السويد – مالمو – فاضل زيارة

استضافت منظمة الحزب الشيوعي العراقي في مالمو يوم الثلاثاء 2018-10-2 ، الرفيق علي سعيد عضو سكرتارية اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوداني، مسؤول منظمات فروع الخارج للحديث عن السودان ما بين الاستقلال الناجز عام 1956 ولحد الان. ادار الندوة الرفيق صادق الجواهري سكرتير منظمة مالمو للحزب الشيوعي العراقي ، حيث اكد على ان اللقاء مع الرفيق علي سعيد سيكون حوارا رفاقيا مرتكزا على مسؤولية الرفاق في السودان عن تواصل النضال لخلاص الشعب والوطن من الدكتاتورية الغاشمة المسؤولة عن التمزق والتخلف وخراب الدولة ومؤسساتها وعجزها عن توفير الخدمات وانتشار الفقر والبطالة والامية، ناهيك عن اساليب التنكيل والاعتقال والتعذيب والسجن لخيرة ابناء الشعب والمناضلين.

في بداية  حديثه اكد الرفيق علي سعيد على ان المهام الوطنية بين العراقيين والسودانيين مشتركة، ويوجد بيننا تاريخ مشترك وطويل سواء كان في داخل العراق او السودان او في المنافي ، فالعلاقات متداخلة ومتشابهة، فما يجري داخل العراق يمر به السودان، اذ ان الامبريالية لم تترك لشعبينا الحرية في الاختيار الافضل. اشار الرفيق في حديثه عن الحزب الشيوعي السوداني الذي تاسس عام 1946 بانه احدى القوى السياسية المؤثرة في السودان كما انه يعتبر أحد اكبر حزبين شيوعيين في العالم العربي مع الحزب الشيوعي العراقي. تعرض الحزب الى عدة محاولات لتصفيته كما هو الحزب الشيوعي العراقي ولكنه ظل شامخا رغم اعدام اهم قادته مثل جوزيف قرنق وعبد الخالق محجوب وهاشم عطا والشفيع احمد الشيخ عام 1971، ولنا في ذلك اسوة لما تعرض له الحزب الشيوعي العراقي حيث اعدم اهم قادته، يوسف سلمان يوسف ومحمد حسين الشبيبي وزكي بسيم 1949 وسلام عادل في اذار 1963 ، ولكنه بقى فاعلا في الساحة الداخلية العراقية والاقليمية والعالمية. واشار الرفيق الى انه انقضى اثنان وستون عاما منذ ان نال السودان استقلاله السياسي دون ان ينعم بالاستقرار والتطور السلمي الديمقراطي، حيث رزح السودان معظم تلك السنين العجاف تحت نير انظمة شمولية مستبدة تتحمل جل المسؤولية عن المعاناة التي يكابدها السودانيون اليوم ، فقد كانت وما زالت السبب الرئيسي في تغذية وتوسيع وتعميق التوترات الاجتماعية التي تحولت الى حروب اهلية ضروس، نتجت عنها خسائر بشرية ومادية طائلة، وتلوح نذرها الان في مناطق اخرى مهددة وحدة الوطن – شعوبا وارضا – ومنذرة بتفتيته وانفراطه. كما انتهجت الحكومات المتعاقبة سياسات اقتصادية اهملت مهام بناء مقومات الاستقلال وانتشال البلاد من التخلف والارتقاء بنوع حياة المواطنين، وكانت النتيجة تكريس الفقر واتساعه واحكام تبعية الاقتصاد السوداني لدوائر الاستعمار الحديث حتى اصبح السودان يصنف بعد اكثر من نصف قرن من الاستقلال ضمن اكثر البلدان فسادا واقلها تنمية ويعيش اكثر من 95%  من سكانه تحت خط الفقر، كما ان سعر صرف الجنيه السوداني هبط الى مستوى خطير، و التضخم الاقتصادي وصل ذروته مما اربك الحياة الاقتصادية بشكل كامل حيث اصبحت الحياة لا تطاق وهذا ما يحصل من الهجرة اليومية الى الشمال حيث يركب شباب السودان مراكب الموت الى اوربا.

الحزب الشيوعي السوداني يعمل جاهدا في سبيل وحدة السودان الا ان الامبريالية تعتبر ذلك مصيبة كبيرة لذلك فهي تمد النظام بكل ما اوتيت من قوة لمنع ذلك ، لذلك يعتبر موضوع اسقاط النظام مسألة ضرورية ومهمة وطنية ، رغم ان النظام متمترس وراء ترسانة عسكرية ضخمة وجيش مؤدلج غير قادرين على مقاومتها بالكفاح المسلح، لذلك علينا ان نختار طرق اخرى للكفاح، لأن اختيارنا للكفاح المسلح امر خطير حيث اننا نرهن انفسنا وسلاحنا الى الاجنبي، فيصبح النضال الشعبي هو المهم، المطالبات، الاضرابات ، الاعتصامات ، التحالفات . ومن الملفت للنظر انه كلما حصلت محاولة لتوحيد شعب السودان يعقبها مباشرة انقلاب عسكري او نظام شمولي يعطل كافة الحياة السياسية والمستهدف الاول هو الحزب الشيوعي السوداني حيث لا يمكن اغفال دوره سواء اكان في المعارضة او في غير المعارضة، فان راسه مطلوب وذلك لأنه قادر على تحريك الشارع والامثلة على ذلك كثيرة جدا، وخاصة ما حدث في عهد الصادق المهدي 1965 من انتهاكات حيث اجهزت قوات الامن والشرطة على الشيوعيين.

اننا في حزب يؤمن بالتحالفات لذلك طرحنا تشكيل جبهة عريضة حيث لا يمكن لحزب او فصيل واحد من اسقاط الدكتاتورية من النميري الى البشير، ولابد من تكوين حكومة وحدة وطنية تأتي عن طريق انتخابات نزيهة كي تتفادى ما يحصل من صراع في قلب السودان حيث ان كل الاطراف تحمل السلاح، في الجنوب، النيل الازرق، حرب في وسط السودان في ولاية كردفان جبال النوبة، الحرب في دارفور، وحرب الابادة التي تقوم بها السلطة عن طريق سلطة الطيران حي تقصف وترمي البراميل المتفجرة على الاهالي المدنيين الذين يقومون بالعمل الزراعي، اضافة الى مساهمة السلطة في الحرب على اليمن بوجود اكثر من 7000 جندي يقاتلون نيابة عن السعوديين في حرب ظالمة يتحملها الشعب اليمني المدافع عن حريته امام الغزاة. وان الدكتاتورية تستفيد من كل هذا من اجل استمرار حكومات الطوارئ وقيام الاحكام العرفية في البلاد.

يوجد في السودان نوعان من المعارضة الاولى يسارية وفي قلبها الحزب الشيوعي السوداني والحد الادنى لها هو اسقاط النظام، ومعارضة اخرى تسمى نداء السودان، وقد اصبحنا مشاركين فيها ايضا، وتعمل المعارضة اليسارية الى تعديل الدستور والغاء الاتفاقات الدولية التي تضر بمصالح السودان وايقاف الحروب وعودة النازحين الى ديارهم . ومن اجل تفكيك النظام واحلال حكومة وطنية تقود البلاد لمدة اربع سنوات تسعى الى قيام انتخابات جديدة.

اننا نعمل الان على اسقاط النظام من خلال المسيرات الداخلية والخارجية والاعتصامات ومحاصرة قوى الامن من قبل الشعب مطالبين باطلاق سراح السياسيين معتمدين في ذلك على فعل الداخل وقوته زائدا دور النضال العالمي المتضامن معنا والمتمثل بمذكرات الاحتجاج واللقاءات والنداءات وقد نجحنا في تحقيق بعض ذلك رغم وجود قوى توفر قاعدة اجتماعية للنظام بالتعاون مع القوى الاستعمارية الغاشمة وفي طليعتهم الامريكان من اجل ادامة النظام وسيطرته لأنها ترى في التغيير في السودان امر مهم جدا يهدد كافة البلدان التي تحد السودان جغرافيا.

وأشار الرفيق علي سعيد الى مقاربة  حول تحالفات الحزب الشيوعي السوداني مع قوى اسلامية معتدلة وتحالفات الحزب الشيوعي العراقي مع قوى دينية معتدلة ايضا، وضرب مثلا على ذلك في تشكيل تحالف سائرون الذي منح الحزب الشيوعي العراقي قوة اضافية تساهم في القدرة على تغيير نظام المحاصة وتخليص البلاد من الفقر والفاقة وربط اقتصادها بصندوق النقد الدولي، والقضاء على افة الفساد التي استشرت وعملت على تأخير التنمية والتقدم في كافة المجالات. واشار الرفيق الى ان التحالفات من اجل التغيير هي الوسيلة الوحيدة لتحقيق النصر وان الحياة اشبه بقطار متحرك والانتصار يحسم للحركة التي تجيد الاستمرار في النضال من اجل الشعب.

وفي خاتمة اللقاء فتح باب الاسئلة والنقاش مع الحاضرين ، وقد اجاب الرفيق علي سعيد على كافة الاسئلة الموجهة اليه وخاصة ما تعلق بالعقد المفصليه التي تميز بها السودان والتي شجع على وجودها انظمة الحكم بالتعاون مع الدولة الراغبة في ابقاء السودان دولة متخلفة تعاني الامرين  وفي مقدمتها الولايات المتحدة الامريكية غير عابئة بما يتعرض له شعب السودان من بؤس وحرمان على كافة الاصعدة.

ثم شكر الرفيق منظمة الحزب الشيوعي العراقي في مالمو على اقامة هذه الندوة التي استطاع من خلالها توضيح ما يجري في السودان من تطورات هامة.