رغم مرور عامٍ كاملٍ على انطلاقة الانتفاضة الشعبية الباسلة ضد قوى الفساد والمحاصصة الطائفية، إلا أن عددا كبيرا من المتظاهرين الجرحى، ما زالوا يعانون من صعوبات ومعرقلات في تلقي العلاج اللازم الذي تفتقد له المستشفيات في البلد. وشكا المتظاهرون الذين تعرضوا لأشرس حملة قمعية، تقصير الحكومة تجاههم، رغم إعلانها عن تكفلها بعلاجهم، مؤكدين عدم قدرتهم على تحمل تكاليف العلاج الباهظة في الخارج، أو المستشفيات الاهلية.

تكاليف باهظة للعلاج

يقول المتظاهر المصاب، علي وسام لـ”طريق الشعب”: “تعرضت للإصابة في عيني بواسطة سلاح الصيد الذي استخدمته القوات الأمنية ضد المتظاهرين، أثناء مشاركتي في الاحتجاجات في شباط الماضي، حيث كان هذا الحادث تحديدا قرب ساحة التحرير. ونقلت على إثرها الى مستشفى ابن الهيثم للعيون وأجريت لي عملية عاجلة لاستخراج الشظية، وطلب من أهلي جلب عدسة لغرض زرعها نتيجة تضرر عيني بصورة بالغة”.
ويضيف وسام، إن “العدسة لم يتم زراعتها ولم يقدم لي سبب ذلك، وتم تبليغي للخروج من المستشفى، وبعد اجرائي لعدد من الفحوصات في العيادات الخاصة تبين أن هناك ضررا في شبكية العين يتطلب اجراء عملية جراحية كبرى خارج العراق، او في محافظة اربيل لغرض اعادة بصري من جديد ولكني لم اتمكن من اجرائها نتيجة تكلفتها المادية الكبيرة، وقرارات منع السفر والحظر بسبب جائحة كورونا”، مشيراً الى إن “هذه الاجراءات منعتني من الوصول الى اربيل لغرض العلاج في احدى مستشفياتها”.

انتقادات للحكومة

ورغم اعلان مجلس الوزراء في آب الماضي تشكيل لجان في داخل وزارة الصحة لمتابعة الوضع الصحي لجرحى الانتفاضة، وإحالة الذين يتعذر علاجهم داخل البلاد إلى الخارج، إلا أن مصابين كثر أوضحوا ان الاهمال ما زال مستمرا نحوهم.
من جانبه، يوضح المتظاهر، احمد خلف، المصاب في منطقة الرقبة، إن “إصابتي خطيرة جداً وتعذر استخراج (الصجم) من رقبتي نتيجة خوف الاطباء من فقداني للنطق، كونها قريبة من الاوتار الصوتية، وبقيت على هذه الحالة منذ اصابتي في ساحة التحرير في كانون الاول من العام الماضي”.
ويشير خلف في حديث لـ”طريق الشعب”، الى إن “بعثة حقوق الانسان في الامم المتحدة تواصلت معي في منتصف شهر آب الماضي، وزودتهم بالمعلومات والتقارير الكاملة للإصابة ووعدوني بنقلها للحكومة بالسرعة الممكنة، ولكن الاخيرة لغاية الآن لم تتواصل معي، رغم اعادة اتصالي ببعثة الامم المتحدة التي اخبرتني بأنهم زودوا الحكومة بالمعلومات الكاملة عن اصابتي”، مبيناً إن “الحكومة لم تقدم يد العون لي رغم المناشدات العديدة لوزارة الصحة والمنظمات الانسانية في النظر لحالتي الصحية”.
وفي السياق، يقول مصدر مطلع في بعثة الامم المتحدة لـ”طريق الشعب”، رافضا الكشف عن هويته، إن “البعثة قامت من خلال فرقها برصد وتوثيق اغلب حالات الاصابات في صفوف المتظاهرين، وجمعت المعلومات الكاملة عنهم وزودت الحكومة بمعلومات تفصيلية عن اعداد الجرحى وحالاتهم الصحية، فيما وعدت الحكومة بالتكفل بعلاجهم على شكل وجبات”.

مطالبات برعاية وتعويض المصابين

من جهته، يطالب المتظاهر المصاب، مهدي حسن، عبر “طريق الشعب”، الحكومة بـ”الالتزام بواجبها الاخلاقي في رعاية جرحى التظاهرات وتقديم الرعاية التامة لهم، وتقديم التعويضات لهم نتيجة الضرر الذي لحق بهم جراء الممارسات التعسفية التي تعرضوا لها في ساحات الاحتجاج، او في المستشفيات من قبل عناصر الاجهزة الامنية التي كانت تلاحقهم وهم يرقدون في داخل المستشفيات”.
ويشدد حسن، على “ضرورة عدم افلات الجناة والمتسببين في معاناتهم من العقاب، وكشفهم للرأي العام ومعاقبتهم وفقا للقانون، الذي يعتبر جزءا من رد الاعتبار لضحايا الاحتجاجات”.

عرض مقالات: