في مثل هذا اليوم، الرابع عشر من شباط من كل عام، يحتفل الشيوعيون واصدقاؤهم بيوم الشهيد الشيوعي، وهو اليوم الذي اعتلى فيه قادة الحزب منصة الاعدام في العام 1949 بقلوب قوية وهامات مرفوعة، فسجلوا بذلك الموقف ملحمة من الملاحم الوطنية وصفحة من صفحات المجد والعزة التي لا يستطيع التاريخ السياسي في العراق ان يتجاهلها ويطويها.
في هذا اليوم، يتذكر الشيوعيون رفاقهم الشهداء بطريقتهم الخاصة، فلا اجراس تقرع ولا جنائز تسير ولا رايات سوداء ولا معزين، بل تنحصر الذكرى في صورة ملونة لخريطة الوطن ونشيد اممي ودروس من التجربة واصرار على مواصلة الطريق من اجل بلاد خالية من (المتورطين)! والحرامية والذين يتاجرون بمآسينا.
في هذا اليوم ايضا، تنبري اعداد غير قليلة من الاقلام لتخط على الورق مشاعر مختلفة تبلغ من الوجد والانفعال اقصاهما، فتتجلى في مقالة سياسية او سيرة ذاتية او قصة قصيرة او مرثية شعرية او اغنية تحتفي بحضور الغائب الجميل بيننا وتمجد تضحيته العظيمة التي لولاها لتهنا في العاصفة وأكلت عظامنا اسماك القرش!.
الكثير منا في مثل هذا اليوم، يستدعي الزمن والذكريات في محاولة لاستحضار الوجوه والملامح التي غادرتنا في لحظة استثنائية من سنوات العمر، كلّ ذلك يجري من اجل ان نستنهض القيمة الواقعية للتضحية بالروح التي قدمها الآلاف من ابناء الوطن الذين تسابقوا على الموت، لا على تقاسم الكعكة كما فعل اولئك الذين اختصروا الشعب بطوائف ومكونات، وحولوا الكلام عن دولة العدل والمواطنة الى مجرد مزحة!.
نحتفي بالشهداء، لأنهم المرآة التي نرى فيها اولا وجوهنا كما هي بندوبها وتجاعيدها، ونرى فيها ثانيا وجوه الذين يزعقون بأعلى اصواتهم في النهار ويطالبون بالمحبة ونبذ الكراهية وفي الليل يتحولون الى (نصابين)! يسرقون قطعة الخبز من فم الفقير.
لسنا من عشاق القوقعة، ولم نتعود على حياة المتاريس، وما نظرتنا الى الماضي الاّ لنأخذ منه ما يساعدنا على الذهاب الى المستقبل، ومن هذه المسلمة البسيطة، فأنّ من الواجب ونحن في وسط هذا المشهد السياسي الرديء ان نقدم شيئا بسيطا من التكريم لهؤلاء الذين انحدروا من طينة اخرى ووهبوا ارواحهم قربانا لحرية الوطن وكرامة شعبه، فتحولوا الى رموز لأرثٍ وطنيٍ جميل يتغنى به الجميع، فالمجد والخلود للشهداء.

عرض مقالات: