طه رشيد
منذ ما يقارب التسعين عاما والشيوعيون الفرنسيون ينظمون سنويا ( باستثناء سنوات الحرب العالمية الثانية) أضخم مهرجان سياسي - ثقافي وترفيهي في العالم . ووصل الأمر بهذا المهرجان بنسخته الرابعة والثمانين، ان يصبح عيدا وطنيا في فرنسا تساهم فيه التيارات الشيوعية واليسارية من مختلف أنحاء العالم. حيث يصل عدد الزوار خلال أيام المهرجان الثلاثة، في كل عام، الى أكثر من نصف مليون زائر! وهو محط اهتمام كل وسائل الإعلام الفرنسية، بغض النظر عن توجهات الحكومة إن كانت يمينية او على يسار اليمين!

ومساء اليوم، الاحد، يطفئ الشيوعيون الشمعة الرابعة والثمانين لمهرجان جريدتهم "لومانيتيه"، الذي نصبت فيه هذا العام 400 خيمة - ستاند، منها 100 خيمة للأحزاب الشقيقة والصديقة في مساحة كبيرة داخل المهرجان عرفت بـ "قرية العالم". أما بقية الخيام فهي لمنظمات الحزب الشيوعي الفرنسي التي جاءت من مختلف المحافظات والاقاليم، بالإضافة لمساهمة منظمات ونقابات مدنية خاصة بالمرأة والطفل والعمال. وبوجود مسرحين ضخمين للعروض الفنية وقاعات عديدة لتقديم نشاطات تضامنية، واخرى منوعة في الثقافة والموسيقى والغناء والسياسة والاقتصاد، فيما خصص جناح كبير للكتب سمي "قرية الكتاب". ويكرس الشيوعيون الفرنسيون جهودهم من أجل تاكيد شعار الثورة الفرنسية "أخوة- مساواة- عدالة"، هذه العبارة التي تكررت في اكثر من ملصق لمهرجان هذه السنة.
وكان الرفاق والاصدقاء على موعد مساء الخميس الماضي في الخيمة المركزية لجريدة اللومانيتيه مع سكرتير تحريرها الرفيق باتريك لوهايرك، الذي وقف على المنصة يحيط به قادة الحزب والجريدة، وألقى كلمة ضافية حيا فيها رفاق الحزب الذين رحلوا، واستعرض الوضع السياسي مشيرا إلى الصعوبات المالية التي تواجه الجريدة، ولكنه عبر عن فرحه لحصول الجريدة على خمسين الف مشترك جديد في هذا العام. من جانب آخر انتقد بشدة حكومة ماكرون في خطواتها الاقتصادية التي تضر بمصالح فئات واسعة من الشعب الفرنسي، معلنا تضامنه مع الطبقة العاملة في نضالها اليومي الدؤوب.
وشهدت الخيمة نفسها يوم الجمعة لقاء ساخنا بين سكرتير الاتحاد العام للشغيلة ومجموعة من السياسيين.

هنا طريق الشعب

تساهم صحيفتنا " طريق الشعب " في هذا المهرجان منذ أكثر من خمسين عاما، وتعد خيمتها أهم ملتقى للشيوعيين العراقيين واصدقائهم من أبناء الجالية العراقية في فرنسا وفي الدول الاوربية. وازدادت مساهمات الرفاق والاصدقاء من العراق بعد زوال كابوس النظام الصدامي البائد.
وشهدت الخيمة مساء الخميس الماضي ندوة سياسية قدم فيها عضو اللجنة المركزية الرفيق طلعت كريم قراءة متأنية للوضع السياسي العراقي وملفاته الشائكة، مشيرا إلى ان الإنجازات التي تحققت في ظل الحكومة الجديدة ليست في مستوى الطموح، وأنه ما زالت هناك قوى تحاول عرقلة أي إنجاز يمكن ان يتحقق. وبعد أكثر من ساعة من الحديث والتحليل فسح المجال للحاضرين لتقديم المداخلات والاسئلة التي اغنت الموضوع.
أما برنامج الأيام الثلاثة للخيمة أثناء المهرجان فكان غنيا ومتنوعا هذا العام ساهمت فيه مجموعة من الادباء والمثقفين والفنانين من داخل العراق وخارجه.. وبادئ ذي بدء اعدت خيمة طريق الشعب تكريما خاصا للرفيق الفنان التشكيلي صلاح جياد تقديراً للجهود التي بذلها في خيمة طريق الشعب طوال اكثر من اربعين عاما. واقترن المعرض الخاص باعمال صلاح بندوة عنه ساهم فيها الفنانان فيصل لعيبي وغسان فيضي والشاعر جبار ياسين.
من جانب آخر احاطت بملصق الجريدة داخل الخيمة صورتا الراحلين الشاعر ابراهيم الخياط والناشط الرفيق اسماعيل السامرائي.

اليوم الأول

وابتدأت نشاطات اليوم الأول للمهرجان بجلسة تابينية لفقيد الأدب والثقافة الأمين العام لاتحاد الأدباء والكتاب في العراق الشاعر ابراهيم الخياط ادارها الرفيق داود امين. والقى سكرتير مكتب إعلام الخارج للحزب الشيوعي العراقي الرفيق رشاد الشلاه كلمة باسم لجنة الإعلام المركزية للحزب والتي أشار فيها إلى أن ضيف الخيمة هو :
"
رفيقنا الغالي إبراهيم الخياط الذي رحل عنا بأسى وقنوت عميقين. وبفقدانه خسرت لجنة الاعلام المركزية في الحزب الشيوعي العراقي أحد أعضائها، الذي تشهد له بنشاطه واخلاصه ووفائه لمبادئه عبر سنين، عمل خلالها بكل حماس وتفان ونكران ذات".
وقرأ مدير الجلسة مجموعة من أبرز برقيات التعازي برحيل الخياط، واختتمت الجلسة بكلمة للرفيق طه رشيد تحدث فيها عن سجايا الفقيد الخياط، قارئا مقالا سبق وأن نشره بعيد رحيله.
ومن النشاطات السياسية ليوم الجمعة حضور مجموعة من قيادة حزبنا مكونة من أعضاء اللجنة المركزية الرفاق سلم علي، وطلعت كريم وعمار علي للندوة التي أقامها الحزب الشيوعي السوداني في خيمة رفاقنا اللبنانيين، حيث تم تبادل وجهات النظر في ما يجري في السودان ودور رفاقنا الشيوعيين السودانيين المؤثر في أحداث الثورة. كذلك ساهم الرفيق طلعت كريم بالندوة التي أقامها الحزب الشيوعي الفرنسي عن ملف الشرق الأوسط والتي ساهم فيها ممثلون عن احزاب شيوعية من إيران ولبنان وافغانستان.
وخلال الايام الثلاثة احتشد عدد كبير من الزوار في خيمة طريق الشعب للاستماع والاستمتاع بالمقاطع الغنائية الموسيقية التي قدمها الفنانان علي المشاري وعلي عيسى، وكذلك الاغاني التي قدمتها مجموعة من الرفيقات والصديقات من فرقة بابل الغنائية.
واجاد الفنان الشاب زياد العذاري بتقديم عرض للازياء على أنغام عراقية نالت اعجاب الجميع وشاركت الفنانة المعروفة " ملايين " في هذه العروض الجذابة. كما ساهم عدد كبير من العراقيين والفرنسيين بتأدية دبكات عربية وكردية!.

 

عرض مقالات: