سافرت الى، الصين، هذا البلد العظيم، في شهرأيار/ ماي2019، لزيارة ابني آدم الذي

 يحضرللماجستيرفي الجامعة المشتركة بين الصين والدانمارك. وكسائح، وجدت أن هذا البلد قد تقدم وحقق نجاحات كبيرة في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية والتطورالتكنلوجي، وبخاصة في المعلوماتية، في غضون السنوات الأربعين الماضية. ولا تزال مسيرة التطورهناك مستمرة على كافة الصعد بهدف تقليل مستويات البطالة، وتحسين المستوى المعيشي للمواطنين، وتحقيق معدل عال لنموالناتج المحلي الاجمالي لعام 2018 يصل إلي (6 ـ 7) بالمائة بحيث يبلغ ذلك الناتج نفسه ( 13.28) تريليون  دولار امريكي ( حسب مصلحة الدولة للإحصاء ). كما تأخذ جهود التنمية بنظرالاعتبارأقاليم البلد المختلفة وتوزيعها الديمغرافى، وكذلك تعزيزمكانة الصين الدولية. ومن المتوقع أن تحتل الصين في عام 2030، اي بعد حوالي عشر سنوات، المرتبة الأولى في العالم من حيث القوة الاقتصادية.

  • تجولت مع ابني في بعض مناطق العاصمة بكين التي يبلغ عدد سكانها حوالي (22) مليون نسمة من مجموع سكان الصين البالغ ملياروسبعمائة مليون نسمة. وقد شاهدت المعالم المختلفة للحضارة هناك من حيث: كثافة وتنوع الأراضي الخضراء والشوارع والاماكن العامة النظيفة، والكثير من المحلات التجارية ذات الماركات العالمية والمطاعم والسوبرماركات والمقاهي ذات التصاميم الحديثة والعمارات والمباني الشاهقة بتصاميمها المنفتحة على معالم الحضارة العالمية، ومن بينها العمارة المصممة من قبل المهندسة المعمارية العراقية الراحلة زها حديد التى تحمل اسم (Zaha Galaxy Soho Beijing). ولكن كنت ألاحظ درجة من التلوث في الهواء الذي يؤثرعلى التنفس بحيث يضطر الناس الى استعمال الكمامات عند خروجهم الى الشوارع.
  • وما لفت نظري أيضا أن معظم الفئات العمرية من الرجال والنساء والشباب يحملون الهواتف الذكية المصنوعة غالبيتها في الصين، الى جانب هواتف شركات أجنبية مثل،

   ( آيفون وسامسون). إذ  أن هناك العشرات من الشركات الصينية التي تنتج الاجهزة الذكية، والمشهورة محليا وعالميا مثل الهاتف الذكي ( هواوي)،  والتي تباع بأسعار متوسطة

تناسب الجميع. وتستخدم هذه الهواتف على شكل واسع في دفع الفواتير في المحلات والمطاعم والفنادق ووسائل النقل والمواصلات، وعند الدخول الى المتاحف والأماكن الأثرية والتاريخية وغيرها. والى جانب الهواتف، يجري استعمال الكارتات المصرفية المعتمدة لدى الصين، مثل (فيزة وماستر كارت). وبالاضافة الى ذلك، تستخدم اليوم في الصين تكنلوجيا شبكة الجيل الخامس للإتصالات (G5) في نظام الانترنيت، بينما لا تزال دول العالم الأخرىتستخدم  نظام الجيلين الثالث والرابع (G4,G3).

  • تتوفرفي بكين وسائل عديدة للنقل والمواصلات وبأسعار مقبولة: الميتروبقطاراته المتطورة والحديثة والجمالية، ومحطاته وأنفاقه النظيفة التي تقدم الخدمات الأساسية المطلوبة. علما بأن بطاقة المترو تستخدم أيضا في الباصات المتوفرة بكثر. كما توجد سيارات تاكسي بأسعار مقبولة وبماركات العالم المختلفة، والتي يمكن طلبها عن طريق الهاتف المحمول. وتأتى هذه السيارات في أوقاتها الدقيقة وتتميز بحسن تعاملها مع الركاب، وتستلم أجرتها عن طريق الهاتف أيضا. ولكن الإزدحام المروري يحدث في بعض الحالات النادرة، وخاصة بعد إنتهاء أوقات العمل. هذا بالإضافة الى إستخدام الواسع من قبل الصينين في حياتهم اليومية للدراجات الهوائية المختلفة والمتطورة في النقل الشخصي والبضاعة.
  • توجد في بكين الكثير من الاماكن الأثرية والتاريخية، منها: المعابد الدينية البوذية، وقصورها التي يقصدها السواح، مع تقديم مختلف أنواع الخدمات: كالنقل والمواصلات والمتاجروالمطاعم والمقاهي ودورالعبادة. وفي داخلها تجد المعالم الاثرية والتراثية والتاريخية لهذه الديانة الرئيسية في الصين. وتحضي هذه الأماكن باهتمام كبيرمن قبل الدولة للإستفادة منها كمورد سياحي.
  • قمت بزيارة سور الصين العظيم، الذي يعود تاريخ بنائه الى الفترة ( 1368 ـ 1644) م، وهو مبني على جبال واراضي شاسعة تمتد بمسافات طويلة يبلغ طوله (260) كيلومترا وذلك على شكل منصات تبتعد عن بعضها من (300 ـ 500) متر. ويصل متوسط أرتفاع السورالى (7.5) متر، وهو يبتعد نحو ساعتين بالسيارة عن وسط بكين، ويحظى برعاية الامم المتحدة التي أدرجته على قائمة الثراث العالمي سوية مع الأهرامات في مصر، ويعتبر من عجائب الدنيا السبع.وتقوم الدولة بإدامة وتعمير المنشآت والمباني والطرق والمواصلات المحيطة بالسور، وتقدم أفضل الخدمات السياحية من خلال المطاعم والمحلات التجارية، والنقل الكهربائي ( Cable Way) الى منطقة الجبل ومن ثم المشي بمحاذاة السور. ومن أعلى السور يمكن مشاهدة  بانوراما المدينة بشكل جميل ومنسق ومنظم.
  • في بكين، زرت الساحة الرئيسية التي تحمل اسم (تيانانمن)، التي شهدت الإضراب الطلابي عام1989، حيث لايزال أثرالدبابة التي سيطر عليها المتظاهرون، موجودا حتى الآن. وتلقي الحكومة الصينة على جبهة ( ريغان، تاتشر، وكارول بابا فاتيكان السابق، البولندي الاصل، وبالتعاون مع غورباتشوف)، مسؤولية تحريك ودعم تلك التظاهرات، ومحاولة جر الصين الى محور الإتحاد السوفيتي وكتلة أوربا الشرقية التي أنهارت في تلك السنة.
  • شاهدت المدينة القديمة التي يعود تاريخها الى زمن امبراطورية القيصر، والتي هي اليوم بمثابة قرية تتبع العاصمة بكين، وتحتوى على القصور والابنية الجميلة التي تعود هندستها ومعماريتها الى تلك الحقبة من التاريخ. وتعتبر هذه المدينة اليوم من الأماكن التي يقصدها السواح من مختلف أنحاء العالم، مع توفير شتى الخدمات الأساسية لزائرها.
  1. كما قمت بزيارة مدينة شنغهاى، العاصمة الاقتصادية لجمهورية الصين الشعبية، التي يبلغ عدد سكاتها الآن حوالي (27) مليون نسمة، اي بزيادة (5) ملايين عن العاصمة بكين. وهي تبعد عنها حوالي ( 1600) كيلومتر، أوخمس ساعات بالقطارالسريع الذي يسيربسرعة معدل (320) كم/ساعة. ويتميزهذا القطار بدقتة ذهابا وايابا، وتقدم وسائل الراحة والخدمات الضرورية بأسعار مناسبة. وفي الطريق الى شنغهاي، يستمتع المرء بمشاهدة المدن والبلدات الواقعة بين المدينتين والتي تشهد تطورا ملحوظا في تشيد الابنية السكنية والعمارات العصرية بالوانها الزاهية وتصاميمها المختلفة، وكذلك مشاهدة الاراضي الزراعية ومحاصيلها وأشجارها المتنوعة.

ويوجد في مدينة شنغهاي ميناء بحري، وهو أكبر مواني  الصين ومعروف على الصعيد العالمي. ويلاحظ المرء التطور الكبير والسريع الذى تشهده المدينة وضواحيها والذي يتجلى في: الحركة التجارية والمالية والصناعية الواسعة، والشركات العالمية والاسواق والمحلات والمقاهي والمطاعم والفنادق الممتازة، ومحلات الشرب والتسلية الليلية الجميلة بالوانها وإضاءتها وتصاممها العصرية، وعماراتها الشاهقة المبنية على أحدث الطراز المعمارية العالمية، والتي تزين واجهاتها في الليل بالالوان والإضاءات الزاهية الجميلة والمتناسقة. كما أن هناك شوارع  للمشى والتسويق والتسلية التي تبقى مفتوحة لساعات متاخرة من الليل، وحدائقها العامة الجميلة بتصاميمها وأزهارها المتنوعة والمتناسقة، والأماكن القديمة التي تم صيانتها وهي تتناسق وتتكامل مع الابنية والعمارات الحديتة.

وختاما، فأن القيادة الحاكمة والشعب الصيني العظيم تعاهدا على المضي قدما في مسيرة التطور والتقدم لمحاربة الفساد، وتحسين الوضع المعيشي للمواطنين، وتطوير ممارساتهم الديمقراطية وحرياتهم العامة والخاصة، وتحقيق العدالة الاقتصادية والاجتماعية، وذلك  بالإعتماد على الخطط والبرامج الإستراتيجية متوسطة المدى وبعيدة المدى لسنوات (2030 ، 2050) التي تعكس الرؤية الواضحة والشفافة وآليات التنفيذ الفعالة والعقلانية، وصولا إلى الغد المشرق لهذا الجيل والأجيال القادمة، وكذلك لتعزيز دور وموقع الصين في المحافل الدولية من خلال إطلاق مشروعها الكبير( طريق الحرير)، ودورها المتميزفي منظمة شنغهاي للتعاون الإقليمي والعالمي، بهدف تفاعل الصين مع العالم لتحقيق (العولمة الاجتماعية).

 

عرض مقالات: