غالي العطواني
ضيّف منتدى "بيتنا الثقافي" في بغداد، الأسبوع الماضي، الشاعر الكبير ناظم السماوي، الذي تحدث في جلسة عنوانها "الأهزوجة الشعبية ودورها في ثورات العراق".
حضر الجلسة التي احتضنتها قاعة المنتدى في ساحة الأندلس، سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي، الرفيق رائد فهمي، والعديد من الناشطات والناشطين المشاركين في انتفاضة تشرين.
الإعلامية بشرى سميسم، أدارت الجلسة وافتتحتها بتقديم نبذة عن "الأهزوجة"، موضحة انها فن تعبوي نابع من حدث آني متأصل في المجتمع، وأن هذا الفن في غالبيته ارتجالي.
وأضافت قائلة أن لمفردة "الهزج" معاني عدة في اللغة العربية، مثل "الخفة والسرعة ووقع الأقدام وخفتها"، مبينة أن الأهزوجة تسمى في العراق "الهوسة"، ويؤديها شخص يطلق عليه "المهوال"، وأن أهم جزء في "الهوسة" هو "الرباط" أو "القفل".
السماوي وفي معرض حديثه، حيّا شباب انتفاضة تشرين، وقال "أقبّل كل عمود من أعمدة خيم الاعتصام التي نصبها ثوار أكتوبر في مختلف أنحاء العراق".
بعدها تحدث عن "الأهزوجة" وما تحمله من رسائل يراد إيصالها إلى المتلقي، موضحا أن "الأهزوجة" أو "الهوسة"، تعتبر في الثورات أداة فعل إنسانية تساهم في ديمومة النضال، وانها تمثل "صوت الشعب.. وبيرق الثوار، وسلاح المقاتل في المعركة".
وألقى الضيف الضوء على "المهوال"، الذي يرتجل الأهازيج ويطلقها بين الجموع، مشيرا إلى أن لكل قبيلة أو عشيرة مهوالها أو مهاويلها، وأن المهوال يتمتع بخصوصية كبيرة في القبيلة، وله حظوة خاصة عند كل الناس، كونه الصوت الرسمي الناطق باسم القبيلة.
وأضاف قائلا أن المهوال يمتلك صفات عديدة، أبرزها الجرأة الشديدة، ضبط مخارج الحروف، الأداء التمثيلي أو المسرحي، سرعة البديهية، والمعرفة الواسعة بالتراث الشعبي.
ثم تطرق إلى أشهر المهاويل العراقيين، أمثال عباس الفتلاوي، عبد السادة كصاد ومكطوف الظالمي، معرجا على أبرز الأهازيج التي أطلقت خلال ثورة العشرين، مثل: "يالترعد بالجو هز غيري"، و"ودّوه يبلعنا وغص بينا"، و"مشكول الذمة اعلى الفالة" و"الطوب أحسن لو مكواري".
وتحدث السماوي عن دور المرأة العراقية في ثورة العشرين، مشيرا إلى أن النساء رددن وقتها أهازيج من أجل ديمومة الثورة، ولافتا إلى أن الدور الفعال للمرأة العراقية في انتفاضة تشرين أعاد إلى الأذهان دورها في ثورة العشرين.
واستذكر الضيف مهوالا شيوعيا كان مسجونا في "نكرة السلمان" أبان ستينيات القرن الماضي، مبينا أن هذا المهوال علم أن رفيقا له اسمه "هندال" تم اختطافه من قبل أزلام السلطة، فأطلق وقتها أهزوجة يقول فيها: "حي ميت هندال نريده".
وتناول السماوي مساهمات المهاويل في ميادين انتفاضة تشرين، مشيرا إلى أنهم يرددون الأهازيج تزامنا مع الحدث، ومقدما أمثلة في عدد من الأهازيج التي انتقدت شيوخ القبائل الذين حضروا لقاء كان قد دعا إليه رئيس الوزراء المستقيل عادل عبد المهدي، في تشرين الثاني الماضي.
وفي سياق الجلسة ردد الشاعر الضيف مجموعة من الأهازيج التي كتبها دعما لانتفاضة تشرين، من بينها "الشعب السيف العادل بين الظالم والمظلوم"، و"بالتحرير.. الرايد حقه يشارك بالتحرير".
وأخيرا أوضح السماوي الفرق بين المهوال الانتهازي الذي يهزج للسلطة ورجالاتها، والمهوال الثابت على مبادئه، الذي ينتمي إلى أبناء شعبه.

عرض مقالات: