الى خضير ميري وفاء

قبل أي عبارة اقولها، "أعترف بأننا جميعا لم نكن أوفياء بالمعنى الحقيقي لكلمة الوفاء معك! ... نحن "المجموعة المعنية بالأدب والفكر"، وإزاء هذا التقصير.. قررت يا خضير ميري أن تركب السحابة المغادرة، أن تختار ليلة باردة لتغادرنا.. وقفت وحيدا وسط مركب الوحدة ازاء الموت والذي لم يتسن لك أن تفلسفه على عادتك وأنت تفلسف الاشياء. وحينما وصل الأمر مداه قلت لمن رفعك الى غرفة في مستشفى مدينة الطب، أن يهبط بك الى الطابق الأرضي حيث المارة وباعة جوالون وناس تتحلق حول عربات البيع... لم تطلب ماءً ولا سكرا ولا طعاما... طلبت من بائع على الناصية بمواجهة المستشفى علبة سكائر فقط واخرجت من جيب معطفك المتهالك قداحة... اشعلت سيكارتك ونفثت دخانها في برد الليل الموحش، وحين مرت بك سيارة تاكسي غريبة بلا نوافذ، أوقفتها ، كان يقودها رجل يشبه "ملاك " بجناحين عملاقين.. لم يكن مخيفا ولكنه كان متعجلا، وسوست لك نفسك انه من سيقودك الى المكان الذي تريد.... قال لك الى اين؟
اجبته بسرعة وانت تخرج سيكارة اخرى وتشعلها
ــ الى المقبرة..! واضفت
ــ انا لا أملك مالا لأعطيك، ولكن لدي الكثير من الكلمات التي "اذا رغبت أن أعطيك منها ما تريد"، وأضفت "كذلك سأترك لك هذا المعطف وهذه الهوية" ... قال لك والى ماذا تشير هذه الهوية؟ قلت:
ــ هوية اتحاد الادباء .... وهذه ايضا ... انها هوية نقابة الصحفيين العراقيين.. وهذه هوية نقابة الصحفيين والكتاب العرب ... وهذه هوية اتحاد الادباء والكتاب العرب. وهذا "سيفي" يشرح لك كل شيء، كتبت فيه كل ما انجزت بدءا من الجنون والعسل ومرورا بإشكالويات خضير ميري، والكثير من كتب الفلسفة والقصة والرواية والنقد.. الكثير من الشعر هل تريد ان اقرأ لك شعرا حتى تصدق؟
ضحك الرجل الملاك وقال لك: اركب بسرعة واغلق الباب جيدا لانني سأقود بسرعة جنونية... وهكذا ركبت يا خضير ميري عربة الموت السريعة في ليلة باردة من ليالي بغداد، كنت متجهما فيما كان دخان سيكارتك الاخيرة يتصاعد في فضاء العربة .

عرض مقالات: