محمد زاير طبيب عراقي تخرج في كلية الطب ببغداد عام 1957  من أبناء مدينة العمارة ولد فيها عام 1931 .

بعد تخرجه عمل في مستشفى مدينة الحلة وبعد ثورة تموز نقل الى بغداد  كي يكون بالقرب من ادارة التلفزيون ليساهم بما يكتبه من تمثيليات للتلفزيون ويشارك في نشاط نقابة الاطباء ، فقد كان من أنصار ثورة الرابع عشر من تموز .

كان والده صاحب ورشة حدادة ( تورنة ) في مدينة العمارة  لذلك استطاع إمداده بالمال ليكمل تعليمه العالي .

زار انجلترا والسويد وتعرف الى طبيب عظام في مدينة يوتبري  - غوتنبرغ - فدعاه لدراسة اختصاص العظام  وساعده في الحصول على منحة دراسية  عام 1959 فتخرج وظل في السويد يعمل في مستشفياتها وتزوج فتاة سويدية ، ثم حصل فيما بعد على شهادة الدكتوراة في اختصاص العظام من جامعة لوند .

للدكتور محمد زاير كتاب ألفه عن حياته في العراق وأضاف اليه فصلا عن حياته في السويد وعززه بصور أسـرته وأصدقائه ومعارفه ، كتابه بعنوان : حياتي في العراق  ،  ذكريات أول طبيب عراقي سكن السويد ، صدر عن المركز العربي للاعلام في القاهرة سنة 2009 .

يتناول الدكتور محمد زاير في كتابه تفاصيل حياته منذ طفولته في العمارة ويفصّل في وصف حياته وحياة أسرته وأصدقائه ومعارفه ، ويسرد ذكرياته عن مختلف الشؤون الحياتية من دراسته في المدارس والالعاب التي كانوا يلعبونها والطعام الذي يأكلوه وغير ذلك من أنشطة يومية وعلاقات عائلية ونمط العيش في مدينة العمارة القريبة من الاهوار ذات الطبيعة المتميزة في العراق .

وكثيرا ما يعرج في كتابه على ذكر المفارقات والمواقف الساخرة التي مرت به ومعارفه .

زود الكتاب بعدد كبير من الصور التي تقدم رؤية شاملة عن حياته وما يتصل بها من أحداث وشخصيات مرت في حياته .

من المفارقات التي  يحدثنا عنها ختانه عندما كان طفلا صغيرا وحلاقة رأسه في مدينة كربلاء بحضور السادة الذين يسلبون ملابسه والحلي الذهبية التي عليه ، وهو تقليد شائع يومذاك ، يقول إن السيد الذي كان يخلع ملابسه والحلي التي عليه حين أراد أخذ الحزام الفضي- الحياصة -  الذي يضعه على وسطه رفض وأخذ يبكي مما اضطر أهله لشرائه من السيد وعدم تخليه عنه . يقول : ( كانت التقاليد المتعارف عليها آنذاك حين ولادة الولد أن ينذروه الى الامام العباس في كربلاء ، فلا يحلقون رأسه حتى يبلغ سن العامين ، وخلال تلك الفترة يلبسوه الملابس الزاهية ويجهزوه بالحلي الذهبية: أقراط في الاذنين والجناجل في الرجلين والطوق حول الرقبة والحياصة الفضية  حول البطن ، وبعد أن يبلغ سن العامين يأخذوه الى مرقد الامام العباس لتقديم النذور ، وقد مررنا نحن الاخوة جميعا بهذه التقاليد .

حدثتني أمي فقالت  : حينما كنت طفلا صغيرا زرفنه أذنيك لاستعمال التراجي ( الاقراط ) ، وقد قامت بالعملية إحدى النساءالمعروفات ، وحينما حاولت زرف خشمك لاستعمال العران ( حلقة ) سال الدم غزيرا فبدأتُ بالصياح واللطم ومنعتها من الاستمرار في ذلك. إشترينا لك التراجي والجناجل والطوك ( طوق ذهبي ) والملابس الزاهية الجميلة ، وعندما بلغت سن العامين سافرنا  جميعا الى زيارة العتبات المقدسة في كربلاء والنجف ...في يوم تقديم النذور بحضرة العباس زينوك ( حلقوا رأسك ) ثم قام سيد مهدي ابو خشوم صديق الوالد القديم بنزع كل الحلي والاحتفاظ بها وفاء للنذر وأنت ساكت لا تعارض وحينما أراد انتزاع الحياصة الفضية مع ملابسك  الزاهية بدأت بالصياح ورفضت رفضا قاطعا ذلك رغم كل المحاولات ، فاضطررنا لشرائها منه لكي تحتفظ بها لنفسك ، وما زلتُ الى يومنا هذا احتفظ بالحياصة الفضية الجميلة كذكرى عزيزة لطفولتي التي لاتعود ) ص 101  

ويصف بالتفصيل المدارس التي درس فيها وكلية الطب التي تخرج فيها ببغداد عام 1975 مع صور زملائه ، وتعيينه طبيبا مقيما في مستشفى مدينة الحلة . ثم انتقاله الى بغداد وفيما بعد سفره الى السويد والاستقرار هناك والتخصص في طب العظام .

توفاه الله اواخر عام 2019  جنوب  السويد وله ولد - آدم - وبنت - كميلة - .

انتحار أول طبيب أسنان عراقي في السويد

 ورغم ان الدكتور محمد زاير يعد نفسه أول طبيب عراقي يسكن السويد الا اني قرأت موضوعا نشره العراقي المهاجر سليم دنكور في مجلة الكاتب  The Scribe العدد 63 سنة 1995 - تصدر باللغة الانجليزية من لندن -  ، يقول :

عندما جئت الى السويد ( عام 1950 ) كان في مدينة  غوتنبرع  (يوتبري ) يهودي عراقي يدعى الدكتور جاك وادهام  Dr.Jack Wadham

كان طبيبَ أسنان ببغداد ، عين في البلاط الملكي رئيس أطباء الاسنان . كان متزوجا من سيدة سويدية جميلة ولكنه قرر لاسباب عديدة المغادرة الى السويد لانقاذ زواجه .

 في السويد لم يحصل على أكثر من وظيفة مساعد طبيب اسنان في المستشفى مع وعد بانه بعد 5 سنوات ، بعد حصوله على الجنسية السويدية سيحصل على إجازة العمل كطبيب .

بعد ثلاث سنوات من إقامته في السويد أصابه الاحباط فغادر الى امريكا ليصبح محاضرا في إحدى الجامعات الامريكية ولكنه لم ينسجم هناك فقرر العودة الى زوجته وابنه في السويد . ولدهشته اخبروه ان عليه الانتظار 5 سنوات أخرى  للحصول على الجنسية السويدية لان السنوات الثلاث التي قضاها خارج السويد لا تحتسب من أجل الاقامة لانها شطبت بسبب مغادرته البلاد .

أُصيب بالكآبة ، فاتصل بي أحد الاصدقاء ليخبرني يان الدكتورجاك سيقدم على الانتحار، على الاغلب ، مساء هذا اليوم .

كلمته بواسطة الهاتف نحو ساعة من الوقت ولكنه كان مصمما على الانتحار، فحاولت الاتصال بالشرطة ولكنهم أجابوني بعدم إمكانهم عمل أي شيء الا بعد أن ينتحر حقا .

وهكذا انتحر الدكتور جاك  في تلك الامسية .

 

عرض مقالات: