طريق الشعب

يتزاحم الفنانون في ساحة التحرير على تقديم نتاجاتهم الفنية، التي وإن اختلفت دوافعها وأدواتها، تتفق في نسج هوية احتجاجية فنية، على اعتبار انها تولد في موقع الاحتجاج الرئيس وسط العاصمة.

وترى المتظاهرة آمنة رجاء (21 عاما)، أن "معظم اللوحات المرسومة على جدران الأنفاق والشوارع في ساحة التحرير، تعكس صوتها (كمتظاهرة) الذي رغبت مرارا وتكرارا في إيصاله للجميع".

بينما يقول المتظاهر فادي علي (28 عاما) إن "فنون المسرح والغناء والعزف يمكنها إظهار حقيقة الشعب العراقي، وإيضاح طبيعة احتجاجاته السلمية، وحبه للحياة والعيش الكريم".

ومن ناحية الفن التشكيلي، يشير الفنان أسامة صادق (25 عاما)، إلى أنه "رسم أربع لوحات في زوايا مختلفة من ساحة التحرير، تضمنت كلمات عربية مرسومة بأحرف مسمارية" مشيرا إلى انه ابتكر هذه الطريقة في الرسم واطلق عليها تسمية "الفن المسماري".

ويضيف أن العمل الأول كان عبارة عن كلمة "حب"، مرسومة بأحرف مسمارية، وبأسلوب ثلاثي الأبعاد، أما العمل الثاني فهو رسم لكلمة "أمارجي" بلغة السومريين، والتي تعني الحرية. في حين كان العمل الثالث للفنان صادق، رمزيا نقش من خلاله كلمة "فن"، مازجا إياها بألوان براقة. بينما كان العمل الرابع هو الأبرز، حيث رسم كلمة "سلام" بأحرف مسمارية على سطح "مرآب السنك"، واصفا تلك الكلمة بأنها "أكبر كلمة سلام في العالم".

أما على صعيد النحت، فيبين النحات مهدي الكرنوص (55 عاما) أنه "يحاول تقديم أعمال تجسد ما حصل في ساحة التحرير، سواء ما قام به المحتجون من حراك سلمي، أم ما قامت به السلطات من قمع".

وفي سياق حديثه يشير الكرنوص إلى أنه بعد استمرار الاحتجاجات وتحولها إلى اعتصامات، افتتح ورشات تدريب مجانية لتعليم فن النحت تحت نصب الحرية، مضيفا  انه أقام بجهود ذاتية معرضا شخصيا في ساحة التحرير، لاقى استحسان الجمهور، لما تضمنه من منحوتات تذكّر المتظاهرين بأحداث سابقة حصلت في مكان وجود المعرض نفسه.

وفي ما يتعلق بالتصوير الفوتوغرافي، يلفت المصور زيد محمد (22 عاماً) إلى أنه نزل إلى الشارع مع المحتجين منذ اليوم الأول لانطلاق الاحتجاجات في تشرين الأول الماضي، وصار منذ ذلك الحين يوثق أغلب الأحداث، ويسلط الضوء على حقيقة الاحتجاجات وسلميتها، في وقت تم فيه حجب الإنترنيت والكثير من القنوات الفضائية.

ويكشف محمد أنه تعرض لتهديدات مباشرة بالقتل، سافر على إثرها إلى أربيل، ثم عاد بعد انطلاق الجولة الاحتجاجية الثانية في 25 تشرين  الأول، ووقتها تم اعتقاله من منزله بعد عودته من ساحة التحرير، وأطلق سراحه بعد أيام معدودة.

وعلى صعيد الغناء، هناك لمغني "الراب" أنهر خالد (23 عاماً) رأي لا يختلف كثيراً عن زملائه الفنانين، مؤكداً أنه "قدم أغنيات عديدة أثناء انتفاضة تشرين، ونالت أولى أغنياته المنشورة في وسائل التواصل الاجتماعي في ثالث أيام الانتفاضة إعجاباً كبيراً، وحقق شهرة على الصعيد المحلي".

ويشير خالد إلى أنه يكتب كلمات أغنياته بنفسه، محاولا ايصال أصوات ملايين العراقيين في أغنيات ينتجها مع فريق موسيقي تطوعي، معربا عن أمله بتغيير الأجيال المقبلة عبر توجيه أغنياته لصغار السن، ومبينا ان المعتصمين أذاعوا أغنياته عبر مكبرات الصوت.

ومن ناحية المسرح، يشير المخرج عباس شهاب (60 عاما)، إلى أنه أسس بالتزامن مع انتفاضة تشرين فرقة مسرحية أسماها "مسرح التغيير"، وقدم خلالها في ساحة التحرير عملين فنيين، الأول حمل عنوان "موجز الأبناء"، وهو من تأليف الكاتب سعد هدابي. فيما كان العمل الثاني بعنوان "لو كنت بيننا"، للكاتب لؤي زهرة.