د. فاضل عباس المندلاوي*

منح قانون  الانتخابات البرلمانية الحالية  الكرد الفيلية مقعدا واحدا فقط، والحقه بالمقاعد المخصصة لمحافظة واسط، اي ان التصويت للمرشحين المتنافسين عليه، ينحصر في هذه الدائرة الانتخابية.  وظلت محافظات مثل بغداد وديالى، وهي محافظات، يسكنها تاريخيا الكرد الفيلية بلا تخصيص مقاعد برلمانية. وفي ذلك غبن كبير لهذا المكون الاصيل من الشعب العراقي، ومع فتح باب الترشيح للتنافس على هذا المقعد اليتيم،  تقدم 12مرشحا لخوض السباق الانتخابي.

واثارت كثرة عدد المرشحين مخاوف  البعض  من  الكرد الفيليين، معتبرين ذلك علامة تفكك لابناء هذا المكون، وهناك من دعا الى ترشيح مرشح واحد فقط يمثل  حزبا فيليا مغلقا، بدعوى  الحفاظ على الخصوصية،  الا ان المطلع على تاريخ العراق السياسي  المعاصر يجد ان للكرد الفيلية دور حيوي في الحركة الاجتماعية والسياسية والثقافية  العراقية، ولا نجد اي حزب او حركة سياسية وطنية ظهرت في العراق تخلو من قادة واعضاء فاعلين منهم.  وهذا مؤشر على حيوية مشاركتنا  في الحياة الفكرية والسياسية والثقافية في العراق.

ان ما يثير القلق  ليس تعدد المرشحين وتنوع انتماءاتهم السياسية، ومشاربهم الفكرية، بل هو  اسس  اختيار المرشح الأكثر أهلية، والذي يجب ان يمتلك  رؤية سياسية تقوم على فهم حقيقي لحاجات الكرد الفيلية، والنجاح في تمثيلهم والدفاع عن حقوقهم،  بغض النظر عن انتمائه السياسي والفكري، وان اهم ما يحمي هذه المجموعة السكانية من الشعب العراقي من التشتت والفرقة ، ليس حصرهم في حزب واحد يحرمهم من تنوعهم الاجتماعي والسياسي، الذي يشكل الضمانة الوحيدة لاستمرار مشاركتهم في الصراع الاجتماعي والسياسي في العراق، والذي يجسد الترابط الوثيق بين تحقيق حقوقهم القومية وتجسيد خصوصيتهم الثقافية، وبناء دولة المؤسسات الوطنية الديمقراطية . ومن الضروري الوقوف بوجه الدعوات  الى فرض الحجر، ونمط التفكير الواحد على العقل الكردي الفيلي واجباره على الدوران في حلقة ضيقة. وفصله عن تاريخه الوطني والانساني المشرف، الذي سطره الكرد الفيليين بنضالهم الطويل والنبيل والصعب في صفوف احزاب الحركة الوطنية الديمقراطية العراقية، والذي جسد الشراكة باروع صورها. وهذا التاريخ ورموزه على اختلاف مدارسهم السياسة محط اعتزاز وتقدير فطري لدى الكرد الفيلية، وعموم الشعب العراقي.  ويتجسد التأثير السلبي  لهذه الدعوات في الدعوة الى الانطواء والتقوقع  على الذات، مما يجعل دورنا المستقبلي محدوداً في العراق الديمقراطي الفيدرالي الموحد، الخالي من التمييز العرقي والطائفي،  عراق الدولة المدنية الديمقراطية والعدالة الاجتماعية. وبالتالي توفير فرصة للقوميين المتطرفين لعزلنا ووضعنا في زاوية النسيان. ان تجربة كل الشعوب والأمم التي حققت نجاحات على طريق التحرر والانعتاق قائم على جعل التنوع منطلقاً للوحدة، وليس بوابة للمخاوف.

ــــــــــــــــــــــــــــــــ

*مرشح كوتا الكرد الفيلية.