الإنتاج السلعي الرأسمالي Capitalist commodity production
هو الشكل الأرقى في الإنتاج السلعي ويتمثل بتحول الإنتاج السلعي البسيط على نحو عفوي، الى إنتاج رأسمالي. هذان الشكلان: السلعي البسط والسلعي الرأسمالي يعتبران من حيث الأساس طرازا واحدا، فكلاهما يقوم على أساس الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج. إلا أن تحول الإنتاج السلعي البسيط الى رأسمالي يعني تغييرا جذريا في طبيعة العلاقات الإنتاجية: فبينما يقوم الإنتاج السلعي البسيط على العمل الشخصي لمالك وسائل الإنتاج، يقوم الإنتاج الرأسمالي على استغلال عمل الآخرين، عمل العمال الأجراء.
من متابعة الفروقات اعلاه والتي جسدت الفروقات بين شكلي الإنتاج الاجتماعي، البسيط والرأسمالي، يتبين لنا طبيعة القفزة التي تمت، في مجرى تطور التداول السلعي وذلك على مستويين:
اولا: المستوى الخارجي، أي تغير الشكل الذي يمس التداول السلعي عند تحول النقود الى رأسمال. ويعبر هذا الفرق في صيغتي (سلعة – نقد – سلعة) و (نقد – سلعة – نقد).
ففي الانتاج السلعي البسيط (سلعة – نقد – سلعة)، يستهدف بيع السلعة تبادل النقود مقابل سلعة تتمتع بقيمة استعمالية أخرى، واذن تنصرف النقود نهائيا.
أما في حالة الإنتاج السلعي الراسمالي وصيغته (نقد – سلعة – نقد) فان هدف عملية التبادل هو بالعكس النمو الذاتي للنقود المنفقة ابتداء، وإذن فإن النقود لا تحقق دورتها إلا بعد خروجها باتساع أكبر، وبالتالي لا يمكن اعتبار القيمة الاستعمالية الهدف المباشر للرأسمالي.
ثانيا: مستوى الفروقات النوعية للشكلين التاريخيين للتداول، أي الفروقات في المحتوى. لقد وجد الإنتاج والتداول السلعيان بدرجات مختلفة منذ آلاف السنين دون ان يعتري النقود تغيير جذري ونوعي، ودون ان تتحول الى رأسمال. إن الانتقال من النقود الى رأس المال هو الانتقال من التغيرات الكمية الى التغيرات النوعية. إذن لا بد أن تكون هناك شروط محددة ومقدمات جديدة، استطاعت وحدها ان تفسح لهذا التحول. إنه فقط ظهور العامل الحر والمحروم من وسائل الإنتاج، والمالك الحائز لهذه الوسائل، عندها يحدث التحول النوعي للنقود الى رأسمال. ان الإنتاج الرأسمالي هو الشكل العام للإنتاج السلعي، وتم ذلك عندما تحولت قوة العمل الى سلعة واستطاع العامل بيعها للحائز على وسائل الإنتاج. ومن هنا فان استغلال العمال الأجراء المحرومين من وسائل الإنتاج والمضطرين لبيع قوة عملهم هو السمة المميزة لرأس المال.
من المعلوم انه وفي ظل الإنتاج السلعي القائم على الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج، تكون العلاقات الإنتاجية ليست علاقات بين الناس أنفسهم، بل هي علاقات بين منتجات أعمالهم، وبالتالي فهي علاقات شيئية، فالأشياء أو منتجات العمل هي التي تقرر العلاقات الإنتاجية بين الناس.
ويتصف الانتاج السلعي، القائم على الملكية الخاصة لوسائل الانتاج، بالتناقض بين العمل الخاص والاجتماعي. فالملكية الخاصة لوسائل الانتاج تشتت شمل الناس، وتجعل من عمل المنتج الفردي قضيته الخاصة، غير ان التقسيم الاجتماعي للعمل يربط بين منتجي السلع، لأنهم لا ينتجون المنتجات لاستهلاكهم الخاص، وانما من اجل التبادل. انهم يتبادلون منتجات عملهم، لذلك فهم مرتبطون ببعضهم البعض. وفي ظروف الانتاج السلعي الرأسمالي يتبدى التناقض بين العمل الخاص، والعمل الاجتماعي تحت شكل التناقض الأساسي للرأسمالية – التناقض بين الطابع الاجتماعي للانتاج وبين الحيازة الرأسمالية الخاصة لثماره.
يقول ماركس أن “.. الشكل السلعي للمنتوج ... هو شكل للخلية الإقتصادية في المجتمع البرجوازي” ، وأن السلعة هي الشكل الأولي للثروة الرأسمالية، و”لذلك فإن دراستنا تبدأ بتحليل السلعة”.
إن دراسة السلعة كشكل “للخلية الإقتصادية” في المجتمع البرجوازي، قد أتاحت لماركس أن يرصد صورة جنينية لتلك التناقضات التي أدت لظهور التناقضات الأكثر جوهرية والمميزة للرأسمالية المتطورة. وبذلك اتضحت طبيعة الإنتاج الرأسمالي نفسها.