مواصل طريق ماركس وانجلز، زعيم البروليتاريا الروسية والدولية، ومؤسس الحزب الشيوعي للاتحاد السوفيتي والدولة السوفيتية. ولد لينين في سيمبرسك عام 1870، وفي عام 1887، وبعد أن أنهى دراسته الثانوية، دخل كلية الحقوق في كازان، ولكنه اعتقل بسبب نشاطه في الحركة الطلابية، واختفى من المدينة ووضع تحت رقابة البوليس في قرية كوكوشيكتو. في كازان (1888-1889) وسماري (1893 – 1898) درس لينين الماركسية وأصبح ماركسيا، ونظّم أول جماعة ماركسية في مدينة سماري. وعندما وصل الى سان بطرسبورغ عام 1893 أصبح زعيم الماركسيين فيها، وكان نشطا في الدعاية لتعاليم الماركسية بين العمال. وفي عام 1894 كتب أول مؤلف رئيسي له، وهو “من هم أصدقاء الشعب وكيف يحاربون الديمقراطيين الاشتراكيين”، وفيه دحض لينين النظرية الزائفة للشعبية (النارودنية) ومناوراتها. وفي عام 1895 وحّد الجماعات الماركسية في سان بطرسبورغ في “عصبة النضال من اجل تحرير الطبقة العاملة”. وبعد ذلك مباشرة اعتقل لينين وسجن ثم نفي الى سيبيريا. وفي أوائل عام 1900 هاجر لينين الى الخارج وهناك أسس “اسكرا” ومعناها الشرارة، وهي أول صحيفة ماركسية توزع على نطاق واسع في روسيا، وقد لعبت دورا هائلا في تكوين حزب ماركسي من طراز جديد، وفي وضع برامج الحزب. وقد شهد المؤتمر الثاني لعصبة النضال من أجل تحرير الطبقة العاملة عام 1903 تدشين الحزب البلشفي، الذي قاد البروليتاريا والفلاحين الكادحين – تحت قيادة لينين – في الصراع للإطاحة بالاوتوقراطية القيصرية وإقامة نظام اشتراكي محلها في اكتوبر 1917.
وقد واصل لينين، في كتابه “الإمبريالية أعلى مراحل الرأسمالية” (1916) تحليل أسلوب الإنتاج الرأسمالي الذي كان ماركس قام به في “رأس المال”، وأكتشف لينين القوانين التي تحكم التطور الاقتصادي والسياسي للرأسمالية في عصر الاستعمار. وقد تجلّت روح لينين في نظريته في الثورة الاشتراكية. فقد برهن على انه – في ظروف التطور غير المتوازن للرأسمالية في مرحلة الاستعمار – يمكن أن تنتصر الاشتراكية في بلد واحد أو عدة بلدان كبداية، ولكن ليس في كل البلدان في وقت واحد.
وإضافة لذلك يرتبط اسم لينين بتطور كل جوانب الماركسية، بما فيها الفلسفة. ففي عام 1908 كتب لينين مؤلفه الفلسفي الرئيسي “المادية والمذهب النقدي التجريبي” الذي قدم فيه تحليلا عميقا لآخر إنجازات العلم الطبيعي في ضوء المادية الجدلية، وطور المبادئ الأساسية للفلسفة الماركسية، وخاصة نظريتها في المعرفة. وعمل بكد شديد لتطوير واستكمال المادية الجدلية، التي وصفها بأنها “روح الماركسية” وبأنها “الأساس النظري الأساسي” للماركسية.
وكان لينين يعتبر نظرية المادية التاريخية أساسيا علميا للوصول الى معرفة قوانين التطور الاجتماعي، وللنضال الثوري من اجل تحويل المجتمع. ومن الأمور ذات الأهمية الخاصة بحثه في مشكلات الطبقات والصراع الطبقي والدولة والثورة، والتي يمكن العثور عليها في عمله الهام : “الدولة والثورة”.
وأعار لينين اهتماما كبيرا لصياغة التكتيكات الملموسة التي ينبغي أن تتناسب والوضع الملموس وعبارته الشهيرة : “التحليل الملموس للوضع الملموس” مهمة جدا لفهم جوهر رؤيته للتكتيكات وعلاقتها بالاستراتيجية. وأعتبر لينين إن اختيار الطبقة العاملة وحزبها هذا الشكل للنضال أو ذاك أهم مسألة للتكتيك. ولا يمكن حل هذه المسألة مسبقا، في هدوء المكاتب، ولا يعطى الجواب عنها إلا تطور الحركة نفسها ومراعاة الخبرة التي كدستها الجماهير والظروف الوطنية الملموسة.
وفي كتابه الهام : من هم “ أصدقاء الشعب “ وكيف يكافحون ضد الاشتراكيين الديمقراطيين؟ لخص لينين الموقف من أشكال النضال وتكتيكاته بعبارات بسيطة وواضحة وذات مغزى عميق في الوقت ذاته حين قال “لا يمكن إعطاء شعار النضال دون دراسة كل شكل من أشكال هذا النضال بكل تفاصيله، ودون التتبع خطوة فخطوة متى ينتقل من شكل الى شكل آخر، كي نعرف في كل لحظة محددة أن نقرر الوضع من دون أن نغفل الطابع العام للنضال وهدفه الإجمالي: القضاء التام والنهائي على كل استثمار وكل اضطهاد”