كمال يلدو

نشرت مؤسسة كارنيكَي الامريكية المتمركزة في ولاية نيويورك

Carnegie Corporation of New York

مقالة استأجرت لها صفحة كاملة في جريدة (نيو يورك تايمز) الامريكية الواسعة الانتشار يوم ٤ تموز ٢٠١٨، وفي الذكرى الثانية والاربعين بعد المئتين للعيد الوطني الامريكي الذي يُحتفل به يوم ٤ تموز من كل عام، وحمل عنوانا بارزا ومهماً:

تحية اكبار وتقدير الى ٣٨ مهاجرا متميزين بعطائهم!

ولعل واحداً من الاسباب التي دعت هذه المؤسسة لنشر هذا الاعلان، وتوقيته في عيد الاستقلال، وفي واحدة من اهم الصحف الامريكية هو الرد المباشر على السياسة المتطرفة التي يتبناها الرئيس الامريكي، ومعه صقور الحزب الجمهوري تجاه مجموعة معينة من المهاجرين، نسبة الى اصولهم الآسيوية والافريقية أو من امريكا اللاتينية.

ومن المفرح أن يكون من بين ال ٣٨ شخصية أمريكية متميزة (من اصول مهاجرة) التي اختارتهم مؤسسة كارنيكَي لهذا العام، الامريكية من اصول عراقية ، الدكتورة مونا حنا ـ عتيشا ، الرئيسة السابقة  لقسم الاطفال في (مستشفى فلنت) والتابعة لولاية مشيكان الامريكية والاستاذة في الكلية الطبية لجامعة ـ مشيكَان ستيت ـ  والتي اشتهرت وعرفت بأنها هي التي كشفت اكبر فضيحة تتعلق بالتغطية على الفساد الاداري في ولاية مشيكان بشأن الماء الملوث بنسب عالية جدا بمادة الرصاص والتي  تترك آثارا صحية وخيمة نتيجة دخولها الجسم وتمركزها في الدماغ او حوله ، مما يعني نسبا عالية من الامراض والتشوهات الخلقية لدى الاطفال والكبار والنساء الحوامل اللواتي يستخدمن الماء الموّرد من قبل المؤسسات البلدية ، حيث جرى حينها (عام ٢٠١٥)  استبدال عقد توريد الماء الصالح للشرب الى سكان مدينة فلنت، من شركة الى اخرى بغية توفير بعض الاموال اثناء مرور الولاية بأزمة مالية، ضاربين عرض الحائط كل التحذيرات من ان البني التحتية للشركة الجديدة هذه ،  قديمة ومتآكلة وسوف تسبب كوارث صحية ، لكن ( الدكتورة مونا ) وايمانا منها برسالتها الانسانية كونها طبيبة ومثقفة ، وتنحدر من عائلة عراقية عرفت بوطنيتها في العراق وفي امريكا ، تحدّت هذا الواقع الفاسد وكشفتهم للرأي العام المحلي والوطني  وحتى العالمي ، حيث احتلت قضية (نسبة الرصاص في ماء مدينة فلنت) عناوين الكثير من الصحف ونالت اهتمام مؤسسات محلية وامريكية وعالمية لما له من اهمية على حياة الانسان وسلامته ، ونتيجة لهذا الدور الكبير الذي لعبته في اثارة هذا الموضوع مع كل المؤسسات الاعلامية المحلية والعامية فإنها حازت على شهرة واحترام وتقدير من لدن المسؤولين الحكوميين والمنظمات المحلية والعلمية وهكذا كان الامر مع  (مؤسسة كارنيكَي) .

وفي قراءة حيثيات الخبر الذي نشرته المؤسسة، فإنها اختارت أبرز (١٠) شخصيات من قائمتها التي تضمنت اسماء ٣٨ امريكيا من اصول مهاجرة تميزوا بعطائهم، وكان تسلسل (الدكتورة مونا) الرابعة في هذه القائمة حيث قدمتها باعتبارها راعية للصحة العامة للمواطنين.

ومن الجدير بالذكر، ان الدكتورة مونا حنا -عتيشا قد نُشر لها كتاب من مدة قصيرة حمل عنوان:

 الذي لا تراه العين، قصة محنة ومقاومة وأمل في مدينة أمريكية

“What the Eyes Don’t See: A Story of Crisis, Resistance and Hope in an American City.”

 ضمنته تجربتها الشخصية، وعن عائلتها والعراق والهجرة والوصول لهذه البلاد، ثم الدراسة لحد إطلاق صافرة الانذار حول (ماء مدينة فلنت) وكل ما رافق تلك العملية ولليوم من اتعاب ومضايقات وحتى تهديدات من اجل اسكات صوتها الصادق في فضح الفاسدين والمتسببين في كوارث ضد الاطفال والنساء وابناء مدينة فلنت.

وبالحديث عن (مؤسسة كارنيكَي) المتمركزة في ولاية نيويورك، فهي تعتبر أقدم مؤسسة امريكية معنية بتقديم المنح، حيث تأسست عام ١٩١١ من قبل السيد (آندرو كارنكَي) لغرض تطوير القابليات والطاقات وتبادل المعرفة، وعملاً بالمبادئ الاساسية التي ارساها مؤسسها، فهي تولي اهتماماً خاصاً ب: قضايا السلام العالمي، تطوير القابليات الدراسية والمعرفية، وتقوية الديمقراطية في الولايات المتحدة.

منذ العام ٢٠٠٦ ، وتزامناً مع عيد الاستقلال الامريكي ، دأبت المؤسسة على ابقاء إرث مؤسسها والذي كان بالأصل مهاجراً من اسكتلندا، إذ كان يؤمن بفكرة توفير الفرص للمهاجرين الجدد واحتضانهم وضمهم للشعب الامريكي عبر التجنس، واليوم ونحن نعيش بدايات الالفية الثالثة، فإن نسبة عالية من المهاجرين لهم اسهامات كبيرة في الحياة الامريكية ، اما احتفالية هذا العام فإنها اختارت ٣٨ شخصية من الامريكان من اصول مهاجرة ينحدرون من حوالي ٣٠ بلدا ، كانت لهم قصصاً مختلفة في كيفية وصولهم لهذه البلاد ، لكنهم يشتركون بأمر واحد ومهم ، وهو عطاؤهم المتميز لهذه البلاد والشعب وللبشرية.

** للمزيد من المعلومات عن كتاب د. مونا حنا ـ عتيشا يمكن الذهاب الى صفحتها الالكترونية ومعرفة الكثير عن عملها ونشاطها

https://monahannaattisha.com

تموز ٢٠١٨