منذ سنوات وأنا أخط أمنياتي، ومن صميم قلبي، وروحي للمرأة العراقية، أتمنى فيها، أن تحظى بحياةٍ حرّة، كريمة، تعيش، وتحس بالفرح يملأ روحه كسائر نساء العالم المتحضر. لقد تمكنت المرأة العراقية وبسنوات قصير ان تحقق الكثر من الإنجازات لبنات جلدتها.

المرأة العراقية، التي حظيت بقوانين عادلة لسنوات طويلة، جاءتها اليوم، حكومة، وبرلمان، وأحزاب تحاول ان تسلب هذه المنجزات او افراغها من محتواها، تريد أن تضع فوق رأسها قوانين ظالمة، تعسفيّة، تعرّيها، ولا تحفظ كرامتها.!

في عيدها العالمي نتذكر تضحيات نساء العالم من اجل حقوقها المشروعة ونستذكر المرأة العراقية التي تحمّلت وزر الحروب، بفقدان أحبتها، وفقدان المعيل، والعيش تحت حزنٍ شامل!

لمن نكتب أمنياتنا، لتلك التي تعيش التسوّل في الطرقات والشوارع، ولا تملك سقفاً يحميها، أم لتلك التي باعت نفسها من أجل حفنة خبز لأطعام أطفالها، لقمه مغمّسة بالذل والهوان.!

لمن نكتب أمنياتنا، للشابات الجميلات الحالمات، في القرى والأرياف، والمدن، وهنّ لا زلنّ يعِشن، ويئنّن تحت سياط العشيرة والتقاليد البالية، توأد أحلامهنّ الورديّة بزواجٍ فاشل، تدفع ثمنه حياتها، ومنهنّ الكثير، الكثير، ممّن اقدمنَ على الإنتحار، وأنهنّ حياتهنّ، وهنّ بعمر الورد!

  ليس الغريب ألا تعرف الكثير، الكثير من نساءنا، ان لها يوماً خاصاً، تحتفل فيه نساء العالم، يوماً مميّزاً، حصلت فيه المرأة على حقوقها بالقانون، وفرضته بقوّتها هي.

نلومها؟ نعم حين تتوفر لها فرصة للدفاع عن نفسها، لإنتزاع حقها، ولا تنتهزها! ألومها ألا تنتفض بوجه من يريد لها الذل، والإستعباد، وإرجاعها للوراء لإرضاء غريزته الذكورية المريضة والدنيئة، وشعوره بالإنتصار، وهو إنتصار مجلجل بالعار!

سيدتي إن قبلت بقوانين تنتقص وتثلم كرامتك ستدفعين أنت وأبنتك، و أجيال تأتي من بعدك، ثمناً غالياً.

إن لم تدافعي عن نفسك، وتسعي لحياةٍ أفضل، فلن تأتيك على طبقٍ من ذهب أبداً.

انظري للأمام، للأفضل، لمن تعيش العيد والفرح، في أماكن كثيرة من دول العالم، لمن حققّت لها مكانة، وإستقلالية، دون تبعيّة أحد وقطعت شوطاً طويلاً من المعرفة بحقوقها وواجباتها.

إنهضي، شاركي برأيك، كوني قويّة، لن تخسري شيء، بقدر خسارتك في السكوت.

نحن على اعتاب مرحلة جديدة من التغيير، تغيير وجوه تريد لك التأخر في الركب، كوني أداةً للتغيير نحو الأفضل، لا تجاملي، ولا تعطي صوتي لمن لا يحترمك، لمن لا تثقين به، لمن لا يستحق الأمانة. لا تنقادي للعشيرة والقرابة، ولا للطائفة، بل امنحي صوتك لمن يحترم إنسانيتك ويحميك.

دفعت ما يكفي، وعلى مدى سنوات طويلة، وتحملت ما لا يطيقه بشر ولا حجر، لا تقبعي في الزوايا، لا تجزعي، فقط كوني قوية قفي ضد الطوفان، وإلاّ سيجرفك نحو المجهول المظلم.

بهذا فقط، سيكون عالمك أكثر إشراقاً، وأملاً، ستعيش أعياداً دائمة، وأحلام بمستوى طموحك.

تحية للمرأة العراقية في يومها العالمي وليكن تاريخ ونضال المرأة العراقية حافز للعمل من اجل التغيير المنشود تنعم به المرأة بالمساواة والعيش الكريم بظل حكمٍ يؤمّن لها كامل حقوقها المنقوصة

وكل عام وانتنّ بخير.

ِِ

الثامن من اذار يوم المرأة العالمي

د. سلمى سداوي

تعتبر النساء في العالم أجمع، الإحتفال بعيد المرأة، رمزاً للتضامن ومناسبة لتصعيد النضال من أجل نيل حقوقهن المشروعة وحريتهن ومساواتهن الكاملة - غير المنقوصة مع الرجل، وفرصة للعمل من أجل ايجاد حلولا عملية للمشكلات التي تعاني منها المرأة. ولهذا يكتسب الإحتفال جمالاً بشكل عام، وتميزاً خاصا في العراق، جراء ما يعاني منه الوطن من ظروف استثنائية غاية في المأساوية والتعقيد وصراعات طائفية مقيتة وحرب ارهابية ظلامية ومن خراب وفقر وتشرد يعم ارجاء هذا العراق الجريح.  ويأتي هذا التميّز من شموخ العراقيات، وبقائهن بطلات يواجهن الموت بتحدي وكبرياء من اجل بناء عراق علماني مدني ديمقراطي موحد يسوده السلام والعدالة الاجتماعية ويضمن حقوق الانسان.

لقد أصاب أنطونيو جوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، كبد الحقيقة حين قال بمناسبة يوم المرأة العالمي: " في اليوم الدولي للمرأة، فلنتعهد جميعا ببذل قصارى جهدنا للتغلب على التحيّز المترسخ، ودعم المشاركة والنشاط، وتعزيز المساواة بين الجنسين، وتمكين المرأة". فمنذ عصر العبودية ، جرى ترسيخ فكرة دونية المرأة ، كنتاج للنظام البطرياركي في استغلال الانسان للانسان الاضعف (المرأة). وعمد "حكماء" عصر العبودية، واضعو الاسس الفكرية والدينية والاخلاقية والسياسية والاقتصادية لحضارة البشر على ترسيخ هذه الدونية. فهذا افلاطون في جمهوريته يقسم البشر الى طبقتين الروح والجسد، الروح المتمثلة بالفلاسفة والحكام  ذوي الطبيعة الروحانية ومالكي القدرة على التفكير والقيادة، والجسد الذي يشمل الجنود والعبيد والنساء ممن خلقوا للحرب والاعمال الخدمية فقط. وذاك ارسطو الذي إتهم المراة بنقص في العقل يسبب عجزا على  الفصل بين الخير والشر، مما يلزمها الطاعة لتحقيق الفضيلة  والصمت مجد لها والمرأة ليست إلا مُجرَّد (أرض) أو (وعاء) تتم فيها عملية الانجاب. ثم تبع هؤلاء العديد من الفلاسفة الذين أقتدوا بإطروحاتهم اللاإنسانية مثل جان جاك روسو وديكارت وكانت ونتشة وفرويد وحتى بعض الشعراء مثل ابو العلاء المعري، الذي وجد بأن المرأة  لاتجيد الا غزل الصوف وشؤون البيت رغم كل دعواته لمكافحة الجهل والتخلف في المجتمع.

وكما تبنت كل التشريعات البدائية، فكرة دونية المرأة ونقصان عقلها، تبنت جميع الأديان دونية المرأة وتبعيتها للرجل وحصرت مهمتها في الإنجاب وتربية الأطفال، وبالتالي سجنها في البيت، حتى وصل بهم الحال الى مناقشة انسانيتها. ففي  سنة 1586 م عقد في فرنسا اجتماع ليبحث شأن المرأة ، ما إذا كانت تُعدُّ إنساناً أم لا. وبعد النقاش قرر المجتمعون أن المرأة إنسان ولكنها مخلوقة لخدمة الرجل. اما الفتاوي فلا حصر لها مثل ماقاله عبد الرحمن النقيب نقيب اشراف بغداد وأول رئيس وزراء عراقي: " اما تعليم النساء القراءة والكتابة فأعوذ بالله منه، اذ لا أرى شيئا اضر منه بهن، فأنهن لما كن مجبولات على الغدر، كان حصولهن على هذه الملكة من أعظم وسائل الشر والفساد وأما الكتابة فأول ماتقدر المرأة على تأليف كلام بها فأنه يكون رسالة الى زيد ورقعة الى عمرو وشيئا آخر لرجل آخر، فمثل النساء والكتب والكتابة كمثل شرير سفيه تهدي اليه سيفا او سكير تعطيه زجاجة خمر، فاللبيب من الرجال هو من ترك زوجته في حالة من الجهل والعمى فهو اصلح".

ولهذا إرتبط كفاح النساء بمجرى كفاح البشر للتطور، لذا نرى ان المرأة قد نالت جزءً كبيرا من مكانتها وحقوقها في جميع المجتمعات التي نالت حريتها وبنت مجتمعات مدنية يسودها دستور عادل وتعتمد نظام المواطنة. ففي بلدان العالم المتقدم حصلت المرأة على 85-90% من حقوقها في مجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وفي تنظيم حياة الأسرة.  أما في مجتمعاتنا الغير متحررة، فقد برزت أنعكاسات الفكر المتشدد على واقعنا الحالي مما جعلنا وكأننا نعيش القرون الوسطى من المعاناة والحرمان حيث لم تتمتع المرأة بحريتها واستقلالها بل ترزح تحت العنف والظلم الاجتماعي، إبتداءً من التحرش ومرورا بكل اشكال  التمييز وإنتهاءً بالقتل بحجة غسل العار.

والى جانب المؤسسات الحكومية، يوجه المجتمع بتقاليده وفكره المتشدد عنفا موجها للمرأة، مما يجعلها منبوذة وغريبة وبؤرة الشيطان في الاغواء، ولهذا يجب إحكام السيطرة عليها وتكبيلها بخطة رمزية لامرئية عبر العادات والاعراف وبجملة من الموانع والمحرمات التي صنعها الفقهاء في صناعة ذكورية، البسوها برقع التقديس.

ان الخراب الفكري الذي اصاب مجتمعنا وعلى كل المستويات وبالأخص قضية المرأة، أوقع نسبة كبيرة من نسائنا في براثن اليأس والإستسلام لهيمنة الرجل والقبول بالتبعية له، حتى بتنا نرى وللاسف، نائبات برلمانيات يدافعن وبشدة عن مقترح تعديل (أقرأ تخريب) قانون الاحوال الشخصية رقم 88 لسنة 1959، ذلك التعديل الذي يمثل انتكاسة حقيقية وتراجعاً في ضمان حقوق الانسان فهو  يبيح زواج (إقرأ : اغتصاب) القاصرات ويحطم الهوية الوطنية ويمزق النسيج الاجتماعي، فيما تطالب أخريات بتعدد الزوجات.

 كما تعاني شرائح كبيرة واسعة من جماهير شعبنا من تردي هائل في الوضع المعيشي وتصل نسبة السكان الذين يعيشون اليوم تحت خط الفقر المحدد دولياً إلى 35 %، إضافة إلى أن هناك نسبة أخرى تقف عند خط الفقر. وتحتل المرأة موقعا متقدما بين هؤلاء المسحوقين، الذين يعانون أيضا من الأمية (تصل نسبتها في الريف والبادية إلى 75 % بين الرجال و98% بين النساء) ومن الجوع والمرض ناهيكم عن الأمية الحضارية الشاملة.

إن كل ذلك يدعو لتعزيز نضال المرأة العراقية في سبيل حقوقها المشروعة ومساواتها التامة ومن أجل حماية اطفالها وتأمين مستقبلهم. كمل تقع على عاتق المرأة مهمة دعم الحراك المدني الضامن لحقوقها، لاسيما عبر التصويت له في الإنتخابات القادمة.

تحية للمرأة في كل بقاع العالم بمناسبة الثامن من آذار، اليوم العالمي للمرأة . تحية لكل رائدات الحركة النسوية العراقية. تحية إجلال واحترام لشهيدات الحركة النسوية اللواتي سيبقيىن منارا ينير لنا الطريق. تحية للعاملة والفلاحة والمعلمة والطالبة  ولكل نساء بلادي، وليكن الثامن من آذار حافزاً ورمزاً نضالياً، على مدى التاريخ من أجل حرية وكرامة وحقوق المرأة في كل بلدان العالم.

****************************

أذار ورحلة الكفاح المستمرة للمرأة العراقية

راهبة الخميسي

لاتزال امنيات المرأة العراقية تتأرجح بين المرتجى والمؤجل، ولم تحصد غير المزيد من المعاناة والانكسارات المتزايدة والمتلاحقة، رغم كفاحها المستمر.

 فمنذ الحكم الديكتاتوري سيء الصيت، مروراً بالسنوات المعتمة التي تلته، بقيت المرأة العراقية عرضة للقمع في البيت وخارجه، ضحية لغسل العار، خادمة دون اجر، تعاني من البطالة والعوز، وارملة دون معين، او ثكلى تتوحد مع الحزن والحداد، او ضحية لممارسات وظواهر متخلفة كالختان، وتعدد الزوجات، او الذبح لغسل العار، او يتيمة دون راع، او متسولة من اجل لقمة العيش، او اي شكل آخر من الاعتداءات المختلفة التي تخرق الحياء كالتحرش الجنسي وغيره، والتي كان امضها السبي المخزي الذي مارسه الدواعش بحق الاف النساء والشابات الايزيديات المختطفات، والذي يكاد النسيان ان يغطيه بغبار كثيف ويمحوه من الذاكرة، وكان ضمن اخر مظالم المرأة هو معاناتها النازفة بين خرائب البيوت المتهدمة وخيمات النزوح بعيداً عن كل ملامح الحياة الكريمة.

عانت المرأة العراقية من الفقر، من النظرة الدونية وقصر العقل. قبعت زمناً طويلاً تحت ظل الحكومات الشمولية والديكتاتورية الانفرادية، مكممة وخاضعة في عراق تتراكم فيه ملفات الفساد فوق بعضها، ويخاف فيه القضاء من مواجهة الحاكم.

شهدت التصفيات المريعة والتفجيرات المدمرة، شهدت الاختطافات والاعتداءات الجنسية، قبعت في زنزانات السجون وتعذبت تحت اقبيتها، خضعت للزيجات المبكرة بعمر الطفولة، والتي باركتها الفتوات الخائبة، فقدت الاب، فقدت الابن، فقدت الاخ والزوج والحبيب متحملة رياح الحروب المسمومة التي زج فيها عراقنا الحبيب، فوقعت على كاهلها مسؤوليات الحياة الاسرية....ناهيك عن القرارات الغريبة التي يبتدعها افراد تسلطوا ومسكوا زمام التحكم في مقدرات البلاد ومواطنيها، بدولة متهالكة على حافات الانهيار.

وبقي الرفض مستمراً من قبل المرأة، وبقيت المعانات تتزايد لاجهاض المظالم الاضافية التي فرضت وتفرض عليها على الرغم من توقيع الحكومات العراقية على الاتفاقات الدولية والعالمية المناهضة للعنف ضد المرأة، كتوقيع العراق على اتفاقية سيداو على سبيل المثال لا الحصر، ولاتزال المرأة تعاني من الاقصاء والتهميش الاجتماعي في اغلب مفاصل الحياة.

ولقد كان لصعود التيارات الاصولية في العراق تأثير شديد لإعاقة تطوير النظام السياسي، ووضع المرأة العراقية تحت عبودية جديدة تعرضت من خلالها لحملة سياسية وفكرية، اغتصب من خلالها كيان المرأة الانساني، وأوقفها في ظل اوضاع مزرية امام سيناريو اسود يلقي بضلاله على واقع المجتمع ككل، ولكنها تحملت الحصة الاكبر فيه عبر الاختطاف والارهاب الواسع النطاق، وفرض الحجاب عليها تحت ظل التهديد بالطرد من العمل والحرق والقتل، ثم شيوع ظاهرة المتاجرة بالأجساد، وصاحبتها حملة المجازر الصامتة وباسم الاعراف والتقاليد الاجتماعية المقدسة، ففرضت قولبة جديدة لحياة نساء العراق تطالب بها القوى والجماعات الدينية والقومية والعشائرية المتطرفة.

وهاهن نساء العراق في نينوى يعانين الان من اسوأ الظروف والتي تعرضت فيها الأُسر العراقية للتشريد والقتل والهجرة، واجبارها على ترك مناطق سكناها وبيوتها وعدم وجود ملاجيء او مساكن تأوي هذه الاعداد الهائلة من الأُسر، عانت المرأة بسببها من وقع مضاعف كونها ضمن افراد الاسرة اولاً وكونها مسؤولة كأم او زوجة ثانياً.

لقد اختزلت معاناة المرأة في نصوص وقرارات هزيلة تقفز بين حين وحين من هنا او هناك وتعيق تطورها وتمكنها من استرداد حقوقها ومنزلتها الحقيقية في المجتمع، ووحدة وجودها مع الرجل لتحقيق مبدأ الشراكة والالفة على الطريق السليم، لا ان تعتبر اداة لمتعة الرجل وماكنة لتفريخ الاطفال حسب.

ان للمرأة العراقية تاريخاً ودوراً، لها ماض وحاضر، لها فكر ووعي، ولها ممارسة ومعاناة، تحتم ابعادها عن النزعة التسلطية الاستبدادية واساليبها العنيفة، وابعادها عن الخوف والخنوع والسلبية التي تمسخ الشخصية الانسانية، وهذا يقتضي من الجميع عدم المرواحة بين المواجع، بل الصحو في فضاء صحي يعزز تأسيس حقيقي لحياة الشراكة الحقيقية مع المرأة، اذ لايمكن تصور عراق ديمقراطي بدون مساهمة فعلية من المرأة، وان تعنيفها و تهميشها واقصاءها عن ساحة الفعل اليومي الثقافي، يعطل البناء الاجتماعي ويسبب العجز في اداء الدور المطلوب، كما ان العمل على تغيير البنية الثقافية في المجتمع، من شانه ان يعيد تفحص الخلل في العلاقة التراتبية بينها وبين الرجل.

ان رد الاعتبار للمرأة العراقية، لايأتي من خلال عملية تغيير في تشريعات الدستور فقط، او وضع عدد قليل من عناصر نسائية في سدة الحكم ذراً للرماد في العيون، بل يجب ارساء دعائم جديدة في العمل التربوي والاسري، فتحرير المرأة العراقية يبدأ بإعادة النظر في جوهر المناهج التربوية المبنية اصلا على اسس ومفاهيم ذكورية لا تعترف للمرأة بحقوقها الانسانية، بل تضعها في الصف الاخير من المجتمع.

 علينا تفعيل طاقة اكثر من نصف المجتمع المعطلة بعد اخراجها من ادوارها الاولى، الى الاسهام في الشأن الاجتماعي والثقافي، وعلينا ان نحقق نهضتنا المنشودة بانتشال المرأة من حالة التهميش والتغييب والتعنيف والدونية، واختيار الكفاءات المتنورة لاصلاح ماخربه المفسدون، وعدم فسح المجال لإبقاء العناصر التي ساهمت في تهشيم كيان عراقنا الذي لايزال مجتمعه محكوماً عبر ازمة انتقاله الحالي، بفكر اسطوري ضارب الجذور.

ويدرك الجميع ان العراق يمر الان باخطر مرحلة تاريخية، كما يدرك مثقفوه اجندة استحقاقات التقاليد الاجتماعية لهذه المرحلة العصيبة التي تحتاج الى اعادة بناء المواطن العراقي حضاريا وخلق البيئة التي توفر له الثقة بنفسه وبمجتمعه ومستقبله، إضافة الى نظرة تنتقد وتستوعب وتحلل وتبتعد عن قدسية التقاليد والعادات المتخلفة. 

وليس من اليسير التخلي عن النظرة الرجولية التي تمتزج بالمخاوف التي عشعشت في العقول والتي سادت في الغالب على حساب العقلية المنطقية والقوانين الموضوعية، لذا من الصعوبة ان يتحرر الرجل اجتماعياً دون ان تخلق مؤسسات السلطة معطيات اجتماعية جديدة، لا ان يتوقف فيها التاريخ، فالزمن هو وسيلة لاعادة البناء والتغيير، وان تحرير الوعي عند الرجل يأتي اولاً، لكي يستوعب عملية بناء حرية المرأة.

********************************
تحيَّة للمرأة في عيدها...

خلود سامي كريم

نقدم أزكى التهاني وأجمل الأماني السعيدة للمرأة - أينما كانت - في عيدها المجيد ( 8 أذار عيد المرأة العالمي.

لهذا اليوم الخالد أهمية تأريخية بالنسبة للحركة النسوية في العالم، خاصة في الدول النامية وكان إضراب عاملات صناعة الملابس في أميركا هو الحافز للتنديد باستغلال جهد المرأة ومزاولتها للعمل لساعات طويلة مُضنية، وقد عُقدت عدة مؤتمرات وتم حشد الدعم من القوى العاملة لتنال المرأة حقوقها كاملة والاعتراف بها عنصرا فاعلاً في مختلف مجالات الحياة السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية وقد خاضت المرأة نضالاً مريراً في الحصول على بقية حقوقها، ونتيجة لهذا النضال وبمساعدة حركات التحرر في جميع البلدان التوَّاقة للحرية والانعتاق؛ عمدت الأمم المتحدة إلى الاحتفال باليوم العالمي للمرأة 8 أذار واعتبر عيدا تحتفل به جميع نساء العالم، وقد أكد ميثاق الأمم المتحدة في 1945 مارس اتفاقية دولية تؤكد مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة وتحسين وضع المرأة في كل أنحاء العالم، وأصبحت المرأة شريكا مساويا للرجل في تحقيق التنمية والسلام واحترام حقوق الإنسان.

بهذه المناسبة الخالدة نقف إجلالاً للمرأة العراقية المناضلة التي هي الأخرى خاضت نضالا مريرا وقاست صنوفا من القهر والحرمان، ودخلت السجون والمعتقلات وتحدَّت التعذيب والإعدام من قبل تسلّط الحكومات الرجعية والدكتاتورية الدموية البغيضة

ومن ثمرة هذا النضال العتيد أنها حصلت في ظل ثورة 14 تموز عام 1958 المجيدة على بعض المكتسبات التي حققتها الثورة للشعب والوطن ومن هذه المكاسب قانون الأحوال الشخصية الذي حلَّ محلَّ القانون العشائري الديني الذي تجذَّر في عرف الإقطاع والرجعية التي بذرت عبودية المرأة، وجعلتها كسلعة مُلبِّية لأطماع الجهل الديني والتسلّط الحكومي.

بعد أن استبيح الوطن من قبل الاستعمار والعصابات المُنظَّمة والأحزاب الطائفية والعنصرية التي هيمنت على مقدرات الشعب تحت غطاء الدين المُزيَّف، وأفرزت الأفكار الإرهابية والمليشيات المُنظَّمة ضد مكونات الشعب المُسالمة، وطالها التهجير والتشريد والقتل والفقر، وإن الكارثة الكبرى أن أصبحت المرأة والطفولة والأيتام لقمة سائغة للإرهاب ولأطماع الجهل والدين المُزيَّف الذي عمل جاهدا على سلب مكسب قانون الأحوال الشخصية، وتبديله بقانون ينصُّ على تزويج القاصرات في سن مُبكِّر؛ وبهذا تُحرم من الوعي الفكري والتعليم ويجعلها غير قادرة على الدفاع عن نفسها؛ بكونها متأرجحة بين يدي ولي أمرها، أو الوكيل عنها، والزوج المفروض عليها في هذا السن المُبكِّر.

إن كل ما يحدث اليوم للمرأة العراقية بصورة خاصة وطبقات الشعب المحرومة بصورة عامة عبارة عن هجمة ذات وتيرة عالية مُدمِّرة، وهذه رسالة إلى المرأة العراقية الواعية أن تأخذ دورها القيادي وتقف مع القوى الوطنية ذات التاريخ النضالي المُشرِّف الذي يعمل بكل جهده و بكل بسالة للوقوف بوجه الزحف الرجعي والفساد الإداري وجبروته الذي سيطرة على كل مقدرات الشعب؛ ولا يتم القضاء على الأوضاع الشاذَّة إلاّ بوقوف المرأة مع القوى العاملة في الساحة وانتخاب من لهم تاريخ نضالي مشرف، مع التقدير والاحترام للمرأة في كل مكان في العالم، لكل قوى الخير والتقدم التي تدعم حقوقها، تحايا لشعبنا العراقي بكل طبقاته وأطيافه الخيِّرة.

عرض مقالات: