اذا عدنا الى تاريخ منظمة الحزب الشيوعي العراقي في محافظة الديوانية نجد أن عمر المنظمة بنفس عمر الحزب.
ففي عام 1927 بعد أن شكل الشهيد فهد الحلقة الماركسية الاولى في البصرة والتي كان من أعضائها الشهيد حسن العياش, شكل في مدينة الديوانية حلقة بمعونة الراحل عبد الكريم الاصفر الذي كان انذاك موظفاً في الميناء وارتبط بالشهيد فهد بعلاقة صداقة متينة جعلته يستصحبه معه الى مدينة الديوانية في كل اجازة من العمل, والتي ضمت ندوان الخزرجي, عبد الزهرة الريس, قوطي الريس, وجهاد الاوتجي. وكانت هذه الحلقة هي النواة لمنظمة الحزب في الديوانية. وقد كان للمنظمة امتداداتها في الاقضية والنواحي كقضاء السماوة - محافظة المثنى حالياً, وقضاء الشامية واقضية عفك والحمزة الشرقي وابي صخير.
لا توجد معلومات دقيقة عن تاريخ تشكيل الخلية الاولى في مدينة الشامية أو ريفها. ولكن هناك تأكيدات أن اعوام عقد الاربعينات شهدت تواجد شخصيات شيوعية حكى لي عن بعضها الراحل طاهر عوينة الذي كان انذاك خياطاً في مدينة الشامية ومنها المعلم المسقطة عنه الجنسية العراقية الياهوساسون.
عقد الخمسينات شهد تشكيل اتحاد للطلبة في ثانوية الشامية, بروز شخصيات ديمقراطية شاركت في نضال الشعب العراقي كالمحامي هديب الحاج حمود والمحامي السيد محمود الشريفي والمحامي محمد عبد المصحب. وشهدت أيضاً تشكيل منظمة فعالة للحزب الشيوعي تصدرت نضال فلاحي الشامية وقادت الانتفاضة الفلاحية عام 1954 تلك الانتفاضة التي أثمرت صدور قرار الدولة بقسمة الحاصلات مناصفة بين الفلاح والملاك. وباشرت بتشكيل الجمعيات الفلاحية السرّية التي انتقلت الى العلن حال قيام ثورة الرابع عشر من تموز عام 1958 وبذلك برزت وتربت كوادر حزبية من ابناء قضاء الشامية كان لها دورها في حياة الحزب الداخلية وفي نضاله السياسي العام, وحتى أنها استطاعت أن تكسب الى صفوفها ابناء ملاكين كبار من الحميدات والعوابد وال بدير, وأل فتلة, والكرد, والسادة الميال والسادة أهل العرد والسادة الحلوين والسادة البومكوطر والخزاعل والجبور وبني حسن وأل شبل وأل زياد وال علي والحجام واستطاعت كذلك أن تضم الى صفوفها جمهرة واسعة من أبناء العمال والفلاحين والكسبة والحرفيين من مختلف أرجاء قضاء الشامية.
وما زلت أذكر تلك الهبّة الجماهيرية الواسعة في مختلف ارجاء القضاء وترداد مختلف الشعارات بعد قيام الثورة في الرابع عشر من تموز واتذكر جيداً كيف فرضوا على السلطات المختلفة تطبيق الاصلاح الزراعي سواء بموجب القانون 30 او القانون رقم 117 في مناطق المويهي في ناحية العباسية – عشرات الالوف من الدونمات ثم التعاقد عليها عام 1962 -الوف الدونمات في مناطق المهناوية والصلاحية وغيرها. ولا يمكن ان انسى أبداً كيف استطاعت مجموعة من الرفاق الجماهيريين في منطقة طبر سيد جواد قرب الكوفة في ظل اوسع هجمة ارهابية للسلطة البعثية ضد منظمات حزبنا عام 1971 ان تفرض على السلطات المعنية تطبيق القانون 117 وتوزيع الوف الدونمات على المئات من الفلاحين.
ولقد كان موقف منظمة الحزب في ريف الشامية عام 1963 والتي كان تعدادها انذاك الستمائة رفيق والتي رفعت السلاح بوجه الانقلاب الفاشي في شباط صداه الواسع حتى خارج الوطن لقد حولوا ريف الشامية الى ملاذ للرفاق المطاردين واستضافوا المركز القيادي للحزب والذي تشكل على نطاق الفرات وأمنوا له الصلة مع المركز القيادي في العاصمة بغداد.
وقد قدمت المنظمة خلال نضالها العديد من الشهداء البواسل أذكر منهم هنا على سبيل المثال وليس الحصر : كاظم ال طراد, هادي مشكور, جابر عبد نور, هادي الكعبي, عباس ابو اللول, عبد الامير عباس حمادي, عبد علي شاكر الحلو, شيخ هاشم عبد ملوح, السيد شمال نور الميالي, ناظم عوض الذي استشهد تحت التعذيب من قبل امن الحلة سبعينيات القرن الماضي ويومها كان عضو محلية بابل , السيد جعفر السيد مهدي ابو حنضلة, والشهيد عبد العال العرداوي عضو لجنة ريف قضاء الشامية عام 1971 ، ذياب عبد شلتاغ والشهيد هادي كاظم دريوش عضو مكتب محلية الشامية ابي صخير لدى اغتياله ربيع عام 1966.
وقد أضافت الى مسلسل أمجادها مجداً جديداً بعد سقوط الصنم في 9/ 4/ 2003 إذ تناخى رفاقها من أجل اعادة بنائها على أسس وطيدة وافتتحت لعملها مقرين أحدهما في مدينة الشامية والأخر في مدينة الشنافية وتحول المقران الى مدرستين لتعليم الرفاق مبادئ الشيوعية. صفوف حزبية متتالية يدرس فيها الرفاق الاقتصاد السياسي الماركسي, والفلسفة الماركسية, والاشتراكية العلمية وتاريخ الحزب الشيوعي العراقي والحركة الاممية
ساهمت مع الرفيق محمد عبد العظيم في القاء الكثير من المحاضرات في مقر الشامية, واتذكر جيداً ان الصف الحزبي الذي افتتح قبل بضعة سنوات في مقر الشنافية استمر لما يقرب من عام كامل وباجتماعات اسبوعية منتظمة كنت محاضراً فيها.
وتواصل منظمة الشامية عطاءها، وتبقى مدرسة للمناضلين تستحق الثناء والتقدير.

عرض مقالات: