العام هو 1957 ينهي المناضل خليل عبد العزيز مدة محكومية في سجن بعقوبة

يُنقل مخفوراً إلى مديرية التحقيقات الجنائية في بغداد. يعملوا له صفحة أعمال جديدة

يرسلونه في اليوم الثاني إلى مدينة الكوت ومنها إلى (بدرة) قرية متاخمة للحدود الإيرانية. آنذاك كانت (بدرة) منفى للمعارضين الشيوعيين تحديدا. يستقبلونه رفاقه المبعدين: ستار خضير.. كاظم فرهود.. حسين عوينه.. كاظم حبيب.. وغيرهم

يمضي مدة ً في (بدرة).. ثم يسفّر إلى الموصل تستقبله الشرطة بالتعذيب ويبشرونه: قد تم فصله من الدراسة بسبب تولهه بزهرة الرمان ويثبتون ذلك في دفتر الخدمة العسكرية. ثم يساق للخدمة العسكرية ويسلّم مخفورا إلى آمرية موقع معسكر الشعيبة.

يستقبل بالترحاب من قبل شيوعيين سبقوه بقرار من مديريات الأمن في مدنهم. في المعسكر أكثر من مئة وخمسين جندي شيوعي مفصولين من المدارس المتوسطة والاعدادية. وكعادتهم يطالبون بحرياتهم وبالكتب. وهكذا صاروا كل أسبوعين أو ثلاثة أسابيع يتجولون في العشار وبالطريقة هذه أعادوا صلتهم بحزبهم الشيوعي وبشهادة الدكتور خليل عبد العزيز (كانت لنا فرصة مناسبة لنتصل بتنظيم الحزب في البصرة وأصبح لنا صلة مباشرة بحزبنا من خلال سلطان ملا علي، وكنت أنا صلة الوصل معه وأصبح هو المسؤول المباشر عن تنظيم الحزب في آمرية موقع الشعيبة واستطعنا أن نعيد ترتيب أوضاع الحزب داخل المعسكر وكونّا خلايانا التنظيمية وأصبحنا نستلم النشرات وصحيفة الحزب بانتظام ويتم توزيعها داخل المعسكر..).. وأنا أقرأ ما بين القوسين استعدتُ لقاءاتي مع المناضل سلطان ملا على حين كان مقر حزبنا في شارع السعدي. كنت أحاول حراثة ذاكرته الغزيرة بالنضال وكان يغمرني صوته الخفيض بتلك البحة الخفيفة فنكون في جزيرة تنأى بنا هي غرفة الصحافة، ليس فيها سوانا.. تمنيتُه الآن معي لأقرأ له شهادة الدكتور خليل عبد العزيز عنه.. في كتابه (هارب من الإعدام/ ذاكرة شيوعي بين الموصل وموسكو/ مكتبة النهضة العربية/ بيروت/ 2023)

عرض مقالات: