طريق الشعب

تغص ساحة التحرير ومحيطها منذ أكثر من أربعة أشهر، بالمئات من خيمات الاعتصام التي باتت مستقرا للمطالبين بإصلاحات سياسية شاملة.

وتحمل غالبية الخيمات أسماء للدلالة على هويات الشباب المعتصمين فيها، وبين تلك الخيمات خيمة تسمى "بني أكتوبر" تقع في شارع السعدون المؤدي إلى ساحة التحرير، وتضم مجموعة شباب من محافظات عدة.

يقول نزار كريم الذي أسس الخيمة مع أصدقائه، إنه التقى بهؤلاء الأصدقاء في بداية التظاهرات، وكان عملهم يقتصر حينها على مكافحة القنابل الدخانية من داخل نفق التحرير، بعد أن تطلقها قوات مكافحة الشغب على المحتجين.

ويضيف كريم الذي يبحث عن فرصة عمل، والذي تعرض لإصابتين خلال الاحتجاجات، أن الخيمة سميت على اسم شهر الاحتجاجات الذي جمعهم (أكتوبر)، مبينا أن الأصدقاء المعتصمين في الخيمة من محافظات بغداد وبابل وواسط وذي قار.

ويتابع قائلا: "خرجنا ضد كل الوجوه الفاسدة التي تتصدر السلطة منذ العام 2003، وطالبنا بحياة كريمة، ولن نرجع إلى منازلنا حتى تحقيق مطالبنا جميعها".

وتحتضن خيمة "بني أكتوبر" قرابة عشرة شباب جميعهم من مواليد التسعينيات، بينهم طلبة جامعيون، ومنهم من يمتلك موهبة العزف على الآلات الموسيقية، وآخر معروف بصوته الغنائي الجميل.

أحد أفراد الخيمة يدعى يحيى، سمّى مولوده الجديد "اكتوبر"، كونه رزق به خلال فترة الاحتجاجات، وهو الآن يبلغ 3 شهور من العمر.

يقول يحيى إن زوجته أنجبت الطفل يوم 25 تشرين الأول الماضي، خلال الموجة الثانية للتظاهرات، مضيفا أن الهدف من تسمية ابنه بـ "اكتوبر"، هو الإبقاء على اسم هذا الشهر حاضرا "فقد أثبت الشباب العراقيون في هذا الشهر حبهم لوطنهم، ودافعوا عن ثورتهم النقية ضد الفساد والظلم بأعز ما يملكون".

صبيحة يوم انطلاق الاحتجاجات في الأول من تشرين الأول الماضي، استأجرت مجموعة شباب تسكن في مدينة الثورة (الصدر)، حافلة صغيرة يقودها أحد أبرز الموجودين اليوم في خيمة "بني أكتوبر"، وهو علاء ناصر محمد الساعدي المولود عام 1991.

وكانت مجموعة الشباب قد طلبت من الساعدي في ذلك اليوم، إيصالها إلى ساحة الطيران القريبة من ساحة التحرير، للمشاركة في التظاهرات.

يقول الساعدي في حديث صحفي، إنه لم يكن يعلم بموعد انطلاق التظاهرات في ذلك اليوم، وعند الوصول إلى ساحة الطيران نزل الشباب وتعرض أحدهم لإصابة برصاصة حية أردته صريعا، مضيفا، وهو الذي ترك دراسته ليعيل عائلته التي صارت تعاني ظروفا معيشية صعبة بعد رحيل الأب، أن حادثة ساحة الطيران وتعرّض المئات للقمع، كل ذلك دفعه لترك العمل والتفرغ للمشاركة في الاحتجاجات.

وخلال الاحتجاجات تعرض الساعدي لإصابات عدة، كانت أقواها رصاصة في القدم أبعدته عن ساحة الاحتجاج عددا من الأيام، وعند تماثله للشفاء عاد إلى الساحة وعادت معه والدته لتنضم هي الأخرى إلى خيمة الاعتصام.