بشغف كبير قرأت قرطاسك الذي أطلقت عليه عنوان (مراثي غيلان) والذي ابدعت فيه صنفا جديدا في جنس السرد يجمع بين السيرة الذاتية والقص الجد قصير بحيث يمكن ان نطلق على كل صورة في هذا القرطاس مصطلح (قسيرة).

ولقد تذكرت وانا اقرأ هذه الصور التي سبق ان قرأت بعضا منها على الفيس بوك وكأنك تريد ان تقول للقارئ:

انتهى عصر الكتابة والطباعة الورقية ونحن نشهد عصرا جديدا هو عصر الكتابة والادب الالكتروني وها انا أبدع شيئا يناسب هذا العصر.

وتذكرت قول فلوبير عن رائعته مدام بوفاري:

مدام بوفاري هي انا!

لقد جاءت المراثي صورة لصاحبها فالابتسامة المشرقة تتسلل من بين الالام والموت والدمار لترسم للقارئ ضوءا وسط عالم ظلامه حالك،

وقد اكسب البحث عن المفارقة والطرفة والنكتة لهذه الصور مذاقا فريدا لوّن هذه الواقعية الشعبية الغليظة التي تتميز بها.

وإذا كنت سأستشهد هنا بصورة (تاريخ بلغاريا الحديث) فأشير الى مواضع لاستخلاص الحكمة كما هو الامر مع صورة (الحبال) على ان مما اكسب هذه الصور طابعا فنيا خاصا هو هذه العفوية في السرد التي نجدها في السرد الشفاهي الشعبي للكاتب بالاستهلال او الختام في هذا السرد فهو يقسم قائلا (والله العظيم) مستهلا احدى الصور او (والعباس ابو فاضل) في اخرى

هذا فضلا عن استخدامه اللغة المحكية في خطاب الشخصيات احيانا

والكاتب والحق يقال يمتلك قدرة عجيبة لا في تصوير الشخصيات بل وفي تصوير لغاتها ايضا وأحيل القارئ الى صورة (حسين بانزين) والى هذه اللهجة الموصلية (ول ابوي لقيتو مكدي ..عيغجف من البغد ، انطيتو اللي الله قاسمو مني وشلحتو القاط ولبستو ودفيتو) ومن المؤسف ان الكاتب عاد ليترجم هذا الخطاب بالفصحى

والحقيقة ان اللغة المحكية هنا اسبغت على هذه الصورة طابعا خاصا بدونه كانت ستفقد الكثير

أهنئك اخي سعد فانت لا تسجل خرقا في السردية العربية حسب بل وتضيف اليها لونا من حقك ان يسجل باسمك.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* كُتب هذا المقال ونشر قبل وقت قصير من رحيل الاديب الفقيد د. سعد الصالحي في آخر أيام تموز الفائت.

عرض مقالات: