الشعار القديم والذي تبناه الحزب وقائده الرفيق فهد منذ تأسيس الحزب في 31 أذار 1934 [قووا تنظيم حزبكم .. قووا تنظيم الحركة الوطنية].
الحزب خلال مسيرته الكفاحية والنضالية، عقد عدداً من التحالفات بينه وبين القوى السياسية العراقية، وكانت ثنائية أحيانا، وأحيانا أُخرى مع عدد من القوى الوطنية والتقدمية العراقية.
ومنها ما كان تحالفا تكتيكيا لتحقيق هدف آني، ومنها ما كان تحالفا استراتيجيا وطويل الأمد.
ومن أهم التحالفات التي تمت بين الحزب والقوى الأُخرى هو تحالف جبهة الاتحاد الوطني في مطلع شهر اذار عام 1957 بين الحزب الشيوعي العراقي والحزب الوطني الديمقراطي بزعامة كامل الجادرجي وحزب الاستقلال بزعامة محمد مهدي كبة وحزب البعث العربي الاشتراكي .
الأحزاب القومية العربية رفضت طلب انتماء الحزب الديمقراطي الكردستاني الى الجبهة لاعتبارات قومية.
وقد تحرك الحزب الشيوعي العراقي وحرصا منه على وحدة قوى شعبنا الوطنية المعادية للاستعمار، والتي تؤمن بقيام نظام وطني ديمقراطي في عراق مستقل واحد، فقام الحزب بعقد تحالف ثنائي مع الحزب الديمقراطي الكردستاني، حرصا منه على عدم إبعاد الحركة الكردية عن نضال قوى شعبنا التحررية. هذه الجبهة وما تمخض عنها من عمل مشترك ومنظم، نتج عنه قيام ثورة 14/7/1958
ولكن مع شديد الأسف لم يتمكن هذا التحالف الوطني العريض، من تحقيق أهدافه والسير قدما نحو بناء دولة وطنية ديمقراطية، نتيجة تناحر هذه القوى والصراع الدموي، فضلا عن التدخلات الأجنبية والعربية وشركات النفط، وانفراط عقد هذه التحالف، والذي أدى الى قيام انقلاب دموي رجعي وذات سمات ونهج فاشي وإرهابي، قاده البعثيون وبعض القوميين وبمشاركة الإقطاع والقوى المتضررة من إجراءات قامت بها ثورة تموز وهي كثيرة بالرغم من قصر عمر الثورة المتمثل في أربع سنوات وعدد من الشهور.
انقلاب شباط الأسود والدموي الذي حدث في الثامن من شباط من عام 1963 م وبتأييد ودعم ومباركة الغرب والشركات النفطية والجمهورية العربية المتحدة آنذاك والدول الإقليمية .
هذا الانقلاب أعاد العراق الى المربع الأول، وأحدث شرخا عميقا بين القوى الوطنية والحراك الوطني الذي تأثر سلبا بنتائج هذا الانقلاب وما ترتب عليه من استحقاقات على العراق والمنطقة.
ونتيجة لتلك التطورات ، فقد تعرض الحزب فكريا وسياسيا وتنظيميا ، لهزات عنيفة وصراعات داخل منظماته وفي جسد الحزب بشكل عام ، أدى الى الانشقاق الكارثي والعنيف في جسد الحزب من القمة الى القاعدة ومن القاعدة الى القمة ، عموديا وأُفقيا ، وانعكس سلبا على حياة الحزب وأضعفه الى حد بعيد .
وتعرض الحزب الى ضربات متلاحقة وعنيفة من قبل الأنظمة المتعاقبة، وقدم خلال عمره من 1934 وحتى 2019، خيرة قادته وكوادره وأعضائه، وقدم الآلاف من الشهداء نتيجة بطش وإرهاب الأنظمة المتعاقبة وعلى وجه التحديد عام 1949 م بإعدام قادته الأماجد ومئات المعتقلين والمطاردين.
والفترة اللاحقة عام 1961 وما ارتكبته حكومة تموز بقيادة الزعيم الشهيد عبد الكريم قاسم من مضايقات واعتقالات وإرهاب مارسته القوى الرجعية، دون أن يقوم عبد الكريم قاسم بردعهم والقصاص العادل بحق من يمارس القمع والقتل والإرهاب، وكان يغظ الطرف عن تلك الجرائم.
وما ارتكبه الفاشيون البعثيون في شباط الأسود 1963 كان مروعا، فقد خاض العراق بأنهار من الدماء الزكية، التي أريقت على أرض العراق، وكان الضحايا شيوعيين وديمقراطيين والوطنيين، وسيق ما يزيد عن 700 ألف معتقل ومعتقلة الى مسالخ بشرية قل نظيرها في التأريخ الحديث.
وبعد كل ما عاشه الحزب ورفاقه وما عانته منظماته من قمع وقتل وسجن وتشريد وإرهاب، وتعرض وحدته الفكرية والتنظيمية الى الانشقاق والتفتت، تمكن وخلال فترة وجيزة لا تزيد عن سنة وعدد من الشهور، وبجهد جهيد من قبل الرفاق الحريصين على سلامة ووحدة هذا الحزب العظيم.
تمكن الحزب من الوقوف على قدميه واعادة الكثير من تنظيماته ونشاطه الجماهيري، ليعاود اصدار صحافته والكثير من الأدبيات التي تتبنى قضايا الناس الفقراء وتمس حياتهم وتعبر عن مصالحهم، لقد كان بحق عملا جبارا نهض به هؤلاء الأوفياء لحزبهم ولشعبهم.
في 17-30 تموز 1968 تمكن البعث من العودة الى السلطة والاستيلاء على مقدرات البلاد والعباد، وبعد ما تمكنوا من تأمين مواقعهم وسيطرتهم على مفاصل الدولة، بدأوا بفصل جديد باستهداف الشيوعيين وحزبهم ومنظماته التي تمت إعادتها في أغلب محافظات العراق.
والفصل الأول بدأ صيف 1969 باعتقال عزيز الحاج وأعضاء وكوادر القيادة المركزية للحزب الشيوعي، واستشهد تحت التعذيب قادة وكوادر هذا التنظيم، منهم متي هندو وأحمد الحلاق وآخرون.
وفي الفترة نفسها عام 1969 قام البعث بحملة بربرية ظالمة في صفوف الجيش العراقي تمثلت في اعتقال المئات من الضباط وضباط الصف وطلاب الكلية العسكرية والمراكز المهنية في معسكر الرشيد، وأودعوهم في معتقل سرية الخيالة في الباب المعظم وفي سجون الوحدات العسكرية في معسكر الرشيد، وسجن أبو غريب ومناطق أخرى.
وبشكل متواز مع هذه الحملات المنهجية المنظمة، قام النظام بإطلاق سراح السجناء السياسيين المدنيين، وليغطي على حملته البربرية ضد من يعتقد بأنهم شيوعيون في القوات المسلحة، وهي حملة ظالمة تستهدف بالأساس غير البعثيين.
وفي 31 آذار 1970 وبعد توقيع ما أصبح يعرف بـ ( اتفاق 11 أذار مع الحركة الكردية 1970) الذي يمنح الكرد حكما ذاتيا، بدأ فصل من الإرهاب المنهجي الجديد !..
وقد بدأ باغتيال الرفيقين الشهيدين ستار خضر وشاكر محمود أعضاء اللجنة المركزية في بغداد.
وأثناء الاحتفال بأعياد نوروز واتفاقية آذار، تمت تصفية القائد الشيوعي ورئيس القائمة المهنية للمعلمين وعضو منطقة بغداد للحزب الشيوعي العراقي الشهيد محمد أحمد الخضري، والذي كان مقررا أن يلقي كلمة الحزب في تلك المناسبة، فقد تم اختطافه أثناء خروجه من منزله ليتوجه الى الاحتفال، وقتله في سيارته التي ألقيت وهو في داخلها مقتولا، من على جسر الخضر في محافظة المثنى.
وبدأ فصل إرهابي أخر بحملة بربرية واسعة النطاق، شملت محافظات العراق كافة.
وتم اعتقال الرفيق عضو اللجنة المركزية توفيق أحمد (كاك هجار) والشهيد علي البرزنجي والرفيق الراحل ثابت حبيب العاني، وحسين نادر عضو محلية كركوك وأخرين. واستشهد تحت التعذيب في تلك الفترة أعضاء منطقة بغداد الرفيقين الشهيدين عزيز حميد وعبد الأمير سعيد وقد سبقهم الى الشهادة الخضري، وكذلك استشهد القائد الفلاحي وعضو منطقة الفرات الأوسط كاظم الجاسم بوشاية من قبل أحد المتعاونين مع الأمن، وهناك العشرات من الشهداء المغدورين.
وتم اعتقال وتعذيب المئات وهروب العشرات من بطش النظام، واستمرت هذه الحملة البربرية حتى 16 تموز 1973 تأريخ الإعلان الرسمي عن قيام (الجبهة الوطنية والقومية التقدمية) حينها تراجع الى حد كبير الإرهاب والملاحقة والاعتقال ضد الشيوعيين وإن كان مؤقتاً.
وجاءت فترة إعلان قيام هذا التحالف غير المتكافئ وغير المتوازن، فالبعث الحاكم يمتلك السلطة والسلاح والمال، والحزب الشيوعي العراقي قد خرج للتو من حملة بربرية ظالمة طالت كل منظماته الحزبية، ومنظماته الديمقراطية من طلبة وشبيبة ونساء وفلاحين، وهذه المنظمات كانت القوة الحقيقية لملاك الحزب ورصيده الجماهيري.
ولكن أقولها للحقيقة وللتأريخ!، إن الحزب كان بحاجة الى فترة لاستعادة منظماته وتأهيلها وإعادة الحياة الى جسد الحزب المنهك الذي تلقى ضربات موجعة وقاسية، وتعرضت منظماته وكوادره للأذى والعنف والإرهاب.
لذلك ومن وجهة نظري الشخصية، وبالرغم من أن المؤتمر الوطني الثاني الذي عقد في محافظة أربيل في ( دركلة ) جاء ما يلي [ حزب البعث .. حزب وطني معادي للديمقراطية وللشيوعية] ..
بالرغم من ذلك تمت اعادة النظر بما جاء به المؤتمر الوطني الثاني والذي أكد على أن حزب البعث (حزب وطني ولكنه معادي للديمقراطية وللحزب الشيوعي) فإن ما قامت به اللجنة المركزية للحزب كان صائبا من وجهة نظري.
فالحزب كان بحاجة ماسة الى فترة مراجعة ومراوحة ولو لفترة وجيزة يتوجه من خلالها الى اعادة الحياة الى تلك المنظمات، ليعيد توازنه وتنظيماته التي تأثرت بشكل كبير.
ولكن النهج الذي سار عليه الحزب وتعامله مع مجريات الأحداث لم يكن صائبا، ولا يتسم بالحكمة ولا ينم عن وعي وإدراك ومعرفة لنوايا البعث الشريرة والمعادية للحزب، وتجاهله حقيقة ما يضمره هؤلاء للشيوعيين، من دسائس وما يريد فعله اتجاه الحزب ومنظماته، ولم يمتلك الحزب أية خطة تكتيكية، تمكنه من التراجع وحماية منظماته ورفاقه من أية ضربة قد توجه للشيوعيين وحزبهم !.
الجميع يعلم بحجم الاختلاف والتقاطع مع البعث، وما كان يمارسه منذ عام 1961 وحتى عام 1973 اتجاه الشيوعيين وحزبهم، ولكن التأريخ هو ما كان وليس ما يجب أن يكون.
المجد للشيوعيين وما قدموه في سبيل الشعب والوطن ولكل الشهداء الأبرار، وللحزب الشيوعي العراقي المجيد.