امتدت سهرتي حتى الساعة الثالثة صباحا صحبة فيلم " Griffin and phoehix". لم أكن متحمسا لمشاهدته اول الامر، حينما بدأ باغنية حزينة حيث الكاميرا مسلطة على وجه ممثل في اواسط الخمسينات، على وسامة وحزن واضحين، يدخل الى مصحة، تقول له الطبيبة: عليه أن يجري العملية "نفهم إنه مصاب بسرطان الرئة.. وإن كل ما يستطيع جسده أن يحتمل هو أقل من عام". يرفض اجراء العملية، تنصحه بمراجعة الطبيبة النفسانية. في طريق المستشفى، يقرر ان لا يخضع نفسه لأي علاج وأن اقل من سنة يعيشها كما يحب كافية جدا! يلتقي صدفة بأمرأة في اواسط العمر بقامة ممشوقة يخبرها: انه يعيش مناسبة، ويعد هذا اليوم هو يوم سعده ويطلب منها ان تقبل دعوته للعشاء.. يدلها على المطعم ويمضي.
في مشهد آخر نراه متأنقا ويضع المشروبات امامه، في حين تجلس هي في المقهى المقابل للمطعم تراقبه وتراقب لهفته.. وتبدأ علاقة انسانية عميقة وهائلة. رجل وحيد ينتظر موته، في حين يكتنف الغموض بعض تصرفات المرأة، لكنهما حينما ينامان في السرير يخبرها بعجزه الجنسي ويقول لها بسبب "حادثة" تحيله الى الحبة الزرقاء يتحجج بانه يتناول دواء الضغط ولا يستطيع.. تقول له "اعتقد ان العناق يكفي" ويمضيان بعلاقة حميمية هائلة قوامها العناق والقبل.
بعد ان يراجع الطبيبة النفسانية التي تحاول ان تقنعه بالعدول عن قراره والقبول بالعملية يرفض.. تسلمه كتبا تتحدث عن الموت والاستعداد النفسي لتقبله بسهولة، يقلبها ومن ثم يلقيها تحت السرير، ينهمك مع حبيبته بمغامرات كوميدية جميلة، وفي يوم تعثر حبيبته على الكتب التي تتحدث عن كيفية التعامل مع من لا يملك إلا انتظار الموت، يجن جنونها وتصرخ به "انه يستهين بها.. او يشفق عليها" فيفاجأ بالأمر. تهرب يلحقها، وفي الشارع يدور أقسى حوار بينهما بعد ان يمسكها محاولا ان يفهم منها لماذا هي تهرب منه؟ يصر على معرفة السبب وتصرخ بوجهه: انها مصابة بالسرطان وبمراحله الاخيرة فيخبرها بحالته! فتبدأ لحظة عناق يتخللها البكاء... يعودان الى البيت، يقرران ان يعيشا ايامهما الاخيرة بكل ما فيها من عنفوان.. ويبدآن بمحاولات لتحقيق ما لم يتمكنا من تحقيقه في حياتهما السابقة.. ويدخلنا المخرج في مشاهد كوميدية رائعة... من ضمنها انهما لم يجب أن يمارسا الرسم بالألوان في أماكن عالية.. فيرتقيان أعلى خزان في المدينة، يرسم كل منهما على الجانب المعاكس لوحته، يرسم هو قلبا كبيرا وسطه "كريفين يحب بونكس" وترسم هي لوحة اخرى. ومشهد ركوب القطار وهو يسير. او التسلل الى دار السينما بلا تذكرة.. او ركوب الامواج.. ويخبرها انه متزوج ومنفصل عن زوجته ولديه منها ولد وبنت... تخبره انها يجب أن تلتقيهما، تجلب لهما الهدايا وسط كل هذا وتقول له انها لا تتمكن ان تعيش حتى الكريسمس، تبدأ هي بالانهيار بسبب سرعة انتشار السرطان في جسدها وتنقل الى المستشفى.. حينما يزورها تطلب منه المغادرة.. لكنه لا يستطيع، تنتابه نوبة غضب ويبدأ بتحطيم سيارته والسيارات المركونة في الشارع بواسطة قضيب حديدي، في مشهد يدل على رفضة للعالم واحتجاجه على قرب مغادرتهما العالم.. يودع السجن لكنه يخرج بكفالة... يبني اكبر شجرة عيد ميلاد مستعينا بأحد محلات الخردة وينصبها في مكان ناءٍ.. يعود الى المستشفى ويقنعها بالذهاب معه "لأن هناك مفاجئة"... يجلسها على كرسي طالبا منها أن تغمض عينيها.. ويبدأ هو بإشعال مصابيح الشجرة.. واعلان الاحتفال... يحملها ويمضيان في طريق ضبابي.. وفي المشهد الأخير نرى عمال الصيانة وهم يمسحون بدهان ابيض وببطء اسميهما من أعلى الصهريج... دلالة على مغادرتهما العالم.... فيلم مذهل، يفسر عبارة "ان ترى فيلما وتنسى نفسك تماما".. الفيلم تمثيل "امند بيت" و"درموت ميلوري".

عرض مقالات: