غالي العطواني

ضيّفت لجنة المثقفين المحلية في الحزب الشيوعي العراقي، صباح السبت الماضي في بغداد، الكاتب والناقد عباس لطيف، الذي تحدث في جلسة ثقافية حملت عنوان "رباعية أبو كاطع في واقعها التاريخي".

حضر الجلسة التي التأمت على قاعة منتدى "بيتنا الثقافي" في ساحة الأندلس، حشد من المثقفين والأدباء والإعلاميين، فيما أدارها الباحث الاكاديمي د. صبيح الجابر، الذي استهل تقديمه قائلا: "نستذكر اليوم السرديات الجميلة التي كتبها الراحل شمران الياسري (ابو كاطع)، والتي خرجت من صميم الشعب العراقي بتفاصيلها الدقيقة".

ثم قدم سيرة الضيف، مشيرا إلى انه كاتب وناقد حاصل على شهادة البكالوريوس في كلية الآداب بجامعة بغداد، وانه اصدر ثلاث مجموعات قصصية، هي: "شقاء الذاكرة"، "احتفاء بلون الحلم" و "مذكرات ساحة سعد"، وثلاث روايات حملت العناوين "الاعالي" و "رماد الممالك" و "شرق الاحزان".

وذكر مدير الجلسة أن لطيف كتب العديد من النصوص المسرحية، وهو يعمل حاليا رئيس تحرير جريدة "اوروك" التي تصدرها وزارة الثقافة.

الضيف، وفي مستهل حديثه، بيّن ان قراءة سردية شمران الياسري في اجزائها الاربعة، تحتاج إلى دراسة خاصة، متسائلا: هل أن هذه الرباعية سياسية؟ على اعتبار انها تمتد إلى أربعة عقود من تاريخ الشعب العراقي، شهدت تحولات سياسية مختلفة، بدءا من تأسيس الدولة العراقية عام 1921 حتى قيام ثورة 14 تموز 1958 واعلان الجمهورية العراقية.

وذكر لطيف ان الرباعية تحتوي على "عالم سحري" درامي باللهجة الشعبية، وتتضمن صراعات فكرية وطبقية جاءت وفق التغيرات الزمكانية، مؤكدا أنه يرى أن هذه الرباعية واقعية، كتبت من عمق "الديالكتيك الماركسي" من دون انحياز ايديولوجي.

وتطرق الضيف إلى رمزية أبي كاطع في رباعيته، وعزز ذلك بذكر إحدى القصص الواردة في واحد من أجزاء الرباعية، وهي أن أربعة أشخاص كانوا جالسين حول موقد ناري، وأثناء حديثهم، ولا شعوريا، قاموا بنبش رماد النار.

وبيّن لطيف أن رمزية القصة سابقة الذكر، من حيث نبش الرماد، تدلل على نبش التاريخ السياسي والاجتماعي والاقتصادي في العراق منذ العهد الملكي إلى قيام الجمهورية عام 1958.

وألقى الكاتب الضيف الضوء على ما ورد في الرباعية من تجسيد للجدل الماركسي، وتحديدا موضوع "الاقتصاد هو المحرك الحقيقي للتاريخ"، مبينا أن شخصية (حميّد) في الرباعية، تعكس شخصا بخيلا للغاية جمع مبلغا كبيرا من المال في العهد الملكي، وعند قيام ثورة 14 تموز سقطت العملة التي كانت بحوزته، وبقي لا يعي بأن ثمة تغييرا كبيرا جرى في العراق.

وأكد لطيف أن الراحل شمران الياسري شيد افكاره في الرباعية على صراع طبقي تحول بمرور الزمن الى صراع فكري وايديولوجي، مشيرا إلى أن الراحل كان يحمل وعيا فكريا، وقدرة كبيرة على تحريك شخصياته وفق الحس الطبقي والفكر، وكان يؤكد أن السلطوي يسعى إلى المقدس لغرض الهيمنة.

كذلك تناول البيئة الفلاحية في الرباعية، وما ذكره الياسري من تفاصيل عن "ناحية البترة" الغافية على نهر الغراف في محافظة واسط، والتي حصلت فيها انتفاضة شعبية أسماها أبو كاطع في رباعيته "كومونة البترة"، تيمنا بـ "كومونة باريس"، موضحا ان الواقع العراقي كان يتضمن الكثير من الفنتازيا، أو الرؤية غير المألوفة، وأن أبا كاطع حرص على نقل هذه الفنتازيا بواقعية.

وانتهى الضيف إلى أن شمران الياسري "لم يكتب رواية شيوعية أو يسارية، لكنه كتب عن الصراع الطبقي والفكري والايديولوجي في العراق بفكر ماركسي".

وشهدت الجلسة مداخلات قدمها العديد من الحاضرين، وعقب عليها الكاتب والناقد عباس لطيف بصورة ضافية.

عرض مقالات: