كريمة الربيعي

تواجدت المرأة العراقية بشكل ملفت وقوي في التظاهرات الشعبية التي انطلقت بداية تشرين الاول من العام الفائت، اذ كانت حاضرة في مختلف صورها الاجتماعية، الام، الزوجة، الاخت والابنة، وتطوعت في تطبيب واسعاف الجرحى ومعالجتهم، وبعضهن ساهمن في رسم اللوحات الفنية على جدران الانفاق والجسور او في أعداد الطعام والتنظيف وأخريات في الهتاف والاهازيج، وبهذا كسرت الصورة النمطية القديمة بحصر مكانها في البيت، واثبتت انها رقم صعب لا يمكن تجاهله او تجاوزه في المستقبل.

الوعي هو القائد

بيّنت الناشطة المدنية هيفاء الامين ان "دور المرأة العراقية مهم جدا في الحياة السياسية والثقافية والمجتمعية رغم كل محاولات ابعادها والنظر اليها كمواطن من الدرجة الثانية واعتبار مكانها البيت فقط، لكن المرأة والشابة كسرت هذه المعادلة التي تنتمي الى مفاهيم العصور الوسطى والى اساليب الحكم الرجعية الدكتاتورية المتخلفة" واردفت ان "تظاهرات انتفاضة تشرين اثبتت أن الجيل الذي عاصر التغير الكبير نحو الحريات والديمقراطية وعصر الانترنيت بعد 2003 قد استفاد من الدرس وادرك أن اي تغيير حقيقي في المجتمع لن يتم دون مشاركة حرة وفعالة للمرأة". ومضيفة "لقد فاجأ الشابات والشباب العالم بأن الوعي الشخصي هو الذي دفعهم الى المطالبة بحقوقهم وببلد حر للجميع".

وافادت الامين ان "مشاركة المرأة كانت قليلة ايام الحراك الشعبي ضد الفساد والمحاصصة الحزبية والطائفية منذ ثمانية اعوام، لكن المثابرة والجهد الذي بذلته النساء القليلات الصابرات قد أثمر، والدليل على ذلك هو خروج الأمهات اليوم الى ساحات الاعتصام، واللواتي يقدمن فصلا من التضحية لم تكتبه مخيلة أديب وأجيال من الجدات والامهات والحفيدات، ويرسمن صورة باهرة للمرأة العراقية المكافحة العظيمة".

أما الناشطة بدور الجراح من بغداد فقد قالت "ان دور المرأة مهم لدعم التظاهرات، ووجودها في الساحات بصورة الام والابنة والاخت الى جانب إخوتها أعطى التظاهرات بعدا انسانيا واجتماعيا متميزا".

وعزت الجراح السبب في عزوف النساء عن تظاهرات السنوات الماضية الى "التقاليد الاجتماعية البالية وتردُّدُ البعض منهن حال دون مشاركتهن في تظاهرات الامس، لكن الخوف كُسِر على صخرة الوعي في تظاهرات اليوم، مما دعا الجميع الى احترام مشاركتها ومساهمتها في الانتفاضة الشعبية ".

وعن دورها في الانتفاضة قالت "انا متظاهرة واساعد في جمع المعونات وإيصالها الى ساحة التحرير، وقد ساهمت في نصب خيمة لتجمع السيدات في ساحة التحرير، وقمنا بتوزيع البجامات الداخلية والجوارب للشباب المتواجدين على جسر السنك".

المرأة البصرية صوت واضح

السيدة خلود العلي من محافظة البصرة قالت "منذ بداية الانتفاضة الحالية ضد هيمنة الأحزاب الفاسدة، كان دور المرأة مشرفا وواضحا بدعم اخوتها في سوح التظاهر، وقد تم تسجيل حضور مميز للكوادر التعليمية والصحية وبقية المهن"، ومضيفة "ساهمت نساء البصرة بتقديم الدعم اللوجستي للمتظاهرين من خلال تقديم الطعام وتوزيعه والمشاركة بالمسيرات الراجلة والهتاف بالشعارات المطالبة بالحقوق الدستورية لمواطني البلد".

وتابعت قائلة "لقد تعرضت بعض الناشطات الى الاغتيال والاعتقال لكن ذلك لم يثن زميلاتهن عن مواصلة الاحتجاج وشد أزر اخوانهن وأبنائهن في سبيل تحقيق المطالب والمتمثلة في بلد قوي ذي اقتصاد متين"، ومشيرة الى ان "عدد نساء البصرة لا يقارن بعدد نساء بغداد في ساحة التظاهر، بسبب التعتيم الاعلامي وبشكل مقصود لكن ورغم ذلك نجد ان صوت المرأة البصرية واضح ومشاركاتها جلية للعيان".

حاجز بشري من النساء في النجف

وفي الموضوع ذاته اوضحت الناشطة المدنية افكار العابدي " على الرغم من طابع المدينة الديني، الا ان النجفيات شاركن بشكل لافت من خلال نصب خيمة رفعت شعار (المرأة ثورة) وشاركن في الهتافات الداعية الى الإصلاح ومحاسبة الفاسدين". ومضيفة "للنساء دور بارز في الحفاظ على أرواح المتظاهرين السلميين من القتل الذي شهدته ساحة ثورة العشرين، في الايام الماضية، حين عمدن إلى تشكيل حاجز بشري من أجسادهن لمنع المتظاهرين من الوصول إلى نقطة الصدام مع حاملي السلاح، كما بذلن جهودا كبيرة في توعية الشباب للحفاظ على سلمية التظاهرات وعدم الانجرار وراء الساعين لجرهم إلى العنف".

واكدت ان "المرأة العراقية نجحت في تطبيق بنود قرار مجلس الأمن (1325) الذي اعتبر المرأة عنصرا فاعلا في صنع السلام وحفظ الأمن وبشكل عفوي، عبر مشاركتها الفعالة في التظاهرات حتى امست عنوان فخر لجميع العراقيين".

واختتمت قولها "سجلت مشاركة المرأة في سوح التظاهر إصلاحات أخرى على مستوى العادات والتقاليد وكسر الصورة التقليدية التي حجّمت دورها وقيدت مشاركتها في الحراك الجماهيري على مدى أعوام طويلة، فلم يعد الميدان الآن حكرا على الرجال وحسب".

فيما قالت الناشطة نجاة الطائي "مشاركة المرأة في كركوك اقتصرت على مستوى الجامعات والكليات، بتنظيم وقفات تضامنية فقط لان الوضع لا يسمح لهن بالتظاهرات لأسباب امنية".

نساء ذي قار اسطورة

 ووصفت الناشطة هدى الشمري المرأة في ذي قار بالأسطورة، فقد كانت اول المتواجدين في سوح التظاهر منذ الساعات الاولى لبدء الانتفاضة، وقالت: "كانت المرأة صوتا هادرا في مؤازرة الشباب، وسارعت في تقديم الدعم اللوجستي، وإقامة الخيم على ساتر الحق وتهتف بالأهازيج لرفع المعنويات، كما قدمت بعض الندوات في خيم الصمود والكرامة لتوعية النساء واشعال الشموع وتشييع شهداء ذي قار".

طالبات كربلاء لهن الحظوة الكبرى

وافادت الناشطة كوثر المسعودي ان " المرأة الكربلائية لها مشاركة واسعة في الحراك السلمي لتحقيق المطالب الوطنية التي خرج من أجلها الشعب، فالطالبات الجامعيات وطالبات المعاهد والمراحل الأخرى لهن الحظوة الكبرى بالتجوال في ساحات الاعتصام وهن يرفعن الشعارات المطلبية لإنقاذ الوطن من الفساد"  مسترسلة " عقدت ندوات للمحاميات في ساحة التربية بخيمة الاعتصام من اجل التعريف بالتعديلات الواجب تضمينها في فقرات الدستور، وفي بعض السرادق نجد نساء متواجدات بشكل يومي ومستمر لإعداد وتقديم الدعم اللوجستي للمتظاهرين"، ومضيفة ان "المرأة نصف المجتمع وحضورها يشكل قوة دافعة للتظاهرات واسنادا لتحقيق مطالب المتظاهرين السلمين".