من السليمانية  1939  الى بولندا  2020  الرحيل الابدي للمناضل الشيوعي الرفيق علي غفور.

ان رحيل الشخصية السياسية والمناضل كاك علي صالح غفور ألم مفجع اصاب الجميع وخاصة الذين عرفوه عن قرب والذين أحبوه لأن هذا المناضل صاحب القلب الكبير أحب الجميع.

ولد الرفيق علي غفور في كنف عائلة ميسورة في مدينة السليمانية، وأنهى دراسته الابتدائية والمتوسطة فيها ومن ثم دار المعلمين، وعمل معلما لفترة قصيرة في مدارس قرى ناحية عربت. بعد سقوط الملكية وقيام ثورة 14 تموز 1958 انضم للعمل في صفوف الحزب الشيوعي العراقي، ونظرا لنشاطه وذكائه أصبح رئيسا لفرع السليمانية لاتحاد الطلبة العام في الجمهورية العراقية.

ان نضال الرفيق علي في صفوف الطلاب دفع السلطات لملاحقته وايذائه ولكنه وبالرغم من محاربته واصل نشاطاته، ودعا في اجتماع موسع الى الطلب من نظام قاسم الى وقف العمليات العسكرية وقصف كوردستان.

كانت ارتباطاته الحزبية مع الشاعرالمتجدد  التقدمي { جلال ميرزا كريم}، وقد حدثني مرارا  عن هذا الشاعر المتجدد في أشعاره، وكيفية انجازنشاطاته في صفوف الحزب الشيوعي العراقي،  وبعد الانتفاضة العارمة لشعبنا وطرد فلول الدكتاتورية من كوردستان وعودتي الاولى ومن حسن حظي  التقيت في مقر صحيفة ريگاي كوردستان  بالشاعر والكاتب الخالد جلال ميرزا كريم  والرفيق فتاح توفيق { ملا حسن} ، وكان لقاء حارا وجميلا، وبعد عودتي الى السويد سمعت برحيل كاك جلال ورحلت عنا اشعاره وكتاباته و ذكرياته الى بواطن الارض ، أما أنا والرفيق علي فلم ننس  ذلك المناضل الشيوعي وقصائده وكتاباته وتحدثنا عنه كثيرا.

من اهتمام الحزب بتربية الكوادر والتعليم واتمام الدراسات العليا ارساله سنويا عددا من الطلاب الى الدول الاشتراكية، وقد حالف الحظ الرفيق علي ليكون أحدهم، ففي عام 1962 سافر الى بولندا، وهناك أكمل دراسته وحصل على الشهادة، وتزوج من فتاة بولندية {گراژینا} ولهما ولد واحد {ئالان} وحفيدتان {ايزابيلا وڤیان}.

استمر الرفيق علي غفور في نضاله في صفوف حزبنا وجمعية الطلبة الكورد في اوروبا، ومن ضمن نشاطاته تأسيس فرع للجمعية في بولندا ليصبح ولمدة طويلة سكرتيره، وقد عمل بجدية في الحزب وساعد العراقيين والكوردستانيين الذين وصلوا الى بولندا لاتمام دراساتهم.

تأسست جمعية الطلبة الكورد عام 1956 وهي الجمعية الوحيدة التي احتضنت الطلبة الكورد وتولت التعريف بالكورد وقضيتهم في المحافل العالمية، لقد ساهم الرفيق علي بنشاط في مؤتمراتها واحتفالاتها العالمية وكان يلبس الزي الكوردي جنبا الى جنب مع رفاقه عند مشاركاته، وكانت له علاقات قوية مع الفنان الكوردي المعروف {قادر ديلان}، ولحد الآن اتذكر صدى ونكهة كلامه عندما كان ينادي قادر باللهجة المحلية الدارجة في السليمانية.

نحن الطلبة الشباب كنا نفتخر بالرفاق قادر ديلان وعلي غفوروجوهر شاويس وزهدي الداوودي وشيرزاد قاضي وهم جميعا كانوا أكبر سنا منا ويعقدون الاجتماعات معنا، وكان مقر جمعية الطلبة الكورد في العاصمة الجيكوسلوفاكية براغ ونديرها نحن في الحزب الشيوعي العراقي.

كانت مراكز جمعية الطلبة الكورد متوزعة كالآتي: الحزب الديمقراطي الكوردستاني في برلين، والاتحاد الوطني الكوردستاني في اكسا، والحزب الاشتراكي الكوردي ـ باسوك في سوكسه والحزب الشيوعي العراقي في براغ، وفي المؤتمر التوحيدي الذي انعقد في برلين عام 1989 وكان لكل طرف 4 اعضاء في ادارة الجمعية.

لقد عملت مع الرفيق علي في رئاسة الجمعية حتى المؤتمر التوحيدي، ويوما بعد آخر توطدت علاقاتنا وكان بالنسبة لي الأخ الاكبر ولنا ذكريات ومحطات كثيرة خالدة في الاذهان.

في منتصف الصيف اصيب الرفيق علي بتخثر الدم في المخ وادخل المستشفى، وفي 20 آب 2020 نشر خبر مرضه وغيبوبته، وكنت دائما على أمل ان أسمع مرة أخرى صوته الشجي ولكن مع الأسف الموت لم يمهله.

قبل وفاته سافر الرفيق الى مدينة كاراكوف لتبديل بطاريات قلبه وكان مسرورا جدا لنجاح تلك العملية الجراحية، وعند عودته كان ابنه {الان} بجانبه وتبادلنا الأحاديث الشيقة وضحكنا كثيرا وانه لا يحتاج الى تبديل بطاريات قلبه لمدة عشر سنوات المقبلة وقلت بانك ستعيش لعشرات السنين، وكنت على الاتصال والتواصل مع ابنه الان يوميا لمعرفة حالته الصحية، وكان هو الآخر ساهرا على صحة زوجته التي تنتظر اجراء عملية جراحية.

كان مرحا يضحك على نظاراته وبطاريات قلبه وسماعة اذنيه والبلاتين في رجله وظهره.

اه، وألف اه أخبرني ابنه الان أن والدي رحل عنا، لم اصدق الخبر وقلت انه في الغيبوبة فقط، ولكن الموت اخذه. اتذكرك ايها الرفيق واتذكر كلماتك الجميلة ايها المناضل الجسور.

من الجدير ان اذكر بان الرفيق علي صالح غفور شارك عام 1976 في المؤتمر الثالث للحزب الشيوعي العراقي الذي انعقد في بغداد باسم {ازاد ماجد} وقد حمل الشارة رقم {206}.

الرفيق علي كشخصية أجنبية خدم بولندا وحصل على جائزة من الرئيس البولندي.

توقف قلبه الكبير وتوفي في 18/9/2020  وودع زوجته وابنه وحفيدتيه ورفاقه ، ليوارى جثمانه الثرى في 26/9/2020 في مدينة اولشتين في بولندا.

المجد والخلود للرفيق علي غفور.

24/10/2020

عرض مقالات: