عامر عبود الشيخ علي
ضيّف "تجمع شارع المتنبي" الثقافي، صباح الجمعة الماضية، الباحث والاعلامي عماد جاسم، الذي قدم محاضرة بعنوان "الموسيقى ودورها في ترسيخ الهوية الوطنية".
المحاضرة التي احتضنتها "قاعة علي الوردي" في المركز الثقافي البغدادي بشارع المتنبي، استمع إليها جمع من المثقفين والإعلاميين والناشطين، يتقدمهم رئيس التجمع د. علي مهدي. بينما أدارتها الإعلامية تضامن عبد المحسن، التي قدمت سيرتي الضيف الذاتية والمهنية.
بعد ذلك استهل الضيف محاضرته مبينا ان الهوية الوطنية "هي الصورة الجماعية المتكونة، او الانطباع المتوالد لدى افراد الامة عن انفسهم وثقافتهم، التي هي طابع الاغلبية من الافراد"، مضيفا قوله ان "الناس يعلنون عن تعلقهم بحب الوطن، لأن ذلك يؤكد نوعا من الارتباط بالذكريات والجذور والعلاقات الانسانية الايجابية، ما يعطي اشارة الى ان الهوية الوطنية تدل على تعلق الفرد او الجماعة بالارض وحدودها الجغرافية. فيمكن ان تكون الفنون والآداب والتعاون بين الافراد والتطوع لحماية الوطن، انواعا لا يمكن اغفالها من آليات التمسك بالهوية الوطنية والاعلان عنها".
وأوضح جاسم في معرض حديثه عن الموسيقى في العراق، أن التاريخ العراقي يفخر بالعديد من الاكتشافات والمنارات الثقافية والفكرية "فمثلما كانت بلاد الرافدين مهد الكتابة الاولى، ومثلما شرع في هذه البلاد أول التشريعات القانونية التي دونت على الالواح السومرية، فإنها ساهمت في اختراع اهم الآلات الموسيقية، هي القيثارة السومرية"، مشيرا إلى ان للفرق الموسيقية في الحضارة الآشورية، دورا بارزا في إثارة حماس المقاتلين أثناء الحروب "فكان الملك الآشوري شمشي ادد الاول، المعاصر للملك حمورابي، قد بعث رسالة الى احد عماله في الاقاليم يطلب فيها تجنيد ثلاثة مغنين، لمرافقة الحملة العسكرية الآشورية، وتقديم الأغاني واثارة حماس المقاتلين".
وتحدث جاسم عن كيفية ترسيخ الهوية الوطنية من خلال الموسيقى، مبينا ان لحفلات الشباب وامسيات الموسيقى، دورا مهما في تقليل حالات التعصب في المجتمع، وفي رسم طريق الوئام.
وتابع قائلا انه "بعد سنوات من صمت الحياة الموسيقية والغنائية بسبب ارتفاع طبول الحرب والتشدد الاعمى، افاقت المدن العراقية على احياء واذكاء التاريخ الماضي للفنون عموما، والموسيقى بوجه خاص. فعاودت انوار المسارح تضاء بالمحبة والامل، وصارت الموسيقى تشاع في الحدائق العامة عبر حفلات تنشد للسلام وتنشر ثقافة التذوق الموسيقي".
وانتهى الضيف في حديثه إلى انه "ما زلنا نراهن - نحن الحالمين بعراق متمدن – ونصر على الروح المدنية. ويمكن القول ان الفنون عموما يمكن لها ان تكون اداة لتوحيد واعلان هوية جامعة، ترسخ قيم حب الوطن عبر التذوق الجمالي اولا، والذاكرة الجمعية ثانيا، وبالتالي تخلق فعلا محفزا لتجاهل الاختلافات الطائفية والاثنية والقومية، وللاجماع على هوية عراقية جامعة تكتسب قيمتها من الجذر التاريخي لهذا الحب الجمعي".
وشهدت المحاضرة مداخلات قدمها العديد من الحاضرين، دعت في غالبيتها الى أن يكون لوزارتي الثقافة والتربية والتعليم، دورا في نشر الثقافة الموسيقية، وجعل الموسيقى مادة دراسية في المدارس.
وفي الختام قدم د. علي مهدي شهادة تقدير باسم التجمع إلى الباحث والإعلامي عماد جاسم.