صدر كتاب الدولة النزارية الاسماعيلية (الحشاشون) من الإنغلاق العنفي إلى المعاصرة للباحث عبدالحسين صالح الطائي من دار لندن للطباعة والنشر. تضمن خمسة فصول ومقدمة مزجت بين أحداث الماضي وما وصلت إليه النزارية اليوم. الكتاب مخصص للأحداث التاريخية والاجتماعية والسياسية والفكرية لفرقة النزارية الإسماعيلية، كفرقة دينية فلسفية سياسية سرية التنظيم اتخذت أسلوباً متفرداً في نشر فكرها وتحقيق مخططاتها وأهدافها باتباع الأسلوب العنفي المتطرف والاغتيالات كخيار استراتيجي لإبراز القوة والهيمنة، بعد أن أدركوا بأنهم غير قادرين على تكوين جيش منظم لمقارعة الدول الكبيرة.

تبنى الداعي الحسن الصبّاح الدعوة النزارية السرية في بلاد فارس واستغلها لتحقيق طموحاته وأهدافه بتأسيس دولة فريدة ذات خصائص غير مألوفة. أثمرت مساعيه الأيديولوجية الثورية بالإستيلاء على قلعة ألموت، وسيطرته على القلاع المحيطة بها ومناطق مختلفة من بلاد فارس. فاتخذ من تلك القلاع مراكز لانطلاق دعوته، فحقق الكثير من التأييد والإنتصار على الخصوم، والسيطرة على مساحات واسعة جعلته يمتلك مقومات الدولة.

أسسوا نظام الفداوية، أحد تشكيلات الدولة النزارية، الذي تميز بالتدريب على مختلف فنون القتال بحرفية متقنة، وبمهارة عالية تجسدت باتباع الأُسلوب العنفي وممارسة الاغتيال السياسي للخصوم والمعارضين لهم. فتمكنوا من اغتيال العديد من الشخصيات الرفيعة الهامة في دول الخصوم، بحيث أرعبوا  كل حكام الدول القوية.  

أدت الحركة النزارية في بلاد فارس والشام أدواراً مؤثرة في عالم السياسة مرتكزة في مسار توجهاتها على معتقدات الفكر الفلسفي الإسماعيلي الباطني التأويلي. وفيما بعد حصلت منعطفات مفصلية تاريخية بعد سنة (557هـ) أدت إلى تقليص مساحة المقدسات الدينية للطائفة، لغرض التوجه لأمور الحياة الأساسية كالتعليم والبناء والعمران وتطوير الآفاق العلمية، حيث تم التخلي عن الحج والصيام والوضوء قبل الصلاة. يرى الآغا خان بأن الصوم الحقيقي هو الامتناع عن الشرِّ على مدار السنة، حقيقة صيام المؤمن لا تتم في رمضان فحسب، بل تتم أداؤها في كل يوم من أيام السنة، والوضوء الحقيقي هو تطهير القلب. فالرؤية الفلسفية تكمن في عبادة الله، وليس بيته، بهذا النهج يجري اليوم تعريف الواجبات (العبادات) التي يعتبرها المسلمون الآخرون ضرورية. ولكن أصول الدين بقيت لم تتغير، أي الإيمان بوحدانية الله، والنبي، والقيامة، والإمامة، وعدالة الله.

كتاب الدولة النزارية عبارة عن رحلة في عوالم التستر والتكتم الممزوج بالقوة والتهديد لكيانات الدول المحيطة بالدولة النزارية، متخذة تلك الدعوة من الجبال العصية موطنها الآمن الذي تحصنه عوامل الطبيعة القاسية مضاف إليها رجال أشداء يعمر في قلوبهم المعتقد الممزوج بإيمان قوي حدّ الجُود بالذات والنفس في أبسط إيمائة من الداعي الملهم حسن الصبّاح.

استمرت الدولة النزارية بالحكم أكثر من قرن ونصف إلى أن تم اسقاطها على يد القائد المغولي هولاكو في سنة (654هـ)، فتحول الأتباع إلى العمل السري الخفي لفترة طويلة، حسب الظروف السياسية لكل مرحلة إلى أن حصلواعلى لقب الآغاخانية وأصبحوا أغلبية منتسبة إلى سلالة الإمام نزار بن المستنصر بالله.

تجسدت معظم جهود الإمام الآغا خان الثالث (ت 1957م)، إلى إصلاحات داخلية اسهمت في تحسين وضع المرأة داخل المجتمع الإسماعيلي النزاري. كان محور توجهاته التركيز على أهمية التعليم والترويج لفكرة أن المرأة حرة ومستقلة. وهو يفتخر بأن أتباعه من الإسماعيليين النزاريين متقدمون بكثير عن أي طائفة إسلامية أخرى في الشأن الاجتماعي. ويعترف اليوم أتباع النزارية بالآغا خان الرابع "كريم خان" إماماً لهم، الإمام المعاصرالتاسع والأربعين حسب سلسلة الأئمة التي يتبعها الإسماعيليون.