للشاعر العراقي خالد الحلّي صدرت عن منشورات كلمات في سدني مؤخراً، مجموعة شعرية جديدة بعنوان " لا أحد يعرف اسمي "، مع ترجمة كاملة لقصائدها إلى اللغة الإنكليزية قام بها الدكتور رغيد النحاس، الذي قام أيضا باختيار صورة الغلاف، وست صور للصفحات الداخلية بالألوان من إبداعات عدسته، وجاءت الصور منسجمة مع طبيعة القصائد التي نشرت معها.
ضمت المجموعة 24 قصيدة كتبت بين عامي 1988 و 2018، وجاء المقطع التالي كمدخل للمجموعة:
أيّها الحزنُ العراقيّ الطويلْ
أيّها الحزنُ الذي يمتدُّ من جيلٍ لجيلْ
لِمَ لا تتركنا؟
لمَ لا تتركنا؟
وفي تعليق لها على قصائد المجموعة نشر على غلافها الأخير وصفت الشاعرة الأسترالية لويز ويكلنغ قصائد المجموعة بأنها "عميقة التأثير، تتنبنى مواضيع تسبر أغوار التجارب الحساسة وآلام المنفيين في إطار الصراع العالمي المستمر. تنفذ المجموعة ببصيرتنا إلى التأثير الشخصي الناتج عن تدمير الثقافات وتشعب المعاناة الإنسانية التي يسببها أولئك الذين يسيطرون على مصادر القوة".
وكان القسم العربي في إذاعة الأس بي أس الأسترالية، قد أجرى مقابلة مع الشاعر الحلّي، طرح عليه في بدايتها سؤالاً عن الخيط الذي يربط بين قصائد المجموعة التي كانت مما كتبه خلال 30 عاماً، فقال أن قصائد المجموعة هي التي اختارت نفسها من بين قصائد كثيرة، بسبب قربها إلى نفسه عاطفياً وفكرياً، ولعل الخيط الذي يربط بينها، انها تستوحي بشكل متمازج الهم الفردي والهم الإنساني العام، وتعكس مشاعر المحبة والاغتراب والحنين على اختلاف أوقات كتابتها.
وفي هذا السياق أكد انه ليس من السهل على الشاعر أن يلغي قصيدةَ أو قصائد من حسابه، ولكن مثل هذا يمكن أن يحصل انطلاقاً من الموضوعية، ومن حرص الشاعر على نتاجه، وعلى رضا قرائه. ولهذا فمن الطبيعي أو من الضروري أن يراجع الشاعر ما يكتب بين آونة وأخرى، وليس من المُلزم أن ينشر كل ما كتبه أو يكتبه في مجموعة أو ديوان.
وردا على سؤال حول ما يدفعه إلى كتابة الشعر أجاب قائلاً: - ليس للشعر برنامج أو تخطيط لديّ، ولكنني أجد نفسي أكتبه تنفيسا عن حاجة داخلية تريد أن تعبر عن نفسها، أو حالة شعورية لا مفر من الاستجابة لها، وعندما تختمر تلك الحاجة أو الحالة سرعان ما تتشكل عناصر القصيدة وتأخذ طريقها إلى الظهور. يتهيأُ لي أن النفس الشاعرة، تتفاعل داخلها، بشكل غير محسوس ظاهريا، خلاصاتٌ لمشاعر وأحاسيسَ مختلفة، وانعكاساتٌ عديدة لما تفرزه الأيامُ وانعكاساتُها على صعيد شمولي، بموقفٍ أو ردِ فعلٍ يمتزج في مدياته الخاص مع العام. قد تبدأ القصيدة بومضة غريبة ومفاجئة، يجد الشاعر انها بعد التأمل والاستغراق تأخذ شكل قصيدة.
وحول تجربة ترجمة قصائده إلى اللغة الإنكليزية، قال الشاعر الحلّي ان هذه ليست هي المرة الأولى، فقد قام الدكتور رغيد النحاس أيضا بترجمة مجموعتي الشعرية "مدنٌ غائمة" إلى الإنكليزية تحت عنوان “ Your Name Is My Memory ”، وصدرت هذه المجموعة عن دار نشر پاپيروس في ملبورن عام 2012، وقد أشاد بالترجمة مهتمون من الناطقين باللغتين العربية والإنكليزية. ولا شك ان هذه القصائد المترجمة موجهة إلى الناطقين باللغة الإنكليزية، و إلى الشباب المنحدرين من أصول عربية ممن حالت الظروف دون تعلمهم إو إجادتهم اللغة العربية.
وخلال هذه المقابلة الإذاعية التي أجرتها معه الإعلامية إيمان ريمان، وصفت شعره بانه ذو جرس ولحن جميل، ونهايات غير متوقعة، لا يمكن لها إلا أن تصدر عن شاعر أصيل مرهف الحس قادر على تطويع المفردات والقوافي. ومن هذا المنطلق طلبت إليه أن يتحدث عن هذه الميزات، وكيف تخرج القصيدة لديه إلى النور، وكم يعاني فيها، فتحدث قائلا:-
" - إن التلقائية تغلب على القصدية فيما أكتبه من شعر. ومع اعتقادي بأن الموسيقى عنصر أساسي ومهم في كتابة الشعر، فإنها تبرز فيما أكتب بشكل تلقائي. وأنا مع الرأي القائل بان العمل الابداعي يصبح بعد نشره ملكاً للقراء جميعا، وليس للمبدع وحده فقط، ومن هنا فأنا لا أفضل الحديث عن سمات شعري بنفسي ولكنني أترك ذلك للآخرين.
ومن جانب آخر، فإنني يحدث لي أحياناً، أن أفكر بعد الانتهاء من كتابة قصيدة ما، بكيفية ظهور هذا المقطع أو ذاك، ولكنني لا أتذكر شيئاً دقيقاً، ومع اختلاف حالات الكتابة الشعرية باختلاف طبيعة التجربة، والظرف النفسي والشعوري عند الكتابة، فان لكل قصيدة أجواءَ كتابتِها التي تختلف عن أجواء كتابة قصائد أخرى. أما بالنسبة للوزن فإن القصيدة تنطلق من داخلي وقد اختارت وزنا شعريا ما فأكمل كتابتها ضمن المسار الموسيقي لنفس الوزن".
هذا وكان قد صدر للشاعر الحلّي كتاب بعنوان "عينان بلا لون" في العراق عام 1964 جمع بين الشعر والتأملات، ثم صدرت طبعة ثانية منه في ملبورن عام 2012 . كما صدرت له في العاصمة المغربية الرباط عام 1988 مجموعة شعرية بعنوان "مدن غائمة"، ثم صدرت ترجمة كاملة لها إلى اللغة الإنكليزية عن دار نشر پاپيروس في ملبورن عام 2012 بعنوان “ Your Name Is My Memory” قام بها الدكتور رغيد النحاس.
ــــــــــــــــــــــــــ
* شاعرة أسترالية