تمر السنون بسرعة، وكأنها حدثت بالأمس، فكلما اذهب لزيارة قبرك يا زوجي العزيز (خليل حسن صالح الجبوري) أبو الهيجا اتحدث اليك وما زلت اشعر بقربك الذي  يباعد الوحشة التي تركها غيابك.

أتذكر محطات كثيرة جمعتني بك منذ ان كنا في جامعة الصداقة عام 1974 في الاتحاد السوفييتي، هل نسيت أيامنا بعد احداث بشت اشان حين انتقلنا الى هزار ستون ذلك الكهف الذي ضمنا سوية. كنت تحرص بسبب كبريائك ان لا تظهر ارهاقك وتعبك من المرض الذي ألم بك حتى لا تتهم بالتمارض؟

شحوبك اعلن سرك،  واتفق الجميع على ارسالك للعلاج، ولكن البيروقراطية آنذاك لم تتفهم وجعك، وساءت حالتك الصحية وبدلا من إيجاد بلد للعلاج ارسلنا الى اليمن، وبعد سنتين من معاناتك وجدنا في بلغاريا التي اعلن اطباؤها اصابتك بالمرض الخبيث، وفي السويد قال الأطباء كلمتهم الفصل ان الوقت قد تأخر لعلاجك، تقبلت الصدمة بهدوء  وكنت ارقبك كيف كنت تعاني بصمت.

وفي يوم 3-9- 1993قررت ان ترفع غطاء الأرض وتذهب بدون ان تقول لي شيئا، من دون ان تبوح برغباتك وامانيك، من دون ان تتكحل عيناك الجميلتان بسقوط الطاغية الذي افنيت عمره بالنضال ضده.

في يوم رحيلك ليس لدي سوى ان اقدم اليك باقة من الشهادات عنك، هي لون روحك الطيبة وشجاعتك واخلاصك المتفاني في خدمة الوطن والحزب.

 فها هو الرفيق أبو لينا احد رفاقك الأنصار يقول ( تعرفت على أبي الهيجا في الأيام الأولى لوصولي الى كردستان قاطع بهدنان في تموز 1981 حيث صاف ان وصلت الي مقر القاطع السرية الأولى  التي يقودها الرفيق أبو ليلى، وكان أبو الهيجا ضمن هذه السرية، وكان وصولهم في تلك الظروف يعد حدثا استثنائيا لتغيير الأجواء وفرصة الى لقاء الأصدقاء وسماع الاخبار وتبادل الاحاديث والطرف والذكريات.

ساهم أبو الهيجا بالعديد من العمليات العسكرية بالإضافة الى الاستطلاع والعمل الدعائي بين السكان. وتميز بحمله (العفاروف) الثقيل المتميز بطول مداه الناري، وكان من المتعارف عليه ان يحمله من قبل شخص واحد ويحمل شخص ثان أجزاء ملحقة به، ولكن أبو الهيجا على حمله مع اجزائه وحده رغم المسافات الطويلة ووعرة الطرق في الجبال.

 تميز أبو الهيجا بشجاعته، وتواضعه ولهذا كسب حب وتقدير رفاقه الأنصار.

ولولا سوء التقدير في فهم حالته والبيروقراطية آنذاك ربما يكون أبو الهيجا معنا الآن، لقد غادرنا مبكرا عن عمر يناهز 41 عاما

 وذكر الرفيق أشتي  أن أبا الهيجا  قد ولد في من منطقة الضلوعية في صلاح الدين عام 1952 وقد اضفت عليه تلك البيئة صفات التحدي والصلابة وحب الفكر الشيوعي بحكم تأثره بأخواله المنتمين للحزب الشيوعي العراق، فمنذ نعومة اظافره وهو في المتوسطة طريقه بالارتباط مع الحزب وان يصقل قدراته الفكرية لاحقا، مما زاده رسوخا، وقد لبى نداء الحزب في الذهاب الى كردستان ، فبعد تخرجه عام 1980 وحصوله على شهادة الماجستير في هندسة المناجم  سافر الى لبنان للتدريب  ثم التحق بالأنصار ليكتب مأثرته  بالدم والجهد مع بقية رفاقه الابطال.

وأخيرا يا حبيبي نم بسلام، فليل الأعداء قد مضى  وسيمضي الذين يحالون التقليل من شأنه،  وسأحافظ على وصيتك لي بالالتصاق بالحزب، وسأبقى كما عهدتني .شامخة ووفية لذكراك العطرة.