذ حلال، وها أنتَ تشربه هناك في أعالي الفردوس، وتركتنا نشرب قيح جراحنا وعبراتنا على فراقك القاسي، نحن الذين عشقناكَ بضمائرنا قبل قلوبنا، لقد أخطأت بالعنوان، ليست مرثية هذه التي أكتبها الآن، الرثاء لا يليق بالملائكة، فكيف إذا كان الملاك دمه من برتقال؟ إنَّها أنشودة البرتقال لروحك السامية، لا تقلق، لن يطول الفراق، فلقد اشتقتُ إلى ابتسامتك الجذلى ولكزار حنتوش، اطمئنْ يا حبيبي، ‏سنلتقي ذات غسقٍ هناك..
**********
ابراهيم الخياط: يغازل الفجر / ربيع حسين الجامع

نص رقم -١
الأرض مغلفة بدموعها ،
هذا لا يمنع
من مغازلة الفجر
والا تيبست العروق
وانقطع الحرث .

٢-ربما نلوذ إلى صخرة
أو نخلة
دفن تحتها رفات شهيد
أو نلتحف بصدى
من الرجع البعيد ،
ربما نتوه كثيرا
أو تلسعنا المسافات
لكننا دوما نرتمي
بأحضان الضمير .

٣-يقينا تبعنا القيصر
بكورس يجهل السلم الموسيقي ؛
أذن لا نتوقع اخراج
أغنية رائعة .

٤- كلما بسطت كفي
لغصن ،
أروم شم زهرة
من عهد الصبا ؛
أراهم يحفرون خندقا
بيني وبين الشجرة !!

٥-ما أجمل هذا الشعب
كباقة ورد
والعطر عراق
يهدر كالشلال
ويرعب السراق .

٦-كفي بكفك كي نطلق حمامة
أه نسيت :
ما أصعب ان نتفق
فأرضنا وسماؤنا
كما يبدو
لم تنسيا بعد
لغة الرصاص
أو....