هموم الكاتب العراقي المنفي ومعاناته تلازمه إينما يذهب، فهو يحمل معه من وطنه ذكريات من القمع والمطاردة، وطفولة دونها الأمان، وجمهورا يقرأه في السر كمنشور محظور.
وفي المنافي، تظل هذه الذكريات تؤرقه، ويوجعه مكان لا صحبة فيه، لا يـتآلف معه ولا يألفه. بهذا العالم المرئي وغير المرئي أدخلنا الكاتب يوسف أبو الفوز المقيم في فنلندا، في الندوة التي استضافه فيها فرع رابطة الأنصار الشيوعيين(البيشمركه) فرع بريطانيا يوم3-9 / 2022 متحدثا عن تجربته الإبداعية.
وأبو الفوز عرف بين رفاقه الأنصار كناشط مدني وصحفي ومبدع، كما قال في تقديمه زياد شلتاغ رئيس فرع الرابطة.
تحدث أبو الفوز عن بداياته الأولى في الكتابة، كمن يريد أن يقول لنا كيف تمكن من الطيران في فضاء الإبداع، فكانت الخطوات الأولى ( المدرسة، الأجواء المحيطة بالعائلة، توفر الكتب الثقافية) التي مكنته من صقل موهبته.
وحين شب عن الطوق، بدأ بالعمل الصحفي كمراسل لطريق الشعب، و زادت هذه التجربة من معرفته وفي منجزه القصصي.
في الكويت واليمن كتب القصص بالإضافة الى عمله الصحفي، غير أن قصصه ضاع أكثرها، وفقدت مجموعته الأولى (كشهيدة) لهذا التغرب.
وكانت النقلة النوعية له في الكتابة والإسلوب حين ألتحق بالأنصار في كردستان، وأنجز مجموعته القصصية الأولى (عراقيون) التي طبعت بإمكانيات بدائية متواضعة.
وأستمر بالعطاء ليكتب قصص (أطفال الأنفال)، ومجموعة قصص (تلك القرى تلك البنادق).
ولم يكتف برصد حياة المقاتلين في الجبل، بل كتب عن حياتهم الجديدة بعد توقف حركة الأنصار أسماها (بعيدا عن البنادق)
وفي المنافي الأوروبية التي بدأت من معتقل إستونيا وأنتهت بفنلندا، ظهرت له موضوعات جديدة هي المنفى والهجرة التي إنعكست في قصصه اللاحقة ومنها مجموعته (طائر الدهشة).
وبفضل الحرية الكبيرة التي حصل عليها في المنفى والاحتكاك بالثقافة الغربية عن قرب، تطور توجهه، فبدأ يكتب الرواية، أذ أنتج رواية (تحت سماء القطب) التي تتحدث عن الجيل الثاني من المهاجرين، و(كوابيس هلسنكي) تتناول الجماعات المتأسلمة، ورواية ( جريمة لم تكتبها أجاثا كريستي) التي تعني بإنتهاك حقوق المرأة وغيرها من الإشكالات. وكان أخر نتاج له، هي رواية (موسم الإنتظار) التي عدت سفرا طويلا (أكثر من خمسمئة صفحة) عن أوضاع العراق منذ الإربعينات وتاريخ مدينته السماوة وأناسها.
وهو يرى في معرض إجابته على عدد من أسئلة الجمهور، إنه لم يقدم مراجعة سياسية، ولكنه أهتم بوضع الإنسان وأثر القمع السياسي عليه، بعيدا عن الأيدلوجية والتحزب، كي يثير الأسئلة عند القارئ، ويضيف أن اهتمامه بالإنسان العراقي هو إمتداد لما تناول الرواد مثل غائب طعمة فرمان وفؤاد التكرلي وغيرهم من الروائيين، وأنه (تلميذ) يسير على خطاهم.