تمثل ساحة ١٤ تموز واحدة من اهم الشواهد الحضارية لمدينة الكوت، حيث تقع عين المشاهد على أربعة عشر عمودا خرسانياً تنتصب افقيا في الساحة، كلُّ منها يمثل غزالاً منحنياً لشرب الماء. كما وتجتمع حولها خمسة شوارع رئيسية هي شوارع النسيج، المحافظة، العامل، المهندسين وحي ١٤ تموز، وتشتهر بالكثافة العالية لحركة المركبات، و تقع في منتصف الطريق الرابط بين محافظتي بغداد وذي قار، علما إن سكنتها يتذكرون كيف كانت الاكشاك والكازينوهات تزينها وما حولها في عقد السبعينات من القرن الماضي .
تشغل الساحة حيزاً على شكل دائرة قطرها ٧٠ متراً، وتنساب المياه من وسطها عبر نافورة دائرية الشكل وتغطي مختلف اجزائها لتكوّن ما يمثل نبعاً، وهو ما كان يُرمز لثورة ١٤ تموز المجيدة في حينها. لقد ترك متصرف الكوت الاستاذ أنور ثامر بصمته على معمار المدينة حينها، حيث كانت الساحة التي افتتحت عام ١٩٦٣، كما انجز في عهدهِ قاعة الادارة المحلية والمكتبة المركزية وغيرها من المشاريع المهمة .
اختار ابناء مدينة الكوت ومحافظة واسط (فلكة ١٤ تموز) مركزاً لتظاهراتهم الاحتجاجية منذ العام ٢٠٠٧، حينما خرجوا احتجاجا على تردي الاوضاع الامنية والخدمية وفساد مجلس المحافظة، وضعف الكهرباء وانعدام فرص العمل خاصة للخريجين او اعادة تشغيل معامل وورش المحافظة المغلقة، ومنذ ذلك الوقت تحولت الى ايقونة للاحتجاجات والتظاهرات ، وهم يعتبروها شاهداً على صمود ابناء وبنات المحافظة وشجاعتهم في مواجهة الحكومات على اختلاف مشاربهم . ولعل واحدة من الصور الرائعة التي فرزتها مظاهرات وانتفاضة ١ تشرين أول هي مشاركة الاهالي لأبنائهم المتظاهرين والدعم اللوجستي بالمؤونة والطعام والخيم والحفاظ على أمنها من محاولات كسر الاعتصام والتظاهر، لكنها بالمقابل فإن هذه الساحة اصبحت تمثل أمل ابناء الكوت ومحافظة واسط بالخلاص من نظام المحاصصة والسرقات والتزوير وتحقيق دولة العدالة وفرص العيش الكريم للمواطنين.
ووفاءً من ابناء الكوت لانتفاضة تشرين الباسلة وأبطالها وشهدائها فقد ازيح الستار مؤخرا عن نصب برونزي يخلد مآثرهم وسط ترحيب واعتزاز ابناء المحافظة بهذه المبادرة التي تمثل حبل السرة الواصل بين بغداد وسوح الحرية الشقيقة الاخرى.
مجدا لشهداء المحافظة وجرحاها والمغيبين ، وتحية لأبناء وبنات الكوت التواقين لحياة افضل، جنبا لجنب مع بغداد والمحافظات الشقيقة المنتفضة.