دخل الفنان هاني مظهر، المولود عام 1955 في مدينة السماوة والمغترب حاليا في بريطانيا، عالم الفن التشكيلي منذ نعومة أظفاره. وعكست أعماله التي صار ينجزها بعد أن صقل موهبته الفنية وتخرج في معهد الفنون الجميلة ببغداد، معاناة العراقيين، وهذا نابع من توجهه اليساري، الذي جعله لصيقا بهموم وطنه وشعبه.
وعبر خطوط وألوان وأشكال فنية، يجسد مظهر تفاصيل يومية عراقية، تعكس مظاهر الوجع والمعاناة التي يعيشها أبناء شعبه. كما تكشف أعماله عن حسه الوطني، وعما كابده من معاناة إثر الملاحقات التي تعرض لها على أيدي أزلام النظام الدكتاتوري المباد، والتي اضطرته إلى الهجرة.
وهو في مغتربه، جعله حنينه الدائم إلى وطنه، وتحديدا مدينة طفولته وصباه (السماوة)، يحتضن كل ما احتفظ به في ذاكرته، ليعيد طباعته على اللوحات عبارة عن أشكال وتخطيطات لونية.
مراسل "طريق الشعب" في مدينة السماوة، صادف أن التقى الفنان هاني مظهر في مقر الحزب الشيوعي العراقي في السماوة، وذلك خلال زيارته الأخيرة مدينته قادما من مغتربه. فأجرى معه الحوار التالي:

سمعنا أن جدران "نادي السماوة" الرياضي كانت في السابق مزدانة برسومك أنت وعدد من فناني المدينة. هل تتمنى أن تعاود خوض هذه التجربة

الفنية؟

 اتمنى ذلك. فقد كانت بحق تجربة رائعة ابان سبعينيات القرن الماضي، وشارك فيها عدد من الفنانين المتميزين، أذكر منهم عباس حويجي وسامي مشاري. واليوم وجدت السماوة أكثر سعة من ذي قبل، فأحسست أن المجال مفتوحا لخوض مثل تلك التجارب الجميلة.
معظم لوحاتك التي أنجزتها في الغربة مشحونة بالتساؤلات. فهل وجدت إجابات لتلك التساؤلات بعد عودتك إلى وطنك؟
- لا تزال تلك التساؤلات قائمة، وأضيفت إليها تساؤلات أخرى. فمعاناة الشعب العراقي لم تنته، منذ ايام النظام الدكتاتوري المباد حتى اليوم.
هل تعتقد أن العراق مقبل على احتضان أبنائه المبدعين؟
- على الرغم من الفوضى الحالية وتفشي الفساد وشيوع المحاصصة الطائفية، لكني اعتقد أن الوضع سيتحسن في النهاية، وأن العراق سيتطور وينهض بمثقفيه ومبدعيه. لذلك علينا أن نؤسس بيئة فنية صالحة للإبداع.
هل أقمت معارض فنية في الخارج؟
- نظرا لسفري الكثير، وتنقلي بين مكان وآخر، أتيحت لي فرص جيدة لإقامة معارض شخصية، والمشاركة في معارض جماعية. فقد كانت لي مشاركات فنية في الكويت ولندن ومدريد وطوكيو وقطر، وأخيرا في اسطنبول. ولا تزال إمكانية إقامة المعارض قائمة، وأتمنى أن يكون معرضي القادم في السماوة.
هل تجد أن المتلقي يستطيع تفسير موضوعات لوحاتك، على اعتبارها تتميز بأسلوبها التجريدي وتقنياتها اللونية؟
- أحاول دوما أن اقترب من المتلقي. ولكن ليس على حساب العمل الفني. وفي الوقت نفسه ليس من الضرورة أن يكون العمل معقدا وبعيدا عن الناس.
ماذا أضافت الغربة إليك وإلى إبداعك؟
- أضافت الكثير. لكنها لم تستطع أن تقتلع جذور انتمائي إلى وطني رغم إغراءاتها. فأجمل حدائق وبساتين العالم لم تجذبني مثلما كان يجذبني بستانا "الإمامي" و"محمد علي" في السماوة. أما بالنسبة للإبداع، فقد منحتني الغربة فرصة للاطلاع على تجارب فنية كثيرة.