باعتبارنا في عمر متقارب، فهو يكبرني ببضعة أشهر فقط، ولأنه خالي أيضا، فأنا أعرف كيف تبدلت اهتمامات وحياة الفنان فخري محمد عرب، من الملاكمة والمصارعة، للفن والمسرح تحديدا، وكنت قد سبقته بسنوات قليلة للنشاط في هذا الميدان، ففي عام 1968 أخرج الفنان صالح البدري في الناصرية، مسرحية ( حفلة سمر من أجل 5 حزيران ) وهو نص كان يحتاج عددا كبيرا من الممثلين، وكانت شخصية ( التأريخ) في النص تحتاج ممثلا جريئا، يخترق الجمهور من باب القاعة الرئيس، وهو يلبس زيا غريبا وغير مألوف، ولم يكن سوى فخري من هو قادر على تلبس هذه الشخصية الجريئة، وكانت تلك أول خطوات فخري عرب نحو المسرح، وهي من قادت خطاه فيما بعد، الى التقديم لأكاديمية الفنون الجميلة، ولفرع المسرح تحديدا، بدلا من كلية الشرطة التي كان يزمع التقديم لها!

بعد العمل المسرحي الأول في الناصرية، ساهم فخري كممثل أيضا، في مسرحية(في انتظار اليسار ) وكانت من إخراج الفنان حكمت داود، مما أكسبه خبرة وتجربة جديدة، لذلك عندما قدم للأكاديمية، أدهش اللجنة التي تختبر المتقدمين، وهو يقدم مشهداً لشخصية ( يانك ) بطل مسرحية ( القرد الكثيف الشعر) ليوجين أونيل! فكان ضمن الخمسة الأوائل المقبولين، من بين عشرات المتقدمين!

وفي الأكاديمية وطوال سنوات الدراسة الأربعة، كان فخري عرب مشاركاً أساسياً في العديد من أطاريح زملائه، ومن بينها تمثيله في مسرحية ( الجراد) لسعد الله ونوس، ومسرحية ( أنتيكونا ) لسوفوكليس، وكانت من إخراج الفنان أسعد راشد، ومثّل أيضاً في مسرحية ( حصان محترق الأطراف) تأليف مهدي السماوي وإخراج فيصل المقدادي، كما مثل في مسرحية ( كوميديا أوديب ) وهي من تأليف علي سالم وإخراج الفنان سامي عبد الحميد. كما عمل مساعد مخرج أولا، مع الفنان أسعد عبد الرزاق، في مسرحية (هنري الرابع). بعدها مثل في مسرحية (الأشجار تموت واقفة) والتي فازت كأفضل عمل، في مهرجان المسرح العالمي.

وفي إطروحته للتخرج من الأكاديمية، قدم فخري عملاً ليوجين يونسكو وهو (الملك يموت) والنص من أدب اللامعقول!

بعد تخرجه تم تعيين الفنان فخري عرب في التلفزيون التربوي، ولأنه لم يكن بعثياً، فقد تم نقله بعد فترة لتربية الرصافة، ونسب كمحاسب في متوسطة بلال الحبشي! ولكنه لم يسكت ويرضخ، بل قابل مدير تربية الرصافة، واحتج على قرار نقله، فتمت إعادته الى التلفزيون التربوي، والى النشاط في دائرة السينما والمسرح.

بعدها نشط الفنان فخري عرب، في مجالات فنية كثيرة، ففي التمثيل عمل في مسرحيات عديدة، من بينها مع الفنان ثامر الزيدي، الذي أعد مسرحية ( الجمجمة ) لناظم حكمت، كما مثل في مسرحية ( السقاء الطيب) من تأليف وإخراج الفنان عبد الأمير السماوي، ومثل أيضاً في مسرحية (الغابة السعيدة ) وهي من تأليف عباس الحربي وإخراج نزار الناصري، ومثل أيضاُ في المسرحية الغنائية(شجرة التفاح ) وهي من تأليف وإخراج حميد خليفة، وكلمات الأغاني للشاعر كريم العراقي وألحان غانم غاوي.

وفي مجال الإخراج، أخرج للنشاط المسرحي، نصاً من تأليف الفنانة زينب، عنوانه (الجرح)، وتم عرض العمل في مدارس سلمان باك ومدينة الثورة والراشدية، كما أخرج مسرحية ( الانتظار والعودة) لفرقة العراق المسرحية، وقدمها على مسرح الشعب في باب المعظم، وأخرج لمركز شباب العدل مسرحية ( الطيور المهاجرة )، وهي من تأليف معاذ يوسف، فحصل على الجائزة الأولى على مراكز شباب بغداد. وأخرج كذلك مسرحية (عودة النوارس) وهي من تأليف علي خضير وتمثيل الفنانة سمر محمد وطلاب المعهد والأكاديمية.

وفي إخراج الأوبريت قدم للراحل (وفاء عبد الوهاب) أوبريت (الفلاح والبستان) وكان من ألحان الفنان عبد الحسين السماوي، وقد مثل تربية الرصافة في المهرجان القطري، فنال الجائزة الثانية على القطر، بعدها أخرج أوبريت (النور الدائم) وقدمه في مهرجان مدينة السماوة، فحصل على المركز الأول عام 1979. وفي عام 1980، أخرج لتربية الكرخ (الشياطين الأربعة) وهو نص للشاعر (زامل سعيد الفتاح) ولحنه الفنان (رضا علي) ففاز بالجائزة الأولى في المهرجان القطري، على صعيد النشاط المسرحي.

كما عمل مساعد مخرج مع المخرج (محمد شكري جميل)، في فلم (السلاح الأسود) والذي كان من تأليف ثامر مهدي.

عام 2000 شارك في تمثيل مسلسل تلفزيوني، من 17 حلقة بعنوان ( المقتفي لأمر الله )، وهو من تأليف معاذ يوسف، وإخراج طارق الحمداني، كما شارك في تمثيل 7 مسلسلات إذاعية، من إخراج عبد الجبار عباس والراحل يوسف سواس.

وبعد سقوط النظام، شارك في تكوين فرقة (الصداقة) المسرحية، المحسوبة على الحزب الشيوعي العراقي، وأخرج لها مسرحية (مملكة الأسود) وهي من تأليف وتمثيل عدنان شلاش وهادي الشاطي، وتم عرض المسرحية في مدن كردستان.

عام 2016، تم تكريم الفنان فخري عرب، من قبل (المركز الثقافي البغدادي) كما تم أيضاً تكريمه بقلادة الإبداع من قبل (تجمع الفرق المسرحية الأهلية).